نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مناسبة: حاضرٌ في الثغور


تحقيق: نانسي عمر


كنت أستمع إلى الشهيد أحمد يناجي أهل البيت عليهم السلام وهو مثخن بالجراح. وفجأةً، جثا على ركبتيه وصار ينادي: "لقد أتى.. لقد أتى.."، فسألته: "من الذي أتى؟"، فأجاب: "أتى صاحب الزمان"!

قصّة يرويها جريح نجا من كمين للعدو الإسرائيليّ في بدايات العمل المقاوم. ولم تكن الوحيدة من نوعها، إنّما ثمّة قصص أخرى حصلت مع المجاهدين تدلّ على ارتباط قلوبهم بصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وعلى مشاهد تبوح بتسديد خاص، يشهده القلب ويكسر قيود الغياب. نشير إلى بعضها في هذا التحقيق.

* غير مهملين لمراعاتكم..
يروي عبد الحسن (مجاهد في المقاومة الإسلاميّة) كيف كان يخبره قادة الكشّافة، عندما كان صغيراً، أنّ إمام زماننا عجل الله تعالى فرجه الشريف حاضر بيننا، ويتدخّل أحياناً في تفاصيل حياتنا، حتّى نما وكبر على هذه التربية والحبّ لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف. قرّر عبد الحسن الانخراط في صفوف المجاهدين، والمشاركة في قتال التكفيريّين في سوريا. يقول: "في يوم من أيّام خدمتي في سوريا، وجدت مفتاح صندوق ذخيرة، وهو عادة يُرمى بعد استعماله، فوضعته في جيبي، وأحببت أن أحتفظ به كذكرى. وضّبت أغراضي وانطلقنا من المكان الذي كنّا فيه إلى مكانٍ آخر، وقد نسيت المفتاح في جيبي لأشهر. بعد فترة، كنّا نتحضّر لإحدى المعارك، وكان العدوّ قد بدأ يقترب منّا. وعندما أردنا فتح صناديق الذخيرة، لم نجد مفتاحاً. احترنا ماذا نفعل؛ لأنّ العودة إلى مكان الذخيرة لإحضار مفتاح يستغرق وقتاً طويلاً يكون فيه الأعداء قد هاجمونا. توجهنا لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، لإيماني بحضوره ورعايته لنا، في تلك اللحظة، تذكّرت المفتاح الذي خبّأته منذ فترة، فأحضرته على عجل، وتداركنا الموقف بسرعة. حينها، عاد بي الزمن إلى ذلك القائد الذي قال لي يوماً إنّ صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف يتدخّل في كلّ تفاصيل المجاهدين، حتّى في ذخيرتهم. وعندما عدت إلى البيت، علّقت المفتاح على أحد الجدران، وكتبت فوقه الحديث المأثور عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف : "إنّا غير مهملين لمراعاتكم".

* يوم من أيّام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف 
للشهداء أيضاً قصصهم المميّزة مع إمام زمانهم عجل الله تعالى فرجه الشريف. تقول زوجة الشهيد حسن عبد الله (كرّار) إنّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف كان يمثّل بوصلة حياة للشهيد، كان يحبّه كثيراً وتربطه به علاقة خاصّة، وقد نقل هذا الحبّ الكبير إلى أولاده، فلطالما كان يوصيهم باللجوء إلى الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في حال الوقوع في مشكلة، "والإمام سيحلّها إن شاء الله". وتضيف: "كان الشهيد مواظباً على قراءة دعاء العهد ودعاء الحجّة عند رفع الأذان وبعد كلّ صلاة، إضافةً إلى زيارة آل ياسين التي كان يعدّها محور حياتنا وسندنا، وقد أوصانا بالمداومة على قراءتها. حتّى الصلاة على محمّد وآل محمّد كان يعدّها بمثابة الدعاء بتعجيل الفرج، وكانت لا تفارق لسانه أبداً". وتتابع: "لفتني في اليوم الذي تحدّدت فيه العمليّة الجهاديّة الأخيرة التي شارك فيها، أنّه وضع على حالة الهاتف (status) عبارة: (هذا اليوم هو يوم صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف )، وكأنّه كان يشعر بشيء خاص يربطه في ذلك اليوم بصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وأنّه برعايته تحت رايته. بقيت تلك العبارة مدعاة للطمأنينة لي بعد شهادته؛ لأنّني تيقّنت أنّ صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف كان حاضراً معه، وأنّه كان تحت أنظاره".

* زائرٌ لطيف..
في حادثة أخرى، يروي أحد المجاهدين أنّه كان من ضمن مجموعة مجاهدين حوصروا في أيّام الشتاء القارس، في المركز الذي كانوا يداومون فيه، بسبب تراكم الثلوج، فانقطعت عنهم إمدادات الطعام والشراب، ولم يعد أحد قادراً على الوصول إليهم. وفي إحدى الليالي، طُرق باب غرفتهم، وإذ بشاب بهيّ الطلعة عرّف عن نفسه باسم محدّد، أرسله القائد لتزويد المجموعة المحاصَرة بالطعام، فأخذوا منه المواد الغذائيّة، ثمّ ذهب. بعد ساعات، اتّصل القائد ليتفقّد أحوال المجاهدين، فشكروه على إرسال الطعام مع الشاب، لكنّهم تفاجأوا عندما نفى القائد أن يكون قد أرسل أحداً، مؤكّداً عدم وجود أي شاب في مجموعته يحمل الاسم الذي ذكروه!.

* صاحب المشورة
تقول زوجة الشهيد موسى أحمد (الشيخ ميرزا): "كان الشهيد متعلّقاً بأهل البيت عليهم السلام، ولكنّ علاقته بالإمام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف كانت متميّزة جدّاً؛ إذ كان يلجأ إليه في كلّ حالاته، وكان يناجيه ويتحدّث إليه وكأنّه ماثلٌ بين يديه. وفي كلّ مرّة يحتاج فيها إلى المشورة أو يقع في مشكلة ما، كان يجلس في غرفته ويغلق الباب على نفسه لوقت طويل؛ ليخرج بعدها مسروراً مطمئنّاً، وكأنّما وجد حلاً لمشكلته. وقد وجّه في وصيّته سلاماً خاصّاً إلى صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وأوصى المجاهدين أن يبلّغوه السلام إذا ما لاقوه ونصروه بعد ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف ".

نُصرتُه أمنيتي
أمّا زوجة الشهيد تيسير زين الدين (ملاك)، فتؤكّد مواظبة الشهيد على دعاء العهد بشكل يوميّ، حيث كانت بعض مقاطعه تعني له كثيراً، خاصّة المقطع الذي يرد فيه: "أخرجني من قبري.."؛ فقد كان طالباً للشهادة دوماً، وكان يطلب أيضاً أن يعود للجهاد مع الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حتّى لو استشهد. وبعد عودته من زيارة المراقد المقدّسة في إيران، كان دائم الحديث عن سعادته لزيارة مسجد جمكران تحديداً، حيث استشعر وجود الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف بشكلٍ أقرب، وقد وجّه إليه رسالةً خاصّةً لم يبح لأحد بفحواها.

وتتابع: "رغم أنّه تعرّض للإصابة في عينيه قبل سنة من نيله الشهادة، كان دائماً يقول: (فداء لعينيّ صاحب الزمان)، وسرعان ما عاد إلى الميدان ونال الشهادة التي كان يتمنّاها".

* كالشمس ينتفع منها الناس
ولكن ما هو سرّ علاقة المجاهدين بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف؟

يرى سماحة الشيخ عبد المنعم قبيسي في حديث مع المجلّة أنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف كالشمس ينتفع منها الناس، وأنّ علاقة المجاهدين بإمام زمانهم عجل الله تعالى فرجه الشريف هي علاقة توسّل واستمداد للقوّة؛ لأنّ المجاهد في الميدان يحتاج إلى عنصرَي قوةّ لمواجهة العدوّ: العدّة الماديّة للقتال، من سلاح وذخيرة، وقلب بصير يمتلك القدرة على الثبات والمواجهة، وهنا، يتجلّى الدعم الإلهيّ.

ففي معركة الحقّ ضدّ الباطل، يبيع المجاهدون أنفسهم لله. وفي خضمّ القتال وشدّته، يلجأون فطريّاً إلى التوسّل بالله عزّ وجلّ، ولا يجدون أسطع من أنوار أهل البيت عليهم السلام للتوسّل بها. في هذه الحالة، ونتيجة انشغال الفكر والنفس والقلب بما هو أسمى من الدنيا ومشاغلها، قد يصل الإنسان إلى درجة من الشفافيّة تجعله يستشعر وجود الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى جانبه، فيكون قلبه أكثر قابلية للتزوّد بالمعنويّات.

* على خُطى أهل البيت عليهم السلام
يختم الشيخ قبيسي قائلاً: "إنّ العلاقة مع إمام زماننا عجل الله تعالى فرجه الشريف هي علاقة مميّزة، لأنّه إمام حيّ موجود بيننا، مأمور أن لا يعرّف نفسه إلى الناس، ولكنّه حاضر يدير الأمور، ويصنع القادة، ويهيّئ المناخ لهداية الناس، وهو يتحرّك بشكلٍ فيزيائيّ كبقيّة الناس، ولكنّنا لا نعرفه". ويضيف: "وهذا ما يدعونا لأن ننهض بهذه الأمّة وننشئ جيلاً ممهّداً لظهوره المبارك، من خلال الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، والسير على خُطى أهل البيت عليهم السلام".
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

baalbak

علي الحر

2023-03-05 23:34:01

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم الشريف..مأجورة يا أختي والله يتقبل اعمالك ويجعلنا من أنصار الامام❤️