مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

بماذا تدعو لإمام زمانك عجل الله تعالى فرجه الشريف؟

الشيخ حسان سويدان


تناولنا في العدد السابق بشكلٍ مختصر أهميّة الدعاء للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف وضروراته وفوائده ومكرماته، وفي ختام هذا البحث نجد أنفسنا أمام الأدعية التي أُثرت عن الأئمّة عليهم السلام في حقّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، أو بعض ما روي عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، في تعليم عمليّ لكيفيّة الدعاء له عجل الله تعالى فرجه الشريف في عصر غيبته، وهي كالآتي:

1. الدعاء لحفظه عجل الله تعالى فرجه الشريف: وهذا المحور له مصاديق كثيرة في الكثير من الأدعية، مثل دعاء: "اللهم كن لوليّك"، وبعضها أو أكثرها يتضمّن الدعاء لحفظه عجل الله تعالى فرجه الشريف، وإنّ بُعد هذا الدعاء واضح؛ لأنّ في حفظ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حفظ الكون.

2. الدعاء بتعجيل الفرج: صحيح أنّ وجوده عجل الله تعالى فرجه الشريف هو المحور، ووجوده بحدّ ذاته هو فرج على كلّ حال، لأنّه لو لم يكن لساخت الأرض بأهلها، لكنّ حضوره أعظم فرجاً وأعظم بركة، والفرج التام يتمثل بخروجه عجل الله تعالى فرجه الشريف، ولهذا نال هذا الأمر حيّزاً واسعاً من أدعية أهل البيت عليهم السلام.

3. الدعاء بالعهد والبيعة: على الإنسان المؤمن أن يجدّد البيعة للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، وأن يبقى في حالة انتظار له في كلّ لحظة.

4. الدعاء للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف بالنصر على الأعداء: وهذا تكرّر بشكل كبير في الأدعية، فمن يقرأ دعاء الافتتاح ودعاء الندبة مثلاً، يجد أنّ الدعاء للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف بالنصر أمر واضح. وثمّة توافق بين السنّة والشيعة على أنّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف سوف يخوض حروباً كبرى ويستشهد أصحابه بين يديه في سبيل تأسيس الدولة الإسلاميّة العالميّة العظمى، لأنّ أبالسة الإنس، كالسفياني والدجّال، لن يسلّموها سلماً للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف كما لم يسلّموها سلماً لجدّه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. من هنا، من المهمّ جدّاً أن ندعو للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف بالنصر إلى جانب دعائنا له بالحفظ؛ لأنّ الدعاء له بالحفظ لا يختصّ بزمن غيبته، بل يشمل زمن ظهوره أيضاً. وهذا النوع من الأدعية يركز على الإعداد النفسيّ للداعي؛ لأنّه في حال ظهور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، سيكون مستعدّاً للجهاد والقتال، امتثالاً لقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ (الأنفال: 60).

إنّ مسألة الثبات على نهج الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في غاية الأهميّة، لأنّنا سنجد في المقابل، من سيقف في صفوف أعداء الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقد يكون مسلماً أو شيعيّاً حتّى!

5. الثأر لأجداده: إنّ مسألة ثأر الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف للإمام الحسين عليه السلام وأجداده الطاهرين هي عمل مبرّر للإنسان على المستوى الحقوقيّ، إن لم يسرف في القتل، في حين قد يعتبرها بعضهم أنّها تتنافى وأهل الكمال، الذين لا يُنظر إليهم على أنّهم ثأريون بل صفحيّون كما فعل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال: "اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقاءُ"(1). فما هو تفسير هذا الأمر؟

إنّ دولة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف هي آخر الدول، وهي دولة العدل الإلهيّ والدولة الربّانيّة التي تريد أن تستأصل الشخصيّات الفاسدة من الكون، وتحقّق حلم جميع الأنبياء عليهم السلام. لذلك، لن يتحقّق كلّ هذا إلّا إذا استُؤصلت شأفة الظالمين، الذين يمتدّون منذ ذلك الزمن حتّى وقتنا الراهن. كما أنّ وجود أهل الباطل اليوم هو دليل على أنّ هؤلاء رضوا بفعل آبائهم وأقوامهم السابقين، وهم على نهجهم سائرون من دون أن يلزمهم أحد بذلك. من هنا، فإنّ الثأر لا يأخذ طابعاً شخصيّاً عشائريّاً سلبيّاً، ولهذا فهو ليس أمراً مذموماً بل مطلوب؛ لأنّ الثأر للظلم الذي تعرّض له الأنبياء والأوصياء وأولادهم، إنّما هو ثأر من مدرسة الكفر، والهدف هو استئصال المنظومة الفاسدة لتزكو حركة الحياة لأهل الحياة في ظلّ الدولة العادلة السلميّة السليمة، التي يراد لها أن تكون دولة قائمة على أُسس متينة من العدل والاستقامة، وإلّا لو تُرك هؤلاء، فإنّهم سيبقون يعيثون في الأرض فساداً.

6. المحور العقديّ: إنّنا ننظر تارةً إلى الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف على أنّه مصلح اجتماعيّ وقائد ثوريّ يريد أن يقيم ثورة يغيّر بها وجه الكون، وتارةً على أنّه الخليفة الثاني عشر والمعصوم الذي يمثّل دين المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في كلّ تفاصيله، فلا يضلّ أو يزيغ أو يخطئ قيد أنملة فيما يرتبط بكتاب الله تعالى أو سنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، لأنّه الثقل الثاني مع القرآن الكريم، حيث يشكّلان الأمان للأمّة من الضلال، وهو من أهل البيت الذين قال فيهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أهل بيتي كسفينة نوح عليه السلام من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق"(2).

هذا هو المنهج الصحيح والسليم، فإذا كان الأمر كذلك، فمن الطبيعيّ أن نجد في الأدعية تركيزاً على الشخصيّة الحقوقيّة للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف باعتباره قائداً إلهيّاً ربّانيّاً معصوماً يمشي على الصراط المستقيم، صراط أجداده عليهم السلام.

7. الندبة للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف: هي حالة إبراز مشاعر الإخلاص والمودّة والحبّ للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، وكذلك مشاعر الفقد والتألّم لغيابه عن أنظار مواليه ومحبّيه، فضلاً عن أنّ الإنسان في غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف يفتقد الكثير من التراث الإسلاميّ الحقيقيّ. فنحن أيتام آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وأيتام الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، والزمن زمن مصيبة، ولا رفع لهذه المصيبة إلّا بخروجه عجل الله تعالى فرجه الشريف. ومن هنا، فالواضح جدّاً أنّ هذا المنحى الذي هو حقيقة واقعيّة، لا بدّ من أن يأخذ جزءاً مهمّاً من الدعاء، ولذلك نجد أنّ الكثير من الأدعية يركّز على هذه الناحية كما في دعاء الندبة، الذي يُقرأ في الأعياد الأربعة(3).

8. بيان معالم دولة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف: إنّنا ندعو الله ونرغب إليه في دولة كريمة، والأئمّة عليهم السلام أرادوا تركيز معالم هذه الدولة ليس من خلال الأحاديث فقط، بل من خلال الدعاء أيضاً، فبيّنوا لنا رغد الحياة في هذه الدولة والقوانين العادلة على مستوى الدنيا والآخرة، وكيف أنّ كلّ ذي حاجة وحقّ سوف يحصل على حقّه وحاجته، وأنّ الكلّ سوف يسير على الصراط المستقيم.

* في الدعاء دورة عقديّة
إنّ قضيّة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف من القضايا التي ركّز أهل البيت عليهم السلام على محاورها الرئيسة بشكلٍ دقيق؛ فمــــن يدعو للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف بالأدعيــــة المأثورة، عليه أن يلتفت إلى أنّه يمرّ على دورة عقديّة أساسيّة فيما يرتبط بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، سواء في غيبته أم في حضوره وفي ظلّ دولته.


1- الكافي، الشيخ الكليني، ج 3، ص 513.
2- وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج 27، ص 34.
3- الأعياد الأربعة: الغدير والأضحى والفطر ويوم الجمعة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع