إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد

قصة العدد: أرسل أخرى

الشيخ كاظم ياسين

إن هذه القصة التي بين يديك - قارئي الكريم - ليست قصة خيالية نسخها كاتب وحلَّق في أجوائها أديب، وأنما هي واحدة من القصص التي صنعتها المقاومة الإسلامية المظفرة في لبنان، وان فضيلة الشيخ كاظم ياسين قد أحسن صياغتها في كتاب له "قصص الأحرار" فإليكموها..


(العناية الإلهية والإمداد الغيبي هو كل ما لدينا)

كلما مضى الزمان، ومنذ اللحظات الأولى لولادة المقاومة الإسلامية في لبنان تزداد هذه القناعة رسوخاً في ضمير العاملين في حقل المقاومة وفي إحساس المحيطين بهم والمتابعين لأنشطتهم.. وقد تداخلت هذه الفكرة مع كل ما له علاقة بالمقاومة حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من فكرها وخطها واستراتيجيتها وأصبحت خزاناً لا ينضب يأتي منه الحل دائماً لكل مشكلة والفرج عند كل مأزق وحتى غدت المبنى الذي على أساسه يصبح مقاوماً من يريد الانضمام إلى القافلة..

كان دور مجموعة الصواريخ في مسلسل العمليات الكبرى محدوداً ضمن مهمة الرمي على موقع (...) وإشغاله عن التأثير في مخطط الهجوم الحقيقي على مواقع أخرى يراد تحريرها وإيهام العدو في اللحظات الأولى للهجوم أن الهجوم الرئيسي إنما هو على هذا لموقع.. ولذلك لم يكن تحقيق إصابة تامة في الموقع مطلوباً بالدرجة الأولى والأساسية، ورغم ذلك فقد حاولت المجموعة جهدها تحقيق هذه الإصابة، فالقصف قصف، والمعركة قد اشتعلت والراجمة أخذت تعمل والقذائف تنزل على رؤوس المعتدين فلماذا لا نبذل جهدنا في تحقيق إصابة تامة؟!.

وقد كان صوت الموجه واضحاً على الجهاز اللاسلكي وهو يقرِّب ويبعدِّ مراقباً سقوط القذائف فقد كان قريباً من موقع العدو بينما كانت مجموعة الرمي مع راجمتها بعيدة، بينها وبين الموقع جبل عالٍ يمنعها من الرؤية المباشرة للهدف..

وبعد كل رميةٍ كان آمر المجموعة يصغي إلى الجهاز، ثم يقوم بتعديل وجهة الراجمة أفقياً أو عمودياً ثم يرسل رميةً أخرى.. وأخذت رشقات الراجمة تنهال على الموقع ويقترب أكثر فأكثر من قلبه.. وهنا ارتفع صوت الموجِّه على الجهاز:

- يا اللَّه، آخر رشقة، عدّل وضعك، خمسون متراً إلى الإمام التفت آمر المجموعة إلى الرماة، وسرعان ما اكتشف أن الصواريخ قد نفذت، وبما أن مستودعهم كان بعيداً عنهم مسافة لا تقل عن مئة متر، والطريق وعرة وصاعدة، فإن إحضار هذه الكمية الأخيرة كان يتطلب مع أقصى سرعة للشباب ربع ساعة على الأقل..

فوجئ آمر المجموعة، فلم يكن يقدر أنه سيحتاج لتحقيق الإصابة التامة إلى أكثر مما رماه من صواريخ، وقطع عليه الموجِّه حبل تفكيره:
- ماذا تنتظرون، رشقة واحدة، خمسون متراً إلى الإمام.. هل تسمعني؟
- صحيح، أسمعك.. إنتظر..

والتفت إلى الشباب:

- لا يوجد فرصة أخرى، بسرعة إلى المستودع..
وهبطوا جميعاً يقفزون من صخرة إلى صخرة، والآمر معهم كي يحمل معهم أكبر عدد ممكن من الصواريخ.. وبعد لحظات علا صوت الموجّه ثانية:
- لا إله إلا اللَّه، ماذا تنتظرون يا أخي، هل تسمعني؟
خمسون متراً إلى الإمام..
لم يبال بالرد عليه، فلا فائدة في الكلام الآن، والمطلوب إحضار كمية من الصواريخ بأقصى سرعة وبدون تعطيل..

ما أن دخلوا المستودع.. حتى ارتفع صوت الموجِّه:

- اللَّه أكبر، اللَّه أكبر!! جاءت في قلبه، أرسلْ أخرى..
دهش الآمر، والتقت عيناه بعيون الشباب الذين كانوا يصغون أيضاً إلى الجهاز..
- ماذا يقول؟
وبهدوء خاطبه الآمر على الجهاز..

- ما هي التي جاءت في قلبه؟ نحن لم نرم بعد!.
- الآن وقت المزاح؟ (اللَّه يسلّم ديّاتك)، أرسْل أخرى يا أخي لقد وقعت الصواريخ في قلب الموقع..
كانوا بعد قليل، وعلى أكتافهم الطاهرة يحملون الصواريخ صاعدين إلى الراجمة، لإرسال أخرى.. وهم يرددون ضاحكين.
- إن الملائكة تقصفهم معنا.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع