نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

صحة وحياة: ألزهايمر: خيانةُ الذاكرة


تحقيق: فاطمة خشّاب درويش


تغمض عينيها حيناً وتفتحهما بسرعة حيناً آخر. تحاول جاهدة أن تتذكّر ماذا تريد أن تقول. يقف الزمن برهةً على حدودٍ فاصلة، ولا تدري الحاجة أمّ علي أين هي في هذه اللحظات: أهي تعيش في الماضي الذي ما زالت عالقة فيه، أم في الحاضر الذي ينتشل عنوةً بعضاً من قواها حتّى تقوى على الحياة؟

وما بين الماضي والحاضر فسحات بيضاء تختلط فيها الأمور فتصبح كالطفل الذي يرغب في أن يتعرّف على حقيقة ما يدور من حوله، ولكنّه يشعر بالخجل من السؤال تارة، ويخاف من ردّة فعل من حوله تارة أخرى. هي خيانة من نوع آخر، خيانةٌ للذاكرة في لحظات ومواقف صعبة؛ إنّه مرض ألزهايمر، الذي سنتعرّف إليه أكثر في هذا المقال.


* تجارب مع المرض
تحكي السيّدة أم حسن تجربتها مع والدها الذي يعاني من مرض ألزهايمر منذ سنتين، وتقول: "بدأ بنسيان أماكن الأغراض واسم بعضها. أحياناً يناديني باسم أختي، ومع الوقت أصبحت الأمور أصعب؛ فهو شارد الذهن غالباً، حتّى أنّه لم يعد يطلب الطعام والشراب، أو دخول الحمام. إنّنا نخاف عليه كثيراً، فأحاول وإخوتي أن لا يبقى وحيداً في المنزل؛ لأنّه قد يفتح الباب ويخرج بكلّ بساطة".

بدورها، تتحدّث السيّدة سهى عن تجربتها مع والدتها الثمانينيّة. تعتني سهى بوالدتها كما تعتني الأمّ بطفلها، ولا تفارقها لحظة واحدة، وتقول: "أقلّ واجباتي أن أكون في خدمة والدتي التي ربّتني مع إخوتي الخمسة، ولن أتخلّى عنها أبداً. إنّها تحتاج إلى تناول الأدوية في وقت محدّد، ولمن يساعدها في تناول الطعام، حتّى أنّها لا تقوى على شرب كوب ماء بمفردها. كلّ ما يمكن أن يؤذيها أبعده عنها. وعندما تبدأ بالتحدّث عن أمور حصلت معها في الماضي البعيد كأنّها اليوم، أصغي إليها وأتجاوب معها، حتّى لا أجرح شعورها".

* ما هو مرض "ألزهايمر"؟
يشرح رئيس قسم الأعصاب في مستشفى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الدكتور محمود يونس لمجلّة "بقيّة الله" طبيعة مرض "ألزهايمر"، معتبراً أنّه "من أكثر أمراض الذاكرة شيوعاً. وفي المفهوم الطبّيّ، هو مرض ضموريّ متطوّر، يطال الخلايا الدماغيّة؛ فتفقد وظيفتها بشكلٍ تدريجيّ، فيحصل خلل يطال التفكير والتصرّفات، ويؤثّر في قدرة المريض على خدمة نفسه فضلاً عن قدرته على التعايش مع المجتمع".

* أسبابه
وحول أسباب مرض "ألزهايمر"، يشير الدكتور يونس إلى أسباب متعدّدة، ولكن أهمّها هو حصول خلل في عمل البروتينات الموجودة في الخلايا العصبيّة؛ ممّا يؤدّي إلى خلل في عمل الخليّة العصبيّة؛ لتفقد الارتباط بالخلايا الأخرى. وثمّة أسباب أخرى، مثل:

التلوّث البيئيّ، الاستعداد الجينيّ، قلّة الحركة، انعدام ممارسة الرياضة، السمنة، التدخين، ارتفاع الضغط، الكوليسترول، ارتفاع السُكّري، تناول الكحول، التعرّض لضربات دماغيّة، الإصابة بمرض Down Syndrome. أمّا العامل الوراثيّ فتأثيره في هذا المرض ضعيف جدّاً، تصل نسبته إلى أقلّ من 1%.

* عوارضه
يعرض الدكتور يونس مجموعة من العوارض، وهي كالآتي:

1. ضعف الذاكرة: أكثر العوارض شيوعاً هو ضعف الذاكرة، حيث يبدأ المريض بفقدان الذاكرة الحديثة تدريجيّاً، ويظهر ذلك من خلال تكرار السؤال ذاته أو نسيان فحوى المحادثات الجديدة، وكذلك عدم تذكّر أين يضع أغراضه الشخصيّة، ثمّ يتطوّر إلى نسيان أسماء الأشخاص المحيطين فيه.

2. التشويش: عدم القدرة على ترتيب الأفكار والجمل، حيث لا يمكنه توضيح ما يريد قوله بسهولة.

3. خلل في أداء الوظائف الشخصيّة: يتطوّر المرض مع الوقت؛ ليظهر خللٌ في أداء المهام الشخصيّة، فلا يعود في قدرة المريض تناول الطعام بنفسه مثلاً، أو الاهتمام بنظافته، الأمر الذي ينعكس بشكلٍ سلبيّ على مزاجه وتصرّفاته، ما يدفعه إلى حالة الكآبة، وضعف الشهيّة، والانعزال المجتمعيّ، والتقلّب في المزاج، وأحياناً يؤدي الأمر إلى ظهور تصرّفات عدائيّة. وفي هذا المجال، يعتبر الدكتور يونس أنّ النشاط الذهنيّ والمشاركة في الحياة الاجتماعيّة من العوامل التي تحفّز عمل الخلايا الدماغيّة، وتزيد في عمرها.

* كيف يجب التعاطي مع مريض ألزهايمر؟
يشدّد الدكتور يونس على ضرورة التعاطي مع مريض ألزهايمر بطريقة خاصّة، مع مراعاة تحقيق:

1. الهدوء: يجب التعاطي مع مريض ألزهايمر بهدوء، بهدف تحفيز الذاكرة بعيداً عن الإجهاد والتوتّر والنفور.

2. العاطفة: إذا كان المريض يعاني من ألزهايمر، فهذا لا يعني أنّه فقد الشعور، بل هو يحتاج إلى عاطفة أكبر وتعاطف حقيقيّ من محيطه بهدف تذكيره بالأشياء حوله، والتهدئة من روعه؛ لأنّ التذمّر له آثار سلبيّة على المريض، يجعله أكثر عزلةً عن محيطه.

* الوقاية والعلاج
هل يمكن الوقاية من مرض ألزهايمر والشفاء منه؟ يجيب الدكتور يونس: "لا يمكن الوقاية من مرض ألزهايمر، كما أنّه لا يوجد علاج للشفاء منه. كلّ ما يمكن فعله هو المساعدة عبر بعض الأدوية في الحدّ من تطوّر هذا المرض بشكلٍ كبير؛ لتجنّب الوصول إلى العواقب السلبيّة التي تؤثّر في الشخص المريض والمجتمع". يشير الدكتور يونس إلى أهمّ العوامل التي تساهم في الحدّ من تطوّر ألزهايمر وتخفّف من عوارضه، وهي:

1. التحفيز على المشاركة في الحياة والنشاطات الاجتماعيّة.

2. علاج العوامل المرضيّة المؤثّرة التي تمّت الإشارة إليها سابقاً.

3. التغذية السليمة.

4. المحافظة على النظافة البدنيّة، خاصّة الفم.

5. الحركة وممارسة الرياضة.

6. الابتعاد عن التدخين.

أمّا في الحالات المتطوّرة لمرض ألزهايمر، فيفترض العمل على تجنّب بعض الأمور التي تفاقم المرض، مثل: الالتهابات- التعثّر والوقوع أرضاً- أن يتنشّق المريض الأكل؛ لأنّ ذلك يؤدّي إلى التهابات الرئة.

وأخيراً: رفقاً بمريض ألزهايمر، فهو يحتاج إلى عناية خاصّة وإجراءات وقائيّة؛ لتفادي مضاعفات تؤثّر سلباً عليه وعلى المحيطين به.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع