نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قرأت لك

* العدل الشامل
وفدت سودة بنت عمارة بن الأشتر على معاوية ابن أبي سفيان.
فاستأذنت عليه، فأذن لها، فلما دخلت عليه سلمت. فقال: كيف أنت يا ابنة الأشتر؟ قالت: بخير يا أمير المؤمنين، قال لها: ألست أنت القائلة لأخيك يوم صفين:

يومَ الطعَّانِ ومُلتْقَى الأقْرانِ

شمِّرْ كفعلِ أبيك يا ابنَ عمارةٍ

واقصِدْ لهنْدٍ وابنهِا بِهَوانِ وانصرْ عليَّا والحسيْنَ وَرَهطَه
عَلَمُ الهُدى ومنارةُ الإيمانِ إنْ الإمامَ أخو النبيِّ محمّدٍ
قُدَماً بِأبيضَ صارمِ وَسِنانِ فَقُد الجيوشِ وسرْ أمامَ لوائه


قالت
: إي والله، ما مثلي من رغب عن الحق أو اعتذر بالكذب، قال لها: فما حملك على ذلك؟ قالت: حبُّ عليّ عليه السلام واتباع الحق، قال فوالله ما أرى عليك من أثر عليّ شيئاً. قالت: أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى، وتذكار ما قد نُسِي، قال: هيهات ما مثل مقام أخيك ينَسى، وما لقيتُ من أحدٍ ما لقيت من قومك وأخيك. قالت: صدقت والله يا أمير المؤمنين، ما كان أخي خفيَّ المقام ذليل المكان ولكن كما قالت الخنساء:
 

كأنه عَلَمٌ في رأسهِ نارٌ

وإن صخراً لتأْتِمُّ الهداةُ به

قال: صدقت، لقد كان كذلك، فقالت: مات الرأس وبتر الذنب. وبالله أسأل أمير المؤمنين إعفائي مما استعفيت منه، قال: قد فعلت فقولي حاجتك، قالت: يا أمير المؤمنين، إنك أصحبت للناس سيداً، ولأمورهم مُتقَلِّداً، والله سائلك عن أمرنا، وما افترض عليك من حقنا، ولا تزال تقدم علينا من ينهض بعزك، ويبسط سلطانك، فيحصدنا حصاد السنبل، ويدوسنا دياس البقر ويسومنا الخسيسة، ويسلبنا الجليلة. هذا ابن أرطأة قدم بلادي، وقتل رجالي، وأخذ مالي، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنَعة، فإما عزلته عنا فشكرناك، وإما لا فعرفناك، فقال معاوية: إياي تهددين بقومك؟ والله لقد هممت أن أحمِلَكِ على قتَبِ أشرس فأردّك إليه، يُنْفِذُ فيك حكمه، فأطْرقت سودةُ تبكي، ثم أنشدت قائلة:

قبرُ فأصْبَحَ فيه العدلُ مدفونا صلى الإلهُ على روح تَضْمَنهُ
فصارَ بالحقّ والإيمانِ مقرونا قد حالَفَ الحقَّ لا يبْغي به ثمناً


قال معاوية: ومن ذلك؟ قالت سودة: عليُّ بن أبي طالب رحمه الله تعالى، قال: وما صنع بك حتى صار عندك كذلك، قالت: أتيته يوماً في رجل ولاه صدقاتنا، فكان بينه وبيننا ما بين الغث والسمين، فوجدته قائماً يصلي، فانفتل من الصلاة، ثم قال برأفة وتعطّف: ألك حاجة فأخبرته خبر الرجل، فبكى ثم رفع يديه إلى السماء، فقال: اللهم إنك أنت الشاهد عليَّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك، ولا ترك حقك، ثم أخرج من جيبه قطعة من جراب، فكتب عليها "بسم الله الرحمن الرحيم، قد جاءتكم بَيِّنَةٌ مِنْ ربَّكم فأوْفُوا الكيلَ والميزانَ بالقسط ولا تَبْخسوا الناسَ أشيَاءَهُمْ ولا تَعْثَوْا في الأرض مفْسِدين، بَقِيَّةُ اللهِ خيرٌ لكم إنْ كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ". إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظ بما في يدك من عملنا، حتى يأتي من يقبضه منك، والسلام" فأخذته منه والله ما خزمه بخزام، ولا ختمه بختام فقرأته. فقال معاوية: اكتبوا بالإنصاف لها، والعدل عليها، فقالت ألي خاصة، أم لقومي عامة؟ قال: وما أنت وغيرك؟ قالت: هي والله إذن الفحشاء واللوْم، إن لم يكن عدلاً شاملاً، وإلا يسعُني مات يسعُ قومي، قال: هيهات! لمْظَكُم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان، فبطيئاً ما تُفْطمَون، وغركم قوله:

اكتبوا لها ولقومها".

لقلْتُ لهمْدانَ ادْخُلُوا بِسَلامِ

فلو كنتُ بوَّاباً على بابِ جَنَّةٍ


* طمع الآدمي
يُحكى أن رجلاً صادَ قُبْرة، فقالت: ما تريدُ أن تصْنَعَ بي؟
قال: أذبحكِ وآكلك.
قالت: والله ما أشفي من قرم وما أشبع من جوع، ولكن أعلمك ثلاث خصال هي خيرٌ لك مِنْ أكلي.
أمَّا واحدة فأعلِّمك إيّاها أنا في يديك.
وأمّا الثانية فإذا صرت على الشجرة.
وأمَّا الثالثة فإذا صرت على الجبل.
قال: هاتِ الأولى.
قالت: لا تلهفنّ على ما فات. فخلاَّها. فلّما صارت على الشجرة.
قال: هاتِ الثانية.
قالت: لا تصدّقَنَّ بما لا يكون أنّه يكون. ثم طارت فصارت على الجبل.
فقالت: يا شقي لو ذبحتني لأخرجت من حوصلتي درّتين، في كلّ واحدة عشرون مثقالاً.
قال: فعضّ على شفتيه وقال: هاتِ الثالثة.
قالت: أنت قد نسيت اثنتين فكيف أخبرك بالثالثة!؟ أم أقل لك لا تهلفنّ على ما فات، ولا تصدّقنّ بما لا يكون أنّه يكون. أنا ولحمي ودمي وريشي لا نكون عشرين مثقالاً، فكيف يكون في حوصلتي درّتانِ في كلّ واحدة منهما عشرون مثقالاً.
ثمّ طارت فذهبت. وهذا مثال لفرط طمع الآدمي، فإنّه يعميه عن درك الحقّ حتى يقدّر ما لا يكون أنّه يكون.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع