مركز الاتّحاد للأبحاث والتطوير
قام العدوّ قبل 72 ساعة من تاريخ 6-11-2024م بتحضيرات عسكريّة كبيرة للبدء بمعركة بنت جبيل، على الرغم من اتّخاذ جميع فرقه ما يشبه الوقفة التعبويّة في المحاور الأربعة الأخرى.
* تحرّكان فاشلان
قرابة منتصف ليل السبت- الأحد 2/3 – 11-2024م، بدأت وحدات من لواء غولاني بمحاولة التقدّم تُجاه القسم الغربيّ من مارون الراس، فيما حاولت قوّة أخرى التوغّل من حرش الباط تُجاه مثلّث التحرير، إلّا أنّ التحرّكَين أُجهضا، واستمرّت الاشتباكات اليوميّة من تاريخ 4-11-2024م مع تحريك الكتيبة 12 من لواء غولاني بمؤازرة سريّة كاملة من قوّات ماغلان، وسريّتين من اللواء المدرّع الـ 188 تُجاه بنت جبيل وعيناثا، ومع كلّ هذا الاستعداد، عجز العدو عن تحقيق أيّ خرق يُذكر.
تنوّعت تكتيكات المقاومة خلال الصدّ بين تفجير العبوات الخاصّة، والاستهداف المدفعيّ والصاروخيّ للتجمّعات والتحشّدات المعادية في ظلّ نجاح معلوماتيّ تكتيكيّ مكّن المجاهدين من تحديد القوى التي كانت تستعدّ للمشاركة في الهجمات.
* مسارات مخفيّة
بعد فشل كلّ الزحوفات تقريباً، حاول العدوّ التوغّل من غرب مدينة بنت جبيل عبر استخدام مسارات مخفيّة في مناطق مفتوحة ضمن جغرافيّة القرى المتاخمة لبنت جبيل (رميش – دبل – عين إبل)، إضافة إلى قرية القوزح. وقام بتحريك مشاة من الكتيبة 631 (سييريت غولاني) من اتّجاهين:
- الاتّجاه الأوّل من القوزح شرقاً نحو حانين.
- الاتّجاه الثاني شمالاً من الحدود الفلسطينيّة اللبنانيّة المتاخمة لبلدة رميش نحو طريق عام (رميش – عين إبل – بنت جبيل).
وقد التقت القوّتان عند بيت الكتائب الإقليميّ لمنطقة بنت جبيل في أقصى غرب عين إبل، وتقدّمتا سيراً على الأقدام تُجاه برج أمّ النور في أقصى شرق عين إبل، وهي النقطة الأخيرة الفاصلة بين عين إبل وبنت جبيل.
وعند اقتراب القوّة الكبيرة من أطراف بنت جبيل الغربيّة، اصطدمت برجال الله في نقطتين:
1. نقطة ضهر العاصي على الأطراف الغربيّة لبنت جبيل.
2. نقطة الانسحاب إلى حانين (شمال شرق مزرعة طارق متّى) عند الأطراف الجنوبيّة الشرقيّة لحانين.
وتمكّن رجال الله من إجهاض هذه المحاولة مجدّداً في أقلّ من ساعتين، فيما انكفأت قوّة من التجمّع الصهيونيّ باتّجاه رميش وعين إبل (وبقي معظمها في بيوت البلدتين المهجورة). وحاولت قوّة أخرى الانسحاب تُجاه منطقة القوزح، حيث اصطدمت مرّة ثانية برجال الله الذين أعدّوا لها كميناً مستعجلاً بين حانين ودبل.
* توغّل من اتّجاهات عدّة
صباحاً، توغّل المئات من جنود غولاني من اتّجاهات عدّة بعد رحلة طويلة استمرّت لساعات من أفيفيم ويرؤون ودوفيف وبرعام تُجاه مربّع التحرير سالكين ثلاثة خطوط، وانقسموا إلى سرايا عدّة تحرّك قسم منها نحو حيّ المسلخ على الأطراف الجنوبيّة الشرقيّة لبنت جبيل، وبقي القسم الثاني، الذي دخل من جهة مارون الراس – عيترون وتوغّل في المناطق المفتوحة وصولاً إلى منطقة كرم الزيتون الفاصلة بين عيناثا وبنت جبيل، عند المدخل الشرقيّ للبلدتين.
وبحكم تمتّعها بمنظومة استخبارات واستعلام قويّة في هذا المحور، تمكّنت المقاومة منذ اليوم الأوّل من قراءة ما يضمره العدوّ لمحاور بنت جبيل وللمدينة نفسها، وأعّدت له ما يلزم، واستمرّت بدكّه مرّات عدّة بالصواريخ والمدفعيّة وأسراب المسيّرات.
كما قامت وحداتها الهندسيّة الخاصّة بإعداد ما يلزم من أشراك وعبوات، تحديداً على جميع المسالك المتوقّع أن يسلكها العدوّ بما فيها الأماكن المتوقّعة لاستقراره، وهذا ما حصل صباح 13-11-2024م بقوّة من الكتيبة 51 من لواء غولاني في بلدة عيناثا، حيث تكبّد العدوّ 16 قتيلاً وضعفهم من الجرحى بتفجير تلاه استهداف بصواريخ موجّهة إلى أحد المباني التي تحصّن فيها جنوده.
* خطّة تأهيل متكاملة
كانت قيادة المقاومة في قاطع عمليّات بنت جبيل قد أعدّت خطّة متكاملة للدفاع عن المحور ككلّ، مستجيبة لخبرة حرب تمّوز2006م، ومستفيدةً من دراسة ناتجة عن المتابعة الدائمة للعدوّ خلال الـ 18 عاماً الماضية.
وقد أدّى قائد وحدة نصر الشهيد الحاج أبو طالب (سامي عبد الله)، الذي اغتاله العدوّ قبل الحرب بنحو ثلاثة أشهر (12-6-2024م) واجبه، وأنجز خطّة تأهيل كبيرة لمجاهدي وحدتَي نصر والرضوان في منطقة مسؤوليّة وحدة نصر، تضمّنت:
1. اختيار الكادر وتأهيله وتجهيزه للمعركة الكبيرة المنتظرة، واختباره الدائم حتّى الوصول إلى أعلى كفاءة ممكنة في التنفيذ.
2. مسح شامل للميدان وتصنيف عناصره (التكتيكيّة والتعبويّة) بما فيها مناطق القتل واتّجاهات التماس وحدوده.
3. اعتماد طرائق قتال مبتكرة تعتمد على مدرسة المقاومة الإسلاميّة للحرب اللامتماثلة والمعتمدة على العنصر البشريّ.
4. معرفة شاملة وتفصيليّة بالعدوّ وعقائده القتاليّة الجديدة والمستحدثة، فضلاً عن خططه ونواياه.
5. بناء منظومة تعبويّة ذكيّة وملائمة للقيادة والسيطرة يمكنها العمل في ظروف القتال كلّها.
6. سدّ الثغرات المتوقّعة على المديين المتوسّط والصغير في الاستعداد والانتشار والجهوزيّة.
7. تنظيم الهيكليّة العامّة للتشكيل المقاوم الذي سيتولّى مهمّة الدفاع.
8. رفع الكفاءة الإداريّة للجهات المعنيّة بالأمور اللوجستيّة المدنيّة والعسكريّة.
9. رسم خطط النار للصواريخ والأسلحة الثقيلة الداعمة والمدافع المنحنية والمباشرة على اختلاف مدياتها.
10. تنظيم تعرّف المجاهدين على جغرافيّة منطقة مسؤوليّة نصر ومحور بنت جبيل ككلّ.
نتيجة لذلك، تلقّى العدوّ يوم الأربعاء 13-11-2024م ثلاث ضربات قاتلة في أوّل اختبار للقتال المباشر مع رجال الله.
واستمرّت المعارك الطاحنة على أطراف بنت جبيل الشرقيّة والجنوبيّة على أربعة محاور.