إعداد: ديما جمعة فواز
تطلعت إليها جدَّتُها من خلف نظاراتها السميكة وهمست: "وهل تحبينه؟".
أجابت الفتاة بكل عفوية: "بالطبع! لا أحب أحداً مثله".
الجدة: "ومستعدة أن تفديه بحياتك؟".
الفتاة: "طبعاً يا جدتي.. لقد نشأت على حبّه وانتظار قدومه".
حسّنت الجدة من جلستها وأمسكت بين أناملها قصبتي الحياكة لتكمل كبكول الصوف الأخضر وسرحت قليلاً، ثم سألت الحفيدة: "لماذا تحبينه؟".
الفتاة: "هو دوماً معي، له أبث كل ليلة خواطري، وأحلم بحياة جميلة في كنفه وأدرك أن الحياة دونه صعبة ومظلمة..".
الجدة: "وهل تعرفينه حقاً؟ هل سألت عنه؟ هل بحثت عن تفاصيل حياته؟".
الفتاة: "لا أعرف عنه الكثير.. ولكني أكيدة أنه يعرف كل شيء عني".
الجدة: "حسناً، ولكن.. كيف تراك تظهرين له هذا العشق الكبير؟ كيف تبادلينه خيره الكثير؟ كيف تعبّرين له عن شوقك وحاجتك له؟".
وطال صمت الفتاة بينما بقيت تحملق بجدتها الغارقة في الحياكة، هزت رأسها مترددة وأجابت هامسة: "لا أعرف..".
الجدة: "كل هذا الوله يا بنيتي ولا تعرفين كيف تترجمينه بأفعال وأعمال وسلوكيات؟".
قاطعتها الفتاة بحذر وأجابت: "مهلاً، عرفت كيف. أنا ألتزم بما يحب، أرتدي الحجاب كما يتمنى، أصدق في الحديث كما يطلب، أسعى لأن أطبق كل ما يتوقّعه مني.. ولكن يا جدتي.. هل هذا كافٍ؟".
ابتسمتِ الجدة وأجابتها: "الحبيب يتوق إلى حبيبه، يذكره ويسلّم عليه صباحاً ومساءً، يدعو له. فنحن بحاجة لأن ندعو لصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وإلى أن نتعرّف إليه أكثر فأكثر، للتمهيد له، في كل لفتاتنا وتفاصيل حياتنا.. أنا فخورة بك عزيزتي أن قلبك الأبيض ينبض حباً له ولكن صدقي هذا لا يكفي.. ينبغي أن نتعلم جميعنا كيف نوفّي ابن بنت رسول الله حقّه ونسعى لرضاه".
هزتِ الفتاة رأسها والتفتت إلى المدفأة قربها لتزيدها حطباً واشتعالاً وقد قررت أن تجعل من ذاك الحب الفطري للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف نوراً يشع في حياتها ويملأ وجودها دفئاً.