* أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم
روى قيس بن حازم أنّ رجلاً أتى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فلمّا حضر أصابته دهشة ورعدة، فقال له النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: "هوّن عليك، فإنّما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد" وإنّما قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك حسماً لمواد الكبر، وقطعاً لذرائع الإعجاب، وكسراً لأشر النفس، وتذليلاً لسطوة الاستعلاء.
ودخل عليه – صلوات الله عليه – عمر بن الخطاب فوجده على حصير قد أثر في جنبه، فكلّمه في ذلك، فقال صلوات الله عليه وآله: "مهلاً يا عمر أتظنّها كسروية" يريد صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّها نبوة لا ملك.
* أمانان من عذاب الله
روى محمد بن علي الباقر عن أبيه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال: كان في الأرض أمانان من عذاب الله سبحانه وتعالى، فرفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به، أمّا الأمان الذي رفع فهو رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وأمّا الأمان الباقي فهو الاستغفار، قال الله جلّ من قائل: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون". قال صاحب نهج البلاغة: وهذا من محاسن الاستخراج ولطائف الاستنباط.
* ذكاء أعرابي
حكى الأصمعي قال: كنت أقرأ "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله غفور رحيم" وبجنبي أعرابي فقال: كلام من هذا؟ فقلت: كلام الله قال: أعد، فأعدت. فقال: ليس هذا كلام الله، فانتبهت، فقرأت والله عزيز حكيم، فقال: أصبت، هذا كلام الله، فقلت: أتقرأ القرآن؟ قال: لا. فقلت فمن أين علمت؟ فقال: يا هذا عزّ فحكم فقطع، ولو غفر ورحم لما قطع.
* طاوس وهشام بن عبد الملك:
قدم هشام بن عبد الملك حاجاً أيام خلافته، فقال أئتوني برجل من الصحابة، فقيل قد تفانوا، قال: فمن التابعين، فأتي بطاوس اليماني، فلما دخل عليه خلع نعله بحاشية بساطه ولم يسلم عليه بإمرة المؤمنين، بل قال السلام عليك ولم يكنه، ولكن جلس بإزائه وقال: كيف أنت يا هشام؟ فغضب هشام غضباً شديداً، وقال: يا طاوس ما الذي حملك على ما صنعت؟ فقال: وما صنعت؟ فازداد غضبه وقال: خلعت نعلك بحاشية بساطي، ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين، ولم تكنني، وجلست بإزائي، وقلت: كيف أنت يا هشام. فقال طاوس: أما خلع نعلي بحاشية بساطك؟
فإنّي أخلعها بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات فلا يغضب عليّ لذلك، وأما قولك لم تسلم علي بإمرة المؤمنين، فليس كل الناس راضين بإمرتك، فكرهت أن أكذب. وأمّا قولك لم تكنني؟ فإنّ الله سمى أولياءه، فقال: يا داود، يا يحيى، يا عيسى، وكنى أعداءه، فقال: تبت يدا أبي لهب. وأما قولك جلست بأزائي؟ فإنّي سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقولن: "إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام، فقال هشام: عظني، فقال طاوس: سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنّ في جهنّم حيات كالتلال، وعقارب كالبغال تلدغ كلّ أمير لا يعدل في رعيته، ثم قام وهرب.
* نصيحة:
قال بعض العارفين: إنّ الشيطان قاسم أباك وأمك أنّه لهما لمن الناصحين، وقد رأيت ما فعل لهما، وأما أنت فقد أقسم على غوايتك، كما قال الله تعالى حكاية عنه: "فبعزتك لأغوينهم أجمعين" فماذا ترى يصنع بك، فشمّر عن ساق الحذر منه ومن كيده ومكره وخديعته.
* عبادة على حرف:
حدث أبو عمرو الزاهد قال: دلّك بعض المرائين جبهته بثوم وأبقاه وعصبه ونام ليصبح بها أثر كأثر السجود، فانحرفت العصابة إلى صدغه، فأثر الثوم هناك، فقال له ابنه: ما هذا يا أبتِ؟ فقال: يا بني أصبح أبوك ممن يعبد الله على حرف.