مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم*


إنّ أفراد البشرية كافّة، مدينون للنبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، لماذا؟ ما هذا الحقّ العظيم لدى هذا الجليل في أعناق البشريّة؟ هو تقديم النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وصفة علاج لآلامها الأساسيّة كافّة.

* ليُخرج الناس من الظلمات
يقول الله المتعالي: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ (إبراهيم: 1). الظلمات هي تلك الأمور التي سوَّدت حياة الإنسان على مرِّ التاريخ، وعكَّرتها، وسمَّمتها، وجعلتها مُرّة. فالجهل، والفقر، والظلم، والتمييز، وفقدان الإيمان، واللاهدفيّة، والاستغراق في الشهوات، والمفاسد الأخلاقيّة، والآفات الاجتماعيّة، هذه كلّها هي الظلمات التي عانى منها الإنسان طوال تاريخ حياته.

قدَّم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وصفة علاج لهذه الأمراض، وهي: شريعته والمعارف القرآنيّة، وقد عرضها صلى الله عليه وآله وسلم على الإنسان. لذا، يقول أمير المؤمنين عليه السلام عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "طَبيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ، قَد أَحْكَمَ مَراهِمَهُ، وَأَحْمَى مَواسِمَهُ"(1)؛ هذا الطبيب الماهر الحاذق جهَّز المراهم – ذاك الدواء الذي يُوضع على الجرح ليبرأ – كما جهَّز وسيلة الكَيّ. ففي الماضي، حينما لم تكن تنفع المراهم لعلاج الجرح، كانوا يكوونه فيبرأ.

* حقّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
يقول الله المتعالي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلْرَّسُولِ إِذا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ (الأنفال: 24)؛ إنَّ الرسول يهب لكم الحياة التي تؤمِّن سعادة الدنيا كما تعمر قلوبكم، وكذلك تُنير أرواحكم، وتجعل حياتكم عذبةً، كما أنَّ لها الاستمراريّة. فليس لهذه الحياة نهاية، ولا تتعرّض للآفات، لهذا ثمة حقٌّ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عنق البشريّة، ونحن مدينون له.

إنَّ المؤمنين بالإسلام في وسعهم أداء الدَّين، وقد دُلُّوا على الطريق إليه: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ﴾ (الحج: 78). إذا أردنا التعويض عن حقِّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هذا الحقِّ العظيم له، فهذا سبيله: "جَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ"؛ الجهاد الكامل. ليس معنى الجهاد بالسيف و"الآر بي جي" وأمثال ذلك فقط؛ إنَّما الجهاد في الميادين كلّها: العلم، والسياسة، والمعرفة، والأخلاق.

* القرآن كتاب الحكمة والمعرفة
صار العداء للإسلام اليوم مكشوفاً أكثر من أيّ زمن مضى، إذ تشاهدون نموذجاً جاهليّاً عنه، وهو الإهانة الموجّهة إلى القرآن الكريم علانيةً، والتي يفعلها أبله جاهل وتدعمه حكومة. القضيّة هنا هي عن أولئك العناصر خلف الكواليس، الذين يصمّمون مثل هذه الجرائم والممارسات الجسيمة. هؤلاء يظنّون أنّهم يقْدرون بمثل هذه الحركات على توهين القرآن. إنّهم مخطئون؛ هم يشوّهون أنفسهم.

القرآن كتاب الحكمة والمعرفة وصناعة الإنسان. وذاك الذي يعاديه، فهو يعادي هذه الأمور التي جاء بها. القرآن يعارض الظلم، ويشجّع الناس على مجابهته. هو الموقظ للناس، ومن يعادِه يعارض صحوتهم.

طبعاً، يُعدّ القرآن تهديداً للقوى الفاسدة. وإنّ مَن يبرّرون هذه الممارسات الخاطئة بحجّة "حريّة التعبير" يُريقون كرامتهم أمام شعوب العالم. هل يسمح هؤلاء بالتعرّض لرموز الصهيونيّة في بلدانهم؟ بالتأكيد لا، لأنّهم يقبعون تحت تأثير هيمنة الصهاينة الغاصبين والظالمين والمجرمين والناهبين في العالم.

* في الاتّحاد قوّة
إنّ رسول الإسلام يدعونا إلى الوحدة. مَن الذي يضرّ به اتّحاد المسلمين؟ إنّ أعداء اتّحاد المسلمين هم أولئك الذين سيتضرّرون ولن يتمكّنوا من الانتهاك والتعدّي والنهب، وسيواجهون مشكلة إذا اتّحدت الدول والحكومات الإسلاميّة.

إذا انتهجت دول مثل إيران والعراق وسوريا ولبنان، والدول المحيطة بالخليج الفارسيّ، مثل السعودية، ومصر والأردن سياسة موحّدة في قضاياها الأساسيّة والعامّة، فلا تستطيع القوى المتجبّرة أن تتدخّل في شؤونها الداخليّة وسياساتها الخارجيّة، لكنّهم يفعلون ذلك في بعض الدول. أمّا إذا اتّحدنا جميعاً وانتهجنا سياسة موحّدة، فلن تتجرّأ أمريكا على التدخّل.

نرجو أن يمنّ الله المتعالي على الأمّة الإسلاميّة بالعزّة والكرامة والرفعة لتتمكّن من الاستفادة القصوى من مواهبها الطبيعيّة والبشريّة الفريدة.

* كلمته قدس سره بتاريخ: 3/10/2023م.
1- نهج البلاغة، ج 1، ص 207.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع