يقول الإمام الخميني قدس سره محذراً من التهاون بالإخلاص في العمل: في أيها العزيز حاسب نفسك عند كل عمل، وأسألها ما هو الدافع للأعمال الخيّرة الشريفة؟
ما الذي يدفعك إلى السؤال عن أحكام صلاة الليل؟
هل تريد أن تتفهّم أحكام صلاة الليل حقاً أو تريد تعليم المستمعين والحضور... أم تريد أن توحي إلى الناس بأنك من أهل صلاة الليل؟!
لماذا تريد إخبار الناس عن عدد زياراتك للأماكن المقدسة؟!... أو الصدقات التي أرسلتها للفقراء والمساكين؟!.. وإذا كان ذلك بقصد أن يتأسى به الناس باعتبار "الدال على الخير كفاعله" فهذا فعلٌ حسن، وعليك بشكر الله على هذا القلب الطاهر.
وعلى الإنسان أن لا ينخدع بمكر النفس وتصويرها أنّ العمل المرائي هو عمل مقدس، مع العلم أن مكائد النفس خفيةٌ جداً... والشيطان أعطى لربّه عهداً أن ليس له سلطانٌ على عباد الله المخلصين... فلما نرى أحياناً للشيطان سيطرةً علينا؟ والمفروض أن لا يصل إلى ساحتهم المقدسة...
كما ذكر ذلك شيخنا الكبير الشيخ محمد علي الشاه آبادي (دام ظله العالي)، عندما قال: "فإن الشيطان كلبُ أعتاب الحضرة الإلهية، فلا ينبح في وجه من كانت له معرفة بالله، وكلب الدار لا يُطاردُ معارف صاحب الدار، ولكنه لا يسمحُ بالدخول لمن ليست له معرفةٌ بصاحب الدار".
ويلٌ لأهل الطاعة والعبادة والعلم الذين يرون أنفسهم في الآخرة، من أهل الكبائر المعاصي، بحيث أن صحيفة أعمالهم تكون أشدّ سواداً من صحائف الكفار المشركين.
ويلٌ لمن يدخل يدخل بصلاته وطاعته وصدقته جهنم نعوذ بالله تعالى.
أيها العزيز: اكتب على قلبك، ومهما عانيت "أن لا مؤثر في الوجود إلا الله"؟... أدخِل إلى قلبك التوحيد العملي، واختم عليه بهذا الختم الشريف "لا إله إلا الله"، وافهمه أن الناس لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، والله وحده هو النافع والضار، وإرادته سبحانه قاهرةٌ لجميع الإرادات.
عندها تستأصل جذور الشرك، والرياء والنفاق من قلبك.
أيها العزيز، أخضع أعمالك وتعاملك وحركاتك وسكناتك للملاحظة، وحاسب قلبك حساباً شديداً مثلما يحاسبُ شخصٌ من أهل الدنيا شريكه، وارك كلّ عملٍ فيه شبهة الرياء والتملق ولو كان عملاً شريفاً جداً، وإذا لم تستطع الإخلاص في واجباتك علناً، فأدّها في الخفاء.. وقليل ما يقفع الرياء في أصل الواجب والأغلب أن يقع في الخصوصيات والمستحبات والإضافات.
عليك بالجدّ والمجاهدة تجنباً لغضب الله تعالى، واذكر الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "من تزين للناس بما يُحبُّ الله، وبارز لله في السر بما يكره الله، لقي الله وهو عليه غضبانٌ وله ماقت".