مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

قصة العدد: عقماتا

الشيخ كاظم ياسين


إن هذه القصة التي بين يديك - قارئي الكريم - ليست قصة خيالية نسجها كاتب وحلّق في أجوائها أديب، وإنما هي واحدة من القصص التي صنعتها المقاومة الإسلامية المظفرة في لبنان. وقد أحسن فضيلة الشيخ كاظم ياسين صياغتها في كتاب له "قصص الأحرار".

والقصة هي هذه:
قبل أن تدخل المقاومة إلى منطقة اللويزة لم يكن أحد يعرف تلة عقماتا، واقفة شامخة، أبت وعبر الكثير من ملاحم القتال بين المسلمين واليهود وعملائهم أن تضخع أو تنحني، والذي ينظر إليها يعلم من شكلها على الأقل أنها آبية الانحناء، ولعل اسمها مشتق من عقم وعدم جدوى إخضاعها..

شهدت ومن خلال صخورها وأشجارها التي احتضنت كمائن المقاومين إذلال العدو اليهودي وهزيمته وتكبيده الخسائر الفادحة، فهم امتطوها وذلّلوا وعورها وخبروا طرقها والتواءاتها، حتى غدت لهم بمثابة سلاح أضيف إلى أسلحتهم، فأتقنوا التمويه والاختباء بين ثناياها يترصدون حركة الأعداء ويحرمونه النوم حتى أصبحت هذه التلة شوكة في خاصرتهم وقد بذلوا جهداً في مواجهتها بكل أشكال الضغط العسكري سواء بقصف الطيران أم بالقصف المدفعي أم بالتقدم البري..

ففي صبيحة ذلك اليوم المشهود رصدت العيون الساهرة التي لا تفترق عن أوراق الشجر في شيء لا بلونها ولا بحركتها ولا بحبها وإخلاصها لهذه الأرض ولا حتى بأن مصيرها إذا سقطت واستشهدت أن تدفن في هذه الأرض كما الأوراق.. هذه العيون رصدت لليهود محاولة للتقدم باتجاه عقماتا، كانوا قد أتقنوا تمويه كمينهم فاختلط على مراصد العدو التمييز بينهم وبين ألوان عقماتا إلى الدرجة التي كان اليهود يتقدمون وهم يكادون يمرون بالقرب منهم على بعد أمتار.. كانوا كثيرين ومسلحين بأفضل الأسلحة وكان الاشتباك معهم عن بعد سوف يؤدي إلى أن يتمكنوا من التحصُّن وتطويل المعركة.. فصبراً، ولم العجلة، إنهم آتون إلى فوهة المدفع، والتصويب عن قرب أضمن منه عن بُعْد.. ثم أنهم يرتدون سترات وخوذ وقد لا تؤثر فيهم الطلقات عن بُعد، أما إذا اقتربوا فالطلقات سوف تصيب وجوههم وعيونهم.. تركهم قائد الكمين يتقدمون إلى بعد نصف متر منه شخصياً، وكان أول الواصلين منهم إليه قائدهم وجندي الإشارة، بينما كانت قنبلتان يدويتان،في كل يدٍ قنبلة قد جهزت، وما أن أطل قائد اليهود من خلف الصخرة حتى عاجله بلكمة عنيفة باليد حاملة القنبلة على وجهه فارتمى إلى الخلف نصف قتيل وسط دهشة اليهود الذين شغلتهم المفاجأة عن الانتباه للقنابل التي أخذت تلقى في ما بينهم وتنفجر وتمزقهم أشلاءً..

ولم تمض لحظة على الدوي إلا وكان قد صوّب مدفعه إلى صدورهم ووجوههم يفرغ رصاصه بغزارة وبدون أي لحظة صمت أو توقف.. فوجئوا واختلط حابلهم بنابلهم.. ولشدة ذهولهم أخذوا يطلقون النيران باتجاهات ونحو أهدافٍ لا يعلمون مقدار مدخليتها في المعركة.. فتوهموا كل شجرة وكل صخرة مقاوماً بينما كان الرجال الطاهرون يغيّرون مواقعهم بمهارة أسود الجبال ثم يعيدون مراقبة اليهود ومدى احتمالات تحركهم.

جنّ جنونهم وأخذوا يصبّون حمم نيرانهم على المنطقة بأسرها، وامتلأ الجو بدخان القنابل الدخانية الكثيفة التي أطلقوها للتغطية على سحب جثث قتلاهم.

ما إن سكن الجو وفرغت المنطقة من وجودهم حتى كان الرجال الطاهرون يتقدمون بحذرٍ إلى مكان الاشتباك، ولم يخف عليهم حجم خسائر العدو مع أنه بذلوا جهداً في رمي الأغصان ورش التراب على الدماء التي سالت من قتلاهم.. فكشفها الرجال وأزاحوا عنها التمويه.. ووقفوا يتهامسون.. مَنْ هو الذي يذلّ عقمانا!!؟..



 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع