عصام البستاني
ويشب ذلك الفتى الأسمر في بيت حسيني علوي وفي منطقة تعلبايا حيث مرحلة الطفولة، وبين أترابه كان المميز دائماً كالقمر بين النجوم، وقد كان دائم التفكر والهيام، يلعب ويرتع ولكن الوعي المبكر بأن في حركة ذلك الفتى ولم يستطع أن يخرج ما في قلبه فهو بحاجة إلى بحرٍ يستطيع أن يستوعب طموحاته وأفكاره...
إنه الشهيد المجاهد الشيخ محمد مصطفى الذي تشرفت أسرته بولادته في العام 1962 وبعد أن انتقل مع أسرته من بلدة تعلبايا إلى مدينة بعلبك حيث تابع دراسته الثانوية وأثناءها وجد محمد مصطفى ضالته في بحر الإمام موسى الصدر فمشى معه وفي دربه وكان من المؤسسين للعمل الإسلامي الجهادي وبعد غياب الإمام الصدر انطلق الشهيد إلى صدر أرحب فالتحق بصفوف الحرس الثوري الإسلامي فكان حركة دائبة وإسلامياً لا يهدأ وطموحاً لا تحده حدود، فأسرج الليل مطية وانتقل إلى الجمهورية الإسلامية حيث تابع دراسته في الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة وبعد عودته إلى الوطن كان يحمل في ضميره شعاراً تعلمه من كلمات المعصوم بأن مدار العلماء أفضل من دماء الشهداء فاستمر بتحصيل العلوم الحوزوية في مدرسة الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف في بعلبك ولأن الطموح لدى ذلك الشاب لم تكن لتحدّ على حدود نطلق ليحصل الفضل الثاني فضل دماء الشهادة فحمل دمه على كفه وعلى بيرقه وتوجه إلى أرض القداسة في عاملة والبقاع الغربي ليصون تل الأرض من دنس الاحتلال فشارك في عمليات المقاومة الإسلامية وكمائنها ورابط في تلك الأرض ولكن اللَّه اختاره شهيداً أثناء دورة تدريبية كان يقوم بها مع المجاهدين في شهر رمضان وذلك بتاريخ 12/4/1988 وقد ترك الشيخ الشهيد محمد مصطفى وصيتين نقتبس منهما:
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله ومخافته لأن الإنسان خليفة الله في أرضه والإنسان لا يلبث في هذه الدنيا إلا قليلاً، سلامي إلى أخوتي في المدرسة الدينية وأساتذتي وأسألكم المسامحة وأوصيكم بالدعاء إذا كتب الله لنا ما نتمناه من النصر أو الشهادة، وأرجو منكم الصبر لأنني اخترت طريقي هذا بملء إرادتي لأنه طريق الحق طريق الحسين عليه السلام وأصحابه، أوصيكم يا أخوتي أن تسيروا على هذا الخط الذي أمرنا اللَّه به.
ومن الوصية الثانية:
زوجتي العزيزة أوصيك بالصبر وتقوى الله وأطلب منك أن تسامحيني إذا قصرت يوماً في خدمتك وتعيني أخوتي وأهلي على الصبر وأن تكوني القدوة كزينب عليه السلام.. لا تحزني كثيراً وتذكري مصاب زينب عليها السلام... أقيمي مجالس العزاء وأنا مسامحك بكل شيء واذكري أن هذه الدنيا زائلة.