مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

البصل: الدواء المعجزة


د. أماني سعد ياسين(*)

"البصل الدواء المعجزة"... هكذا يمكن أن نطلق على البصل لننصفه حقه، فهو بجمل قصيرة:
أ - مضاد طبيعي للميكروبات Antibiotic.
ب - مضاد للأمراض السرطانية ولأمراض القلب.
ج - مضاد للالتهابات وللحساسيّة.
وغيرها الكثير... فما هي فوائد البصل بالتفصيل؟!

*البصل في الطب القديم
لقد احتلَّ البصل منذ قديم الأزمان مكانةً مرموقةً بين الأغذية لما عُرِفَ له من قدرات غذائيّة ودوائيّة مهمة.
وعُرِفَ البصل منذ ما يقارب 5000 سنة إذ وُجِدَت له رسومات عديدة في مصر القديمة. وقد كان الفراعنة يُقدِّسونه ويدّعونَ لهُ مرتبةً عظيمةً.
كما استفاد الإنسان من البصل لعلاج الكثير من العلل والأمراض. ومما يُروى أن جيوش الحلفاء ما كانت لتنتصر في الحرب العالمية الثانية لولا البصل!! فقد انتشر الوباء بين الجنود حتى ظنَّ الحلفاء أنهم سيخسرون الحرب جرّاء ذلك لولا أن أتى الأمر من الأطباء حينها للقادة العسكريين بتأمين البصل للجنود وكان في ذلك علاج وبائهم.. وربحوا الحرب!
وسبقهم في ذلك بمئات السنين قول الرسول الأكرم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا دخلتم بلدةً وبيئاً فخِفتُم وَباءَها فعليكم ببَصَلها"(1).

*البصل في الطب الحديث
لقد أثبتَ الطب الحديث بما لا يقبل الشك الكثير مما ذهبَ إليه الأطباء القدامى، خاصةً بعدما أظهر الكثير من الدراسات العلمية فوائد ومنافع كبيرة للبصل لم تكن تُعرَف له من قبل!
ومن المهم معرفة أنَّ البصل حصَّل موافقة المجتمع العلمي الدوائي على صعيد العالم وأهمها موافقة المجموعة الألمانية للدواء الطبيعي (commission E)، وهي أهمّ مرجع معتمد للدواء النباتي في أوروبا.

كما أنّ البصل هو من أغنى المصادر الغذائية بمحتواه من الفيتامينات والمعادن الضرورية لسلامة الجسم عموماً. وهو من أغنى الخضار والأغذية عموماً، حيث يحتوي على نسبة كبيرة من المنغنيز (manganese) والكروميوم (chromium) والبوتاسيوم وكذلك من الكالسيوم والفسفور والمغنيزيوم والحديد والزنك .

كما يحتوي البصل على نسبة عالية من الفيتامينات، وفي طليعتها الفيتامين C، إذ يحتوي على ما يقارب 20 بالمائة من حاجة الجسم اليومية منه في الحصة الواحدة أي بصلة واحدة متوسطة الحجم. كما يحتوي على نسبة مهمة من مجموعة فيتامينات B المركّبة B-complex vitamins والفوليك أسيد Folic acid.

*الغذاء الشافي
إلّا أنّ ما يُميِّز البصل حقّاً ويضعه في مصافّ الأغذية الشافية هو محتواه من مواد كيميائية خاصّة تدعى العناصر النباتية الكيميائية (الفيتوكميكال - Phytochemical). هذه العناصر ثبُتَ أنَّ لها القدرة على الوقاية والشفاء من عددٍ غير قليل من الأمراض بعضها مزمن وبعضها قد يؤدي إلى الموت كالإصابة بالجلطات القلبية والدماغية!
والبصل غنيٌّ جداً بهذه العناصر الكيميائية الدوائية أي الفيتوكيميكال الموجودة فيه بوفرة وهي نفسها التي تتحوّل في أثناء عملية تقطيع البصل على أنواعه إلى زيوت طيّارة تُزعج الحاضرين في المكان وتحفِّز الدمع للانهمار بقوة!

ولله في ذلك حكمة ، فما يسبِّب الضيق هو نفسهُ ما يُفيد، فهذه المركّبات هي التي تُكسِب البصل فوائده العلاجيّة الكبيرة بسبب قدراتها المضادة للميكروبات والفيروسات وللالتهابات عموماً. فقد أثبتت الدراسات أنّها فعّالة بشكلٍ خاص في محاربة أنواع معينة من الميكروبات، نذكر منها: السالمونيلا تيفي (salmonella typhi)، وكذلك الجرثومة الشهيرة المسؤولة عن الإصابة بالإسهالات والتهابات المسالك البوليّة المتكرِّرة لدى الأطفال بشكلٍ خاص والمُسمّاة إيشيرشيا كولي (Escherchia coli).

*البصل ثروة
مضافاً الى هذه العناصر المضادة للميكروبات، يحتوي البصل على ثروة كبيرة من المركبّات الدوائية النافعة التي تمتاز بقدراتها الكبيرة على محاربة الأورام السرطانية على أنواعها وأمراض القلب والشرايين وأمراض الشيخوخة كافةً.
وفي دراسة أُجريت حديثاً في نيذرلاند Netherland ثَبُتَ أنَّ الأشخاص الذكور الذين تناولوا يومياً مقدار ربع كوب من البصل مع تفاحة واحدة وأربعة أكواب من الشاي، انخفضت لديهم نسبة الوفاة الناتجة عن الإصابة بالسكتات القلبية والدماغية حتى حدود النصف تقريباً مقارنةً بالأشخاص الذين لا يتناولون إلا كميَّات قليلة من هذه الأغذية النافعة!

هذا مضافاً إلى أنَّ البصل يتميَّز بقدرته الكبيرة على تسكين الأعراض المترافقة مع مرض الربو (Asthma)، فبحسب قول الدكتور بلوك الأستاذ المحاضر في مادة الكيمياء في جامعة نيويورك: "إنَّ البصل يحتوي على مُركّبات السولفور التي تمنع ردود الفعل الحسّاسة والالتهابية كتلك الموجودة عادةً في الربو" .

من هنا، فإنَّ إضافة البصل إلى الغذاء اليومي لمرضى الربو، ولكلِّ من يعاني من التحسُّس في المجاري التنفسية، له كبير الأثر في تخفيف حدّة وشدّة نوبات ضيق النفَس والسُّعال.

*لفائدةٍ أكبر
1- نوِّع في الألوان
لتحصيل الفائدة الكبرى وللحصول على أكبر كمية من العناصر الكيميائية النافعة يُنصَح بالاستفادة من كل أنواع البصل، الأبيض والأحمر والأصفر والأخضر. وهذه الأخيرة، أي الأنواع الملوَّنة من البصل، أغنى من البصل الأبيض بالكيرسيتين (Quercetin) الشهير والمعروف بقدرته على حماية القلب والشرايين.
كما يحتوي البصل الأخضر على مقادير أكبر من حمض الفوليك (Folic acid) والفيتامين C مقارنةً بالأنواع الباقية من البصل.
من هنا، فإنّ التنويع في البصل يعطينا طيفاً أكبر من العناصر الغذائيّة والكيميائيّة النباتيّة النافعة في محاربة الأمراض كافةً.

2- كُل البصل نيئاً أو مطهواً
إنْ كنتَ من الأشخاص الذين لا يتحمّلون تناول البصل النيء أو تخشى تناوله لما يتسبَّب به من رائحة كريهة في الفم، يمكنك دائماً الاستفادة من تناول البصل بعد طهوه. وما هو مؤكّد أنّه من الخطأ الامتناع عن تناول البصل بحجّة رائحة الفم الكريهة التي يتسبّب بها.

3 - لا للرائحة المزعجة
كثيرٌ من الناس يتجنّب أكل البصل وذلك لِما يسبِّبه من رائحة كريهة في الفم قد تؤدي إلى نفور المحيطين به والابتعاد عنه. وهذا خطأٌ كبير جداً، فللبصلِ فوائدُ عظيمة ولا ينبغي الاستهانة به. أما رائحة الفم الكريهة فيكفي مضْغ بضع وريقاتٍ من البقدونس الطازج بعد تناول البصل مباشرةً ؛ وهذا وحده يساعد على منع تأثير مركّبات السولفور قبل أن تتحلّل وتتحوّل إلى رائحة كريهة ومنفِّرة في الفم!
كما يوجد في الصيدليات ومراكز بيع الأدوية أقراص دوائيّة فعّالة معطِّرة للفم مصنّعة في الأساس من زيت بذور البقدونس أو من النعناع أو غيره من المرّكبات الدوائية الفعّالة. ولا ننسى أبداً الطريقة الأسهل وهي مضغ العلكة للتخلُّص من رائحة الفم الكريهة.

وخلاصة الأمر، يكفي تناول بصلة واحدة متوسطة الحجم يومياً لمدِّ الجسم بما يحتاجه من عناصر دوائية ووقائية ضرورية لصحَّة الجسم وسلامته.


(*) طبيبة أمراض جلدية وتجميل، مؤلفة كتاب: قوة الشفاء في الخضار.
1.بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج63، ص252.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع