نهى عبد الله
حلّ الأرنب ضيفاً في غابة الضوء، التي عُرفت بين الغابات أن لحضور حُكّامها إشراقَ شمسٍ مبهراً، فلم يظهروا قط إلا وتملّك ضوء الشمس من الغابةِ كلها، حتى أن أشجارها الخضراء تبدو غايةً في الاصفرار، لحظةَ ظهورهم!
دُهش الأرنب لميزة هؤلاء الحكّام، فيقال إنهم ينحدرون من سلالة الأسود الفريدة، فلا يتجرأ أحد على رؤيتهم، وأوامرهم نافذة لا تُعصى. أهمّ قوانينهم أن يقدم كل فرد بيضةً كضريبة يومية.
ما عدا هذا النظام، تسود غابة الضوء فوضى عارمة، حيث تتكدس المهملات في كل مكان... وخوفاً على البيض من السرقة، هجرت الطيور الغابة، واحتلت الثعابين الأشجار!
حانت ساعة حضور الحكّام، واجتمع السكان في الساحة العامة، ينتظرون لحظة الانبهار، التي أعلنتها الطبول... وما إن لمح الأرنب خيالات بعيدة، حتى غدر الضوء بعينيه فأغمضهما سريعاً، ولم يعد قادراً على النظر، ولا تمييز أشكالهم، من شدّة الانبهار، ولم تتكفل أصواتهم بالإجابة عن سؤاله: من هم؟ ولم هكذا يحكمون؟
التفّ الأرنب خلف الأشجار من جهة معاكسة لضوئهم... ارتخت عيناه واستطاع النظر... وتراجع إلى الخلف ليتحقق مما أبصر!
كانت مجموعة ضخمة من المرايا مرصوصة لتعكس ضوء الشمس فتبهر عيون الحاضرين، وتفقدهم القدرة على التمييز... وبخفّة، غيّر الأرنب الزوايا، فاعتدل الضوء... وتفاجأ الجميع بأن حكّامهم ليسوا إلا مجموعةً من الجرذان الكسولة، التي تقتات على الضريبة اليومية...
فلنحذر الانبهار، ليعود البصر!