نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

وصيةالشهيد محمد ياسر السبلاني(*)


بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (آل عمران: 169).




"اللهم كن لوليك الحجَّة ابن الحسن، صلواتك عليه وعلى آبائه، في هذه الساعة وفي كلِّ ساعة، ولياً وحافظاً، وقائداً وناصراً، ودليلاً وعيناً، حتى تسكنه أرضك طوعاً، وتمتّعه فيها طويلاً، برحمتك يا أرحم الراحمين". وصلّى الله على سيّدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تحويه المشاهد، أحمده وأُثني عليه حمداً لا ينقطع أبداً، ولا يحصي له الخلائق عدداً، الذي أمرنا بالجهاد ضدّ الكفار، والدفاع عن الدّين الحنيف بالحق، ولا نكون نحن المعتدين، إذ قال (تبارك وتعالى): ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (آل عمران: 190) صدق الله العليّ العظيم.

على الإنسان أن يجعل حب الله والتوجّه له بالعبادة قلباً وفكراً هدفاً أمامه في كلِّ حين، ويسعى أيضاً لطلب الدنيا، ولكن الدنيا الحلال التي عبّر عنها سيِّد الكلام أمير المؤمنين عليه السلام بوصفه: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً"(1). تحدّثنا عن الحياة في الدنيا، فما أروع أن نعيش أعزّاء، وقد أنعم الله علينا بالجهاد، ورَفض الظلم والذل بوجود المقاومة الإسلامية التي أعزّت الأمة بهزمها للصهاينة. وإذا تحدّثنا عن الآخرة فهل يوجد أفضل من القتل في سبيل الله، لنيل السعادة، للّقاء بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبالأئمة عليهم السلام في دار الآخرة؟

إخوتي المجاهدين: أمّا أنتم أيها الأحبة، يا من اخترتم طريق ذات الشوكة، يا أبناء محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلام، يا من امتثلتم لقول سيّدكم أبي عبد الله عليه السلام الذي قال: "لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برماً"(2)... لا أوصيكم بحفظ المقاومة الإسلامية؛ فوالله أنتم الأمناء على العرض والأرواح والدماء، ولكن أوصيكم بنبذ الفتن فيما بينكم، والتراحم والتحابب.

أمي الحنون: وأما إليكِ يا أمي الغالية أقول: لو جمعت جميع الحروف لأعبّر عن مدى شكري وامتناني وحبي؛ لما وفيتكِ من الجهد والكدِّ والتعب الذي بذلتِه في تربيتي التربية الصالحة، وفي تعليمي لحب فاطمة وآل فاطمة عليها السلام.

أمّي الحنون، أنت التي علّمتنا أن نصبر في وجه المحتل، ونقاتل في سبيل الله، ونسقط شهداء في سبيل الله، وعلى أن نحافظ على بيضة الإسلام الحنيف. وأرجو منكِ الصبر والدعاء لي، والطلب الأخير إليكِ هو عدم البكاء، لأنَّ دموعكِ غاليةٌ غالية.

أبي الحنون: أما أنت أيها الكادّ علينا منذ الصغر، يا مَن زرعت فينا الكرامة، والشهامة، والرجولة، يا والدي العزيز؛ أُلقي عليك تحيّتي، أسألك المسامحة على التقصير الذي بدا مني، وأشكر جهدك الذي لم أكُن لأوفيك إياه. والدي أنتَ الذي عرَّفتني أنَّ الحسين عليه السلام شهيدٌ يبقى خالداً، فمنك نهلت حبه.

والديّ العزيزين: إنَّ الشهادة هي لتحيا الأمة بالشرف والسعادة، [وعليك](3) أن تقدِّم نفسك شهيداً كما علَّمنا الحسين عليه السلام في كربلاء؛ وأن لا تبقى في الشقاء... وأرجو الله العزيز أن يوفِّقك أنت وجميع أهلي بما فيه مرضاة الله (عزَّ وجلّ)، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


(*) وصية بصوت الشهيد - استشهد دفاعاً عن المقدّسات بتاريخ 19/5/2013.
1- اشتهر هذا القول عن لسان أمير المؤمنين عليه السلام وهو مروي عن الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام.
2- اللهوف في قتلى الطفوف، السيد ابن طاووس، ص48.
3- ورد في الأصل: (فأما). الموثّق.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع