تعتبر كتابة التقارير في عالم الإدارة جزءاً أساسياً من الإعمال التي ينبغي للعالمين أن يقوموا بها...
ولكن في معظم الأحيان وبدلاً أن تكون التقارير عاملاً مفيداً في تطوير العمل الإداري لا تكون إلا عبئاً يضاف على أعباء العمل الأخرى!!
يمكن تصنيف هذه المشكلة تحت عنوان المشاكل الإدارية العادية التي يمكن حلها بالالتفات إلى بعض الإجراءات العملية التي تنبثق من المهمات الأساسية للمدراء والعاملين أينما وجدوا.
وخلافاً للعديد من المشاكل: فإن هذه المشكلة لا تعتبر من المسائل الصعبة الحل رغم أن إهمالها يؤدي إلى حدوث خسائر لا يستهان بها في العمل الإداري.
وفي ساحتنا الإسلامية نواجه مثل هذه المشكلة في العديد من مجالات العمل نعود معظم أسبابها إلى عدم رعاية الضوابط والشروط الإدارية المتعارفة في مثل هذا الفن. وعلى أثر تفاقم آثار هذه المشكلة يصل العاملون إلى قناعة شبه راسخة بعدم جدوائية كتابة التقارير. بل ويقتنع معهم أكثر المدراء. رغم أنهم لا يعبرون عن هذه القناعة لأنها تشكل خللاً يصيب مواقعهم ومناصبهم.
وهكذا تستمر الأوامر بكتابة التقارير وتصرف الساعات الطويلة في كتابتها دون جدوى وتتراكم الملفات ويزداد حجم المسؤولية على الأمناء وأمثالهم إلى حيث لا ينفع معها إلا الإتلاف والتخلص منها بكل نظافة.
* لماذا تكون النتيجة غير مشرفة؟
ضياع أهم أرضية وأوثق مجال لدارسة الماضي واستخلاص العبر والدروس المفيدة منه. وبتعبير آخر فقدان التجربة الوحيدة للكثيرين من الأشخاص الذين سوف يتولون مناصب وأعمال غيرهم.
ونستطيع أن نشير هنا إلى أهم الآثار السلبية لعدم الاستفادة الجيدة من التقارير وهي:
1- عدم وضوح مجريات الأعمال بالنسبة للمدير.
2- فقدان القدرة على إصدار الأحكام الصحيحة.
3- عدم القدرة على تعديل مسار الخطة إذا اقتضى الأمر ذلك.
4- زوال المراقبة المرحلية لسير العمل وفق الخطط المرسومة.
5- إهدار الجهود الكثيرة في كتابة التقارير.
6- ضياع التجربة، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: «في التجارب علم مستأنف».
7- عدم القدرة على الحكم على العاملين بشكل جيد.
8- عدم القدرة على الاستفادة من أخطاء الماضي.
ويمكن الإشارة هنا إلى جملة من أسباب حصول هذه المشكلة، وبعدها نشير إلى طرق حلها بالشكل المناسب.
* أهم أسباب حصول المشكلة
من الأمور التي تؤدي إلى عدم الاستفادة الجيدة من التقارير قلة المعرفة بكتابتها حتى يمكن الاستفادة منها، فإن أغلب العاملين يكتبون التقارير بلغة إنشائية مملة، ويدخلون عليها الكثير من أحكامهم الخاصة في الموقع الذي لا ينبغي ذلك، أو يهملون الأمور الأساسية أو يجعلون النقاط المعروضة متداخلة ببعضها أو تكون أرقامهم تخمينية أو...
من هنا لا بد من تحديد آلية واضحة للنقاط المطلوبة من كل عامل أو مدير. والأفضل أن تعد استمارة جاهزة يستفاد منها لأجل وضع الأرقام وكتابة المعلومات، كل في خانته المعدة لذلك.
ولا بد من الإشارة إلى المصدر والتاريخ والجهة المستقاة منها المعلومات وو....
ويأتي السبب الثاني في وقوع هذه المشكلة من الذين يستقبلون التقارير، أو أولئك الذين ينبغي أن يستفيدوا منها بالشكل المطلوب. وأهم عامل يمنعهم من الاستفادة هو عدم القدرة على الجمع والتفريق بين المعلومات المسجلة، وعدم امتلاك مهارة التحليل واستخلاص النتائج، وعدم القدرة على إجراء الدراسات ذات البعد الاستراتيجي.
ولا شك أن عدم استخدام المدير لصلاحياته بالشكل المطلوب يؤدي إلى إضعاف قيمة التقارير بنظر العاملين لأن أكثر العاملين لا يرون في كتابة التقرير إلا عبئاً إضافياً. وإذا أضفنا صعوبة الكتابة عند الأغلبية وقلة التجربة الإدارية لعرفنا أسباب ذلك.
فلا بد والحال هذه من إعداد الاستمارات الجاهزة للتعبئة، وتدريب العاملين على كتابة التقارير.
ومن الضروري أيضاً- وهذا الأهم- إجراء الدراسات المستمرة التي تعتبر خلاصة الأعمال والتجارب، والتي تشكل أفضل مصدر لتصحيح مسار العمل والحكم عليه وتوجيهه بدقة.
وينبغي الالتفات إلى دور الكومبيوتر في عصرنا هذا والدور البالغ الأهمية الذي يؤديه في استقبال التقارير وتحليلها بأفضل صورة إضافة إلى عملية التخزين التي تحل العديد من المشاكل. ومن بينها مشكلة الحفظ والسرية.
تقوم الشركات والدوائر المهتمة اليوم بإعداد أفضل البرامج الكمبيوترية لأجل حفظ التقارير والاستفادة، بل إن هذا العمل يعتبر اليوم من الأمور التي لا غنى عنها إطلاقاً.