في رثاء العلامة السيد محمد حسن ترحيني رحمه الله
خبرٌ له أم القرى تتفجع
ويكاد ركنُ عمادِها يتصدع
نبأ به أم العلوم لخطبه
ثكلى تسح دماً له تتلوع
يا ناعياً ابن النبوغ هنيهة
من رزئه أكبادنا تتقطع
ما كان بالحسبان يابن المصطفى
أبواب عمرك بالمنية تُقرع
عَجِلاً أراك رحلت مع ركب الردى
تهفو إلى الاجداد شوقاً تسرع
فهنئت في قرب النبي محمد
وإلى ذرى الكرار طاب المربع
لله أنت نزيل لحدٍ روضه
جنات عدن بالأريج يضوع
يا أيها العلم الزكي فلم تمت
كالبدر باقٍ في السماء تشعشع
أوتيت علماً ملهماً وكأنه
تاج على رأس العلوم مرصَّع
وحصافة ينبي النجابةَ أصلها
تحنو لها كل العقول وتخضع
ورشحت ما ملكت يداك مواهباً
فيها الفضائل والمناقب تُجمع
ماذا أحدث عنك يابن محمد
لمّا رحلت فكل نادٍ بلقع
ما أنت إلا مرجع الكل الذي
بفؤاده علم النبوة مودع
كل المحافل والنوادي تشتكي
حزناً وتبكي للمصاب وتُفجع
حزني عليك كحزن أمٍ ثكلة
عبرى الجفون ودمعها لا يقطع
والدمع من جفني نجيع أحمر
لو تسكن الأجفانَ هذي الأدمع
من ذا يكفكف دمعتي ويعينني
من بعد ما غاب الخطيب المصقِع
ماخلت أن الموت يخسف بدركم
حتى على الأكتاف نعشَك يُرفع
مالي أراك وقد أجبت إلى الردى
في سرعة كالبرق بل هو أسرع
انظر إلى عبا تذوب مرارة
وبغصةٍ كأس الأسى تتجرع
انظر إلى الأعلام حولك حوّماً
حفت بنعشك والمآقي هُمَّع
تأتي الجموع إليك من بلدانها
هذا يئن شجىً وهذا يجزع
في كل فرد بالوفود مكبر
ومهللٌ من هوله يسترجع
يتسابقون لحمل جثمانٍ له
شأن أجل من الملوك وأرفع
وتركتهم أسرى الغموم يئنهم
زفرات أشجانٍ وفاض المدمع
خلفتهم رهن الشجون بفقدكم
هيات أن تغفو الجفون وتهجع
فدعت إلى رب السماء بعيدها
أن يجبر الخسرانَ طودٌ أمنع
الشيخ يحيى حوماني