ديما جمعة
رغم أنّ السير شبه متوقّف، والنفق الطويل مظلم، إلّا أنّ حساماً قرّر أن يُظهر تفوّقه في قيادة درّاجته الناريّة على أصدقائه، أمّا «قمراية» (كما يحلو له تسمية درّاجته الناريّة)، والتي تكبره بأعوام كثيرة وأصبحت شبه عجوز، فلم تحتمل مقارنتها بغيرها من وسائل النقل الحديثة، فأصدرت صوتاً قويّاً يصمّ الآذان، وانطلقت بكلّ رشاقة بين عشرات السيّارات التي حولها. ولمزيد من الحماس، رفع ابن العشرين ربيعاً مقدّمتها ليقودها على دولاب واحد.
لم يبالِ حسام بسيل الشتائم التي أطلقها السائقون الغاضبون من تهوّره، بل كانت عيناه تلمعان بشغف السرعة والمخاطرة. وبسرعة قياسيّة، سبق أقرانه ودخل النفق، ليلتفت في منتصفه إلى أنّ «قمراية» تعاني من انعدام الرؤية في الظلام بسبب تعطّل ضوئها الأماميّ! ولكن لا بأس، ففي هذا التحدّي مزيد من المخاطرة التي ستبرز احترافيّته! وبالفعل، خرج خلال ثوانٍ «منتصراً» نحو نور الشمس الذي أعمى بصره، فاستدار بطريقة بهلوانيّة في منتصف الطريق ممّا جعل السيّارات حوله تخفّف سرعة سيرها. أوقف «قمراية» بكلّ فخر لينتظر أقرانه وعلى شفتيه ابتسامة الظفر.
لا يدرك حسام أنّه بهذا الفعل ارتكب مجموعة من الأخطاء المميتة؛ فهو لا يملك رخصة قيادة، ولا يرتدي خوذة، و”قمراية» ليست مؤهّلة للسير على الطرقات السريعة أو حتّى العاديّة منها. والأسوأ أنّه كاد أن يرمي نفسه في التهلكة دون التفات إلى إمكانيّة أن يتسبّب بحادث سير يؤدّي إلى تضرّره أو حتى موته!
لا شكّ في أنّ الدرّاجات الناريّة تبرز مؤخّراً كأفضل وسيلة نقل للشباب في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة وارتفاع سعر المحروقات وبدل النقل العام، وعليه، فإنّ امتلاك واحدةٍ يعدّ الحلّ الأفضل بالنسبة إلى الشباب لأنّها أكثر وسائل النقل توفيراً للوقت والمال. ولكن، ثمّة نقاط عدّة ينبغي لحسام وغيره من سائقي الدرّاجات الناريّة الالتفات إليها:
1. عليك أن تقود برويّة حتّى لو كنت من أمهر السائقين؛ لأنّ الطرقات في لبنان، مع الأسف، تفتقر إلى كلّ عناصر السلامة العامّة؛ إذ يمكن أن يصادفك مطبّ وسط الطريق، أو حفرة عميقة، أو «ريغار» بلا غطاء يوقعك في مجرى صرف الأمطار.
2. تأكّد، قبل قيادة الدرّاجة الناريّة، من سلامتها وعدم افتقادها إلى عناصر السلامة العامّة: الفرامل، والمصابيح الأماميّة والخلفيّة، وإشارات الانعطاف، والمرايا، وغيرها.
3. ضع الخوذة على رأسك قبل أن تنطلق بدرّاجتك الناريّة؛ لأنّها كفيلة بحماية رأسك وجمجمتك من مختلف المخاطر التي قد تتعرّض لها في الطريق، سواء بسبب سوء الطرقات أو حوادث السير المختلفة.
4. التزم بنظام السير، واستخدم إشارات الانعطاف، ولا تعتقد أنّ الدراجة بسبب صغر حجمها مقارنةً بالسيارة، يمكنها السير باتّجاه عكسيّ.
5. التزم بإشارات السير، الحمراء تحديداً، فلا يمكنك تجاوز الإشارة الحمراء لأن السيارات في الجهة المقابلة قادرة على الاصطدام بالدراجة أيضاً، والخطر على راكب الدراجة أكبر من راكب السيارة في حال تصادما، لا قدّر الله.
6. لا تقد بسرعة وتهوّر؛ لأنّ الدراسات تشير إلى أنّ سبب وفاة %48 من راكبي الدرّاجات الناريّة هو السرعة المفرطة.
7. لا تفترض أنّ السائقين الآخرين يرونك؛ إذ إنّ %75 من الحوادث المتعلّقة بالدرّاجات الناريّة سببها أنّ هؤلاء لم يرَوا درّاجتك. لذلك، تجنّب النقاط «العمياء»، أي تلك التي لا يراها السائقون الآخرون، وشغّل المصابيح الأماميّة حتّى خلال النهار، وارتدِ ملابس عاكسة أو مشرقة، واستخدم دائماً إشارات الانعطاف وإشارات اليد.
8. اترك مسافة آمنة بينك وبين المركبة التي أمامك لتتمكّن من التوقّف بسلام في حالة توقّفها المفاجئ.
9. لا تقد الدرّاجة الناريّة قبل حصولك على أوراق ثبوتيّة قانونيّة كي لا تسبّب لنفسك، في حال حصول أيّ حادث، مشاكل إضافيّة قد لا تخرج منها بسهولة.
في الختام، لا تقلّل من مخاطر القيادة المتهوّرة، ولا تنسَ أنّ أرواح المارّة على الطرقات قد تتعرّض للخطر بسبب طريقة قيادتك، فاحرص على أن لا تتسبّب بضرر لأيّ شخص ولنفسك أيضاً.