مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف*


السيّد عبّاس عليّ الموسويّ


الخلافة عندنا منصب إلهيّ، إذ لم يفوّض الله أمرها لأحد من البشر، لأنّ اختيارهم لا يقع على الكامل المستجمع لصفات الاقتدار في كلّ الحقول والميادين. وأصدق شاهد على ذلك ما نراه في واقع الحال، وما تعيشه الأمم والشعوب من القهر والظلم والاضطهاد. وقد كشف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن خلفائه من بعده وبيَّن عددهم وهويّتهم، فذكر من كان حيّاً معه وعيّنه بشخصه، ومن لم يكن موجوداً عيّنه أيضاً وكشف للأمّة عنه، بما يرفع الالتباس أو الاشتباه. 

ما تجدر ملاحظته هو إمكانيّة الاستدلال على تحديد الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهويته وسمات شخصيّته من طرق عدّة ليهتدي بها جمع المسلمين عامّة؛ لذلك سنعرض ما جاء منها في كتب أهل السنّة.

•دلالات حديث: الخلفاء الاثنا عشر
من جملة النصوص التي وردت عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تعيين عدد خلفائه وهو اثنا عشر خليفة، مع بيان بعض التفاصيل في خصوصيّات بعض هؤلاء الأئمّة عليهم السلام. وقد رُويت هذه الأحاديث بأسانيد مختلفة ومتعدّدة، وبوجوه وعبارات كلّها تشير إلى عدد واحد –اثنا عشر خليفة- وقد قَبِلها الشيعة الذين تتوحّد كلمتهم على أنّ أئمّتهم اثنا عشر إماماً، أوّلهم الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف.

إنّ البحث في خلافة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من خلال هذه الأحاديث لها الأهميّة الكبرى؛ لأنّها تنصّ على من يتولّى الحكم بعده. ونحن سنذكر جملة من الأحاديث التي وردت في تعيين العدد، ومن كتب السنّة ومسانيدهم وبالأسانيد التي وردت عليها ومن طرقهم، لئلّا يُقال إنّ للشيعة يداً في هذه الأحاديث فتكون في موقع الشكّ والاستفهام.

•أوّلاً: تحديد عدد الأئمّة عليهم السلام
1. في مسند أحمد بن حنبل: عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش... فقالوا: ثمّ يكون ماذا؟ قال: ثمّ يكون الهرج"(1). وفي بعض الروايات في مسند أحمد أيضاً عن جابر بن سمرة: "اثنا عشر أميراً"(2)، وفي بعضها: "لا يزال هذا الدين عزيزاً... إلى اثني عشر خليفة"(3).

2. وفي صحيح مسلم أكثر من رواية تحمل المضمون السابق نفسه، ففي إحداها: عن جابر بن سمرة قال: قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يزال هذا الأمر عزيزاً إلى اثني عشر خليفة، قال: ثم تكلّم بشيء لم أفهمه فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلّهم من قريش"(4).

•ثانياً: الاعتقاد بالإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف
المُجمع عليه بين المسلمين قاطبة من دون خلاف يذكر أو يُعتدّ به أنّ المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف من ولد فاطمة الزهراء عليها السلام ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، باستثناء قلّة اعتبرته أنّه من ولد الحسين بن عليّ عليهما السلام. وقد اعتمدوا في ذلك على الروايات الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن أصحابه فضلاً عن إجماع الشيعة الذين لم يشذّ منهم أحد، حيث رووا عن الأئمّة عليهم السلام أنّه من ولد الحسين عليه السلام، بل رووا بالتواتر والوقائع أنّه ابن الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام. وقد ذكروا ولادته وعمره وكلّ تفاصيل حياته وما يتعلّق بهذه الشخصيّة العظيمة. وقد ورد عن أهل السنّة ما نصّه:

1. عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يوم واحد لبعث الله فيه رجلاً اسمه اسمي، وخلقه خلقي، يكنّى أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن والمقام، يؤيّد الله به الدين ويفتح له الفتوح، فلا يبقى على وجه الأرض إلّا من يقول: لا إله إلّا الله. فقام سلمان فقال: يا رسول الله من أيّ ولدك؟ قال: من ولد ابني هذا وضرب بيده على الحسين"(5).

2. في الحديث عن عليّ عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تذهب الدنيا حتّى يقوم بأمّتي رجل من وُلد الحسين يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً"(6).

3. أخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجة ونعيم بن حماد في الفتن عن عليّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المهديّ منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة"(7).

4. عن أم سلمة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "المهديّ من عترتي من وُلد فاطمة"(8).

5. عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أبشّركم بالمهديّ، يُبعث في أمّتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، ويقسم المال صحاحاً. فقال له رجل: ما صحاحاً؟ قال: بالسويّة بين الناس، ويملأ قلوب أمّة محمّد غنى ويسعهم عدله حتّى يأمر منادياً ينادي: من له في المال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلّا رجل واحد، فيقول: أنا، فيقال له: اِئتِ السادن -يعني الخازن- فقل له: إنّ المهديّ يأمرك أن تعطيني مالاً، فيقول له: احث فيحثي، حتّى إذا جعله في حجره وأبرزه في حجره ندم، فيقول: كنت أجشع أمّة محمّد نفساً، أو عجز عنّي ما وسعهم. فيردّه فلا يقبل منه، فيقال له: إنّا لا نأخذ شيئاً أعطيناه. فيكون كذلك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين، ثمّ لا خير في العيش بعده، أو قال: لا خير في الحياة بعده"(9). 

6. أخرج أبو نعيم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يخرج المهديّ وعلى رأسه ملك ينادي: هذا المهديّ خليفة الله فاتّبعوه"(10).

•ثالثاً: تحديد هويّة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف
هذه الطائفة تحدّد هويّة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف بشكل دقيق وتكشف عن بعض ملامحه وخصائصه:

1. في مسند أحمد بن حنبل: عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتّى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي"(11). رواه الدارقطني وأبو نعيم والطبراني.

2. أخرج الطبراني عن ابن مسعود عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لو لم يبقَ من الدنيا إلّا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي"(12).

3. عن عليّ عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لو لم يبقَ من الدهر إلّا يوم لبعث الله تعالى رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً". أخرجه الإمام أبو داوود سليمان بن الأشعث السجستاني في سننه(13).

•رابعاً: تحديد أدقّ لشخصيّة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف
ثمّة طائفة أخرى من الروايات تحدّد شخصيّة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف وانتماءه أكثر فأكثر:

1. أخرج أبو داوود وابن ماجة والحاكم عن أم سلمة، قالت: سمعت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "المهديّ من عترتي من ولد فاطمة"(14).

2. في رواية ابن عساكر عن الحسين قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "أبشري يا فاطمة، فإنّ المهديّ منك"(15).

3. عن أبي سعيد الخدري عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "اسم المهديّ اسمي"(16).

بالنتيجة، يُظهر هذا الحديث أو مضمونه العام تحديداً لشخص الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وهويّته، لأهمية الاعتقاد به وانتظاره، خاصّة أنّه صادر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي يشير إلى مفصليّة قضية المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في تحديد مصير البشر غداً.

*مقتطف من كتاب "الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف عدالة السماء"، ص 53-58.
1.مسند أحمد، الإمام أحمد بن حنبل، ج 5، ص 92.
2.المصدر نفسه، ج 5، ص 87.
3.المصدر نفسه، ج 5، ص 98.
4.صحيح مسلم، مسلم النيسابوري، 
ج 6، ص 3.
5.عقد الدرر في أخبار المنتظر، المقدسي، ص 32.
6.ينابيع المودّة لذوي القربى، القندوزي، 
ج 3، ص 291.
7.الدرر المنثور في التفسير بالمأثور، السيوطي، ج 6، ص 58. 
8.ينابيع المودّة لذوي القربى، مصدر سابق، ج 2، ص 103.
9.عقد الدرر في أخبار المنتظر، مصدر سابق، ص 165.
10.ينابيع المودّة لذوي القربى، مصدر سابق، ج 3، ص 296.
11.مسند أحمد، مصدر سابق، ج 1، ص 376.
12.صحيح ابن حبان، ابن حبان، ج 13، ص 285.
13.عقد الدرر في أخبار المنتظر، مصدر سابق، ص 18.
14.المصدر نفسه، ص 16.
15.كنز العمّال، المتقي الهندي، ج 12، ص 106.
16.الفتن، نعيم بن حمّاد المروزي، ص 228.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع