الشاعر خليل عجمي
تهيَّأْ يا ابن آدم للرحيلِ |
فما لكَ عن رحيلك من بديلِ |
فأنتَ أمانةٌ ستُردُّ يوماً |
لخالقها إلى الربّ الجليلِ |
وأنتَ مُعَرَّضٌ في كلِّ يومٍ |
لأن تهوي لذاك المستطيلِ |
وما دام الرّدى في النّاس يجري |
فكُنْ يقِظاً لهُ قبل الحصولِ |
أخي وعلامَ لا تخشى المنايا |
وقد قرُبتْ إليكَ من الوصولِ |
وفي كفِّ الردى حبلٌ خفِيٌّ |
يشدُّكَ نحوَهُ من ألف ميلِ |
وكفُّ الموتِ إن وقعت علينا |
ستحصدنا كأزهار الحقولِ |
عجبتُ لِمن يرى الدنيا صعوداً |
ولم يحسِبْ حساباً للنزولِ |
فإنّ وقوعَهُ سيكون ويلاً |
عليهِ وهْو يهوي كالذليل |
يمرُّ الناسُ في الدنيا تباعاً |
ويرتحلونَ جيلاً بعد جيلِ |
فمنهم مَن يعيش بها طويلاً |
ومنهمْ لم يعشْ غير القليلِ |
وما قِصَرُ الحياةِ بِهِ انتقاص |
وليس العيش بالعمرِ الطويلِ |
فرُبَّ مُعمِّرٍ قد عاش قرناً |
يمرُّ كأنّه جذع النخيلِ |
وآخرَ لم يعشْ إلّا قليلاً |
ويبقى ذكره بعدَ الرحيلِ |
أمامَ الموتِ يخرسُ كل شيءٍ |
وموتُ الأرضِ أكثر من دليلِ |
ولو كان الردى في الناس ظُلماً |
لما وقعَ القضاءُ على الرسولِ |
فمَن شاءَ الحياةَ لهُ خلوداً |
فذلكَ غارقٌ في المستحيلِ |
فلِلّهِ الخلودُ وما علينا |
سوى التّسليم والصبر الجميلِ |
ولَو أن الحياةَ بدون موتٍ |
لصار بها الأنام بلا عقولِ |
ولو دامتْ لنا الدنيا لكنّا |
خَرَبْنا الأرض في عرضٍ وطولِ |
فإن رحيلَ أهلِ الأرضِ عنها |
أراحَ الأرضَ من عبءٍ ثقيلِ |
فتلكَ مشيئةُ الرحمنِ فيها |
لِتثبيتِ القواعد والأصولِ |
إذا ما البينُ زاركَ ذات يوم |
فلا معنىً لرفضٍ أو قبولِ |
لأنك ميّتٌ من دون شكٍ |
ولو قُمتَ القيامة بالعويلِ |
لذلك فاتَّقِ الرحمان واجعلْ |
حياتكَ مصنَع العملِ الفضيلِ |
تواضعْ واتّزنْ واعملْ وجاهدْ |
فتلكَ مبادئُ الرجلِ الأصيلِ |
فإنَّ تواضعَ الإنسان نهجٌ |
يُنزِّهُهُ عن العمل الرذيل |
تصدَّقْ ما استطعتَ على اليتامى |
وساعدْ كلَّ محتاج عليلِ |
فليس من استلذَّ بجمع مالٍ |
بمُحتاجٍ لهُ كابنِ السبيلِ |
فحاوِلْ أن تكونَ فتىً كريماً |
ولو ساهمتَ حتى بالقليلِ |
فذو الإحسان يرضى الله عنهُ |
ولا يرضى عن الرجلِ البخيلِ |
FIFI
فريال
2016-01-13 15:20:31
جميل ممتاز