مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

قصة: العقاب

هلا ضاهر برق


ومضت فترة طويلة غاب فيها عن الوجود. ورغم شدّة البرد، كان العرق يتصبّب منه وهو يتوارى بين أشجار السرو. عتاده الثقيل على ظهره يراقب الطريق الممتدة أمامه، من ثلاث جهات، بانتظار مرور آخر دورية مشاة للعملاء اللّحديّين، والتي انقسمت إلى ثلاث مجموعات. سارت كل مجموعة منها في اتجاه. وما إن أشارت الساعة إلى الثانية عشرة وخمس دقائق حتى أضاءت ومضات سريعة لعدّة مصابيح معلنةً نهاية مهمة الاستطلاع الليلي، ليعود أفراد المجموعة ويتمركزوا تحت نوافذ الدشم...

عندها زحف وحده باتجاه المنزل القائم في أعلى نقطة من القرية، دار على عقبيه باتجاه المدخل الجنوبي للمنزل متسلّقاً الحائط بخفّة ممسكاً بحلقات حديديّة واسعة تمتد صعوداً، ساعدته على التسلّق، وفي خفّة قفز إلى السطح وانزلق إلى العمق. استبدل حذاءه بخفّ بينما عيناه تفحصان في كل زاوية، وأذناه تنصتان لتلتقطا أدق الأصوات. تحوّل ليله إلى نهار. انتحى جانباً في إحدى الزوايا المطلّة على الباحة الأماميّة للمنزل وتهيّأ لنسف العبوة المعدّة مسبقاً عند المدخل الأمامي. وسيكون لديه حوالي أربع إلى خمس دقائق للانسحاب بهدوءٍ تام...

انقضت لحظات ولعلّها ساعات فلم يكن يدري ولم يكن يعنيه أن يدري، بل ليس يعنيه الزمن نفسه فعقارب الساعة كانت تتراقص على إيقاع نبضات قلبه، وبدأت تهدأ عندما أزاح الفجر بأصابعه ستارة العتمة، وبدأ ينبعث خيط من شعاع أزرق. بدا كلّ شيء هادئاً في ذلك الصباح، ما خلا صوت أقدام الجنود في الخارج.

بدت الدّار مقفرة، كما لو أنّها خلت من الحياة. وتوالت في رأسه الخواطر وتساءل أين هو "حافظ"؟؟ لِمَ لم يظهر حتى الساعة؟ وبينما كان يجول بمنظاره جابت في مخيّلته صور وأحداث ما زالت تتناقلها ألسنة أهل القرية عن أساليب التعذيب القاسية التي تعرضوا لها بين يدي حافظ ومنهم من لفظ أنفاسه الأخيرة حتى استشهد... يستطيع الآن أن يلمس مشاعر السعادة التي اجتاحت نفسه لأنه سينزل به العقاب المناسب. مرت لحظات من السكون والصمت وانقطعت بسماع صوت أقدام، فاستعد للضغط على زر التفجير، وما إن لامسته أنامله حتى ذهل لما رأى...

أخذ يتنهد بسرعة حتى كادت أنفاسه تفضح أمره فتراجع إلى الخلف ونظراته لا تفارق العميل حافظ يحيط به ولداه الصغيران... غادر المكان والغصّة تخنقه "لا بدّ أن ينال عقابه يوماً".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع