مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

شهيد الدفاع عن المقدسات القائد حسام علي محمد علي


نسرين إدريس قازان

 

شهيد الدفاع عن المقدسات القائد حسام علي محمد علي (أبو علي الحرّ)

اسم الأمّ: كلثوم بجيجي.

محلّ الولادة وتاريخها: يحمر 26/8/1975م.

الوضع الاجتماعيّ: متأهّل وله 4 أولاد.

محلّ الاستشهاد وتاريخه: حمص 19/8/2013م.
 

مُذ وُلد من رحم ثورة مسجد الإمام الرضا عليه السلام في بئر العبد، توقّد الحبّ في قلبه وصار جذوة، والأيّام تشعل شوقه. نشأ على رائحة بارود المحاور من حي ماضي إلى الشياح. لبّى الحسين عليه السلام بقبضتيه باكياً في ساحة عاشوراء. كَبُر والبندقيّة، ولم يُعرف له عنوان إلّا المعسكرات والمواجهات.

•شخصيّة قويّة
حسام، صاحب الشخصيّة القويّة منذ صغره، يدخل أنسه القلوب دون استئذان. نشأ في محلّة "الصفير" في عائلة من ستّة أفراد، وله أخ وحيد، عمل على الاهتمام به بنفسه، في ظلّ سفر والده وعمله. وإلى جانب دراسته، كان يلحقُ بالمجاهدين إلى المحاور، وهو لا يزال طريّ العظم، يحرس معهم، وينقل الذخيرة، ويوزّع جريدة العهد على المنازل في قريتهم، فيدخل البيوت ويطمئنّ إلى أهلها، وغالباً ما كان يدفع ثمن الجريدة من ماله، حتّى إذا ما شبّ وصار في الخامسة عشرة من عمره، ترك كلّ شيء ليلتحق بدورته العسكريّة الأولى، ومنذ ذلك الحين، قسّم وقته بين الدراسة وعمله في الكهرباء التي اشتغل فيها لمساعدة والديه، وبين عمله في المقاومة.

كانت مبادرته وشجاعته وقوّة شخصيّته وحكمته تحكمُ توجّهاته وتفكيره، إلى جانب عاطفة جيّاشة لم تخفها يوماً صلابته، فيخدم الناس بكلّ محبّة، حتّى وإن اضطرّ أن يصعد وسط النيران المشتعلة إلى منزل يحترق ليتأكّد أنّه خالٍ من أصحابه، أو يترك كلّ ما في يده ليطوي الأرض ناحية بيت أهله ليطمئن إلى أخيه بعد أن اغتال العدوّ الإسرائيليّ الشهيد فؤاد مغنية بعبوة ناسفة قرب منزلهم، ومن كان هكذا في أوّل شبابه، كيف تراهُ سيكون في أيّام رجولته؟!

•تحت ضغط الظروف
اختلط حبّ الجهاد بلحمه ودمه، فلم يسعَ في الحياةِ سوى لتطوير نفسه في المقاومة، ليس عسكريّاً فحسب، بل روحيّاً وثقافيّاً. وكان محدّثاً لبقاً وطليق اللسان باللغتين الفرنسيّة والإنكليزيّة، ويجدّ خطاه نحو هدفه، إلّا أنّ الله تعالى ابتلاهُ بما لم يكن في الحسبان، إذ تعرّض والده لانتكاسة قويّة في عمله في الإمارات، فأرسل في طلبه لمساعدته، ولكنّ حساماً رفض فكرة السفر في بادئ الأمر، ثم اضطر إليه احتراماً لطلب والده. 

هناك، وجد حسام ملاذه في المسجد، وفي محاضرات الشيخ الدكتور الوائلي رحمه الله، وأينما جلس يتحدّث عن فكر الإمام الخمينيّ قدس سره وولاية الفقيه، وقد ساعدته ذاكرته القويّة على حفظ الكثير من الأحاديث وخطب أمير المؤمنين عليه السلام، فكان يحوّل المجلس إلى حلقة تربويّة فيها الكثير من الرسائل والتوجيهات، وكان هذا دأبه أينما جلس حتّى آخر رمق في حياته.

مرّت سنتان ثقيلتان على حسام، ولم تزده الحياة في الإمارات إلّا إيماناً. في أحد الأيّام، وبينما كان يتصفّح إحدى الجرائد، رأى صورة صديقه عيسى قطيش الذي ارتقى شهيداً في جبل الرفيع في الإقليم، وكان هذا الخبر كالسهم الذي مزّق روحه. ويومها، هاتف أمّه معاتباً إيّاها أنّها أرسلته إلى الدنيا فيما رفاقه يرحلون إلى الآخرة. عندها، لم يجد والده بدّاً من السماح له بالعودة، فقد أدرك أنّ ابنه لن يستطيع البقاء أكثر من ذلك.

•العودة إلى ربوع المقاومة
عاد حسام إلى لبنان، لينطلق من جديد في العمل الذي لطالما أحبّ، ولمّا التقى بمسؤوله القديم تبسّم له قائلاً: "فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون"! فبدأ بتوزيع الجريدة وعمل متطوّعاً إلى أن تفرّغ للعمل المقاوم، فذهب مباشرةً إلى الإقليم حيث مكث ثلاثة أشهر متواصلة، وكأنّه كان يعوّض عن كلّ ما فاته. ومذّاك، صارت المحاور ملاذه الذي راح يمضي فيه معظم وقته.

قبل التحرير، كان يحملُ الذخائر على ظهره ويمشي بين أودية إقليم التفاح وجباله، ليكمن لأيّام وأسابيع، ويفخّخ دروب الصهاينة، ولم يؤخّره برد شتاء ولا قيظُ صيف. حفظ وهاد الجنوب عن ظهر قلب، وكم سحب من شهداء في الدروب الوعرة، وعند عودته إلى البيت يسعى بين الناس لخدمتهم. وبعد التحرير، خضع للعديد من الدورات التخصصيّة، وتسلم عدداً من المسؤوليّات في المقاومة، وتدرّج فيها، حتّى تحوّل إلى قطبٍ أساسيّ في العمل العسكريّ.

طوال مدّة عمله في المقاومة، لم ينتظر حسام طلب القيادة لتنفيذ أمر ما، بل كان يستطلع الأمور ويدرسها من كلّ جوانبها، ويبادر إلى التنفيذ بعد الاستحصال على إذن مباشر بذلك. وفي حرب تمّوز 2006م، أوكلت إليه مهمّة الرصد في قرية الخيام، فلبث ومجموعته في مكان محدّد، ولم يتحرّك منه على الرغم من أنّ كلّ ما حوله صار ركاماً، حتّى المنزل الذي كان فيه قد تضرّر، وكان يتنقّل تحت عيون طائرات الاستطلاع والطائرات الحربية حاملاً العبوات لزرعها، ومن ثمّ يعود ليحضر ما تيسّر من الطعام لمجموعته، ولم يأتِ بشيء من دكّان أو بيت إلّا ودوّنه على ورقة ليُرجعه إلى صاحبه لاحقاً. ولمّا اقترب موعد دخول الصهاينة، جمع عبوات الغاز من المنازل لشبكها ببعضها بعضاً وتفجيرها بالعدوّ.

•إلى جانب الناس
كان "أبو علي الحرّ" بالنسبة إلى قيادة المقاومة رجل المهمّات الصعبة، الذي أينما حلّ أبدع، وما صعبت عليه أيّ مهمّة عسكريّة. في العام 2010م، انتقل عمله إلى قرية عيتا الشعب، حيث تعرّف على أهلها وشبابها وأطفالها، وخلال مدّة وجيزة، ظهر تأثيره هناك، إذ خالط الناس، وساعدهم وقضى حوائجهم. وإذا ما أراد شابّ أن يلتحق بدورة، زار أهله وشرح لهم أهميّة تلك الدورة في تأهيل الشباب لمواجهة العدوّ، وكان هدفه من ذلك إشراك الأهل بدفع أبنائهم إلى الجهاد عن إيمان وقناعة. وفي مرّة قال له والد أحد المجاهدين إنّه لا يرغب في مشاركة ابنه في إحدى الدورات لأنّه لا يستطيع الاستغناء عن مساعدته له في محطّة الوقود، فأقنعه حسام بالسماح له بالذهاب، طالباً منه التوكّل على الله. وفي صبيحة اليوم التالي، توجّه الرجل إلى المحطّة ليجد حساماً قد سبقه إلى هناك ليعمل مكان ابنه، وبقي معه لأيّام عدّة حتّى طلب إليه الرجل أن يُعفي نفسه من هذه المهمّة.

•الشوق إلى الرحيل
استولى الحزن على كيانه منذ بدء حرب الدفاع عن المقدّسات والتحاق عدد من رفاقه بقافلة الشهداء، حتّى فاض دمعه ليلاً، وبثّ أشواقه في وصيّته الأخيرة، وصار يكرّر قول: "لم تعد الأرض تسعني". وقد سعى بشكل حثيث للالتحاق بالجبهة في سوريا إلى أن رضخت القيادة لإلحاحه، فأخبر أخاهُ أنّه لن يعود إلّا كما يحبُّ: "شهيداً"!

انتقل حسام إلى حمص بمهمّة قنّاص، فرصد مواقع التكفيريّين، واستطلع قيادة فصيلٍ منهم، وقرّر تفخيخ مبناهم، فتسلّل وشابّ سوريّ لهذه الغاية، ولكنّهما كُشفا، فلم يجد حسام بُدّاً من الاشتباك معهم حتّى استشهد ورفيقه، وبقيا تحت أشعّة شمس آب لسبعة أيّام، إلى أن تمّ التبادل.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

الجزائر

نرجس بلمهدي

2023-10-20 07:07:59

سلامٌ على روحه الطاهرة