نور روح الله | علّمتنــا  أن نبصر جمـال البلاء* مع الإمام الخامنئي | رسالة القرآن: حقيقة النصر* تسابيح جراح | نبضي الخافت تمرّد على الموت مناسبة | في جوار المعصومة عليها السلام الافتتاحية | أذلّاء، لن يجدوا إلّا سراباً كان أباً مجاهداً - حوار مع عائلة سماحة السيّد الشهيد هاشم صفيّ الدين (رضوان الله عليه) وصيّة السيّد صفيّ الدين: "ممنوع أن يجوع أحد" قيادة السيّد هاشم: حـزمٌ فـي ليـن نذرٌ أثمر شرحاً - شــــرح نهــــج البلاغـــة للسيّد هاشم صفيّ الدين لستُ شيعيّاً وأحبُّ السيّد

الافتتاحية | أذلّاء، لن يجدوا إلّا سراباً

الشيخ بلال حسين ناصر الدين


من أجل حبّ عابر قد لا يبقى منه إلّا الندم، أو من أجل حفنة مالٍ لم تكن يوماً مصدر رفعة الإنسان مهما عظمت، أو من أجل سلطةٍ لا تلبث إلّا قليلاً حتّى تنتهي، أو كرسيّ واهنٍ لا تصمد قوائمه طويلاً، أو من أجل شهرة وهميّة سرعان ما تتبدّد كما يتبدّد الضباب أمام شمس الحقيقة... من أجل شيء من هذه المغريات الواهية، يوقع بعض الناس أنفسهم في حبائل الذلّ والتنازل عن مبادئهم وقيمهم وحرمة أنفسهم وكرامتها التي أرادها الخالق سبحانه وتعالى أن تكون عزيزةً مكرّمةً: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ (الإسراء: 70).


هكذا يبدو حال بعض أهل الدنيا، ممّن تعلّقت قلوبهم بزخارفها، فما عادوا يرَون في الحياة سوى تلك الأمور الزائلة الفانية، حتّى غفلوا عن الحقّ، وعمّا هو باقٍ لا يفنى. لقد استبدل هؤلاء الجوهر بالعَرَض، والحقيقة بالوهم، فباتوا أسرى لشهواتهم، عبيداً لأوهامهم، يتنازلون عن كبرياء أرواحهم في سوق المبادلة الرخيصة، حيث يُباع الضمير بأبخس الأثمان.
إنّ من أخطر مصاديق ذلّ النفس، هو التذلّل أمام المستكبرين الظالمين، طمعاً في منصبٍ هنا أو مالٍ هناك. إنّها الرهانات الخاسرة التي يبيع فيها الإنسانُ عزَّه بدنياه، ويبيع الكرامةَ بالخضوع، والمبدأ بالمساومة. ولو كان ذلك كلّه على حساب كرامة أبناء وطنه وعزّتهم، كما هو حال بعض الحكّام والمسؤولين الذين رهنوا كراماتهم في قبضة المستكبرين، وصاروا بين أيديهم كدمية يتلاعبون بها كيفما يشاؤون.
من أروع ما روي في هذا الصدد عن الإمام العسكريّ عليه السلام قوله: «ما ترك الحقَّ عزيزٌ إلّا ذلّ، ولا أخذ به ذليل إلّا عزّ»(1).


فكلّ من تنكَّر لحقّه وكرامته من أجل مطمع دنيويّ، فإنّه وإن بدا عزيزاً، سيذوق مرارة الذلّ يوماً، أكان في الدنيا أم الآخرة. وفي المقابل، إنّ التمسّك بالحقّ، حتّى لو كان صاحبه في موقع ضيق ومحنة، سيرفعه الله ويجعل العزّة بين يديه.
قال تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ (الحديد: 20).
أيّها الأحبّة، من عاش متمسّكاً بالحقّ ومات عليه، فقد كسب الدنيا والآخرة معاً. أمّا أولئك الذين يستعظمون المستكبرين، كالأمريكيّين والصهاينة ومن لفّ لفّهم، ويغفلون عن أمر الله تعالى في مواجهتهم والوقوف في وجههم، فسوف يذلّهم الله ويخزيهم، ولن يكون ما تصوّروه عظيماً، إلّا سراباً، وسيشهدون ذلك ولو بعد حين.


1.    بحار الأنوار، العلامة المجلسيّ، ج 78، ص 374.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع