نهى عبد الله
لم تكن ساعات نهار العاشر في هذا العام معزولةً عن نهار عاشوراء الحسين عليه السلام، فقد مرّت بترقّب وتوكّل على الله تعالى. حضر الجميع مودعاً ذويه، موطناً نفسه على أنها قد تكون آخر فرصة لتجديد العهد مع سيد الشهداء عليه السلام، آخر فرصة للنداء عالياً (لبيك يا حسين)، تسامح الجميع من الجميع... فقد تكون فرصة للشهادة. فتحلّى الجميع بشجاعة تنضح ولاءً للحسين عليه السلام، ولاء من نوع خاص مختلف عن سائر السنين.
المؤتمنون على حفظ أمن الأرواح، تملّكتهم اليقظة والتنبّه... والصبر والحلم من جهة ثانية، فكان لديهم معركة مختلفة، حين اجتاحهم غضب سيدة أبت الالتزام بالتوجيهات، وتسربت سريعاً رغم الحواجز، أو سيداً ظنّ نفسه فوق القانون، أو اعتقد أن ملك الموت يؤجّل لقاءه به، فلديه صلاحية المخالفة في أي وقت، ولو على حساب حياته أو حياة غيره.
مضى العاشر بأمنٍ وسلام... هكذا شعر الجميع حين أنهى سماحته خطابه العاشورائي، وانسحب المدّ البشري بسلام... لكنه خلَّف مشهداً دخيلاً غيرَ مقبول، مخلّفات لا تليق بيوم مواساة كبير، غصّت بها الشوارع نفسها التي احتضنت جموع المواسين، وتعلّقت بخطواتهم وهم يحاولون العودة إلى منازلهم.
فهناك من يتجاوز كثيراً من الحدود والآداب، ويترك الأذى في الطريق بنحوٍ لا يليق بهذا اليوم، ولا بمواساة الحسين عليه السلام، ولا بكل يوم يعيشه حسينيون.
ربما علينا أن نصوغ كل تفصيل من تفاصيل حياتنا، مهما كان صغير، لنثبت كيف نكون حسينين.