د. محمود حلال
حوار: حسن ريا
القرحة مرض غير خطير ولكنه مزعج ومؤذٍ لأنه يحرم المريض من كثير من المأكولات ومنتشر في مجتمعنا حيث لا يكاد يخلو بيت من أن يكون أحد أفراده مصاباً بالقرحة. ومرض القرحة أعراضه تشترك مع أعراض السرطان، لذلك سنلقي الضوء على هذا المرض من حيث الأسباب والأعراض والعلاج وغيرها مع الدكتور محمود حلال المختص في الجهاز الهضمي والطب الداخلي، وخريج الجامعة الأميركية في بيروت ومشارك في أكثر من 7 مؤتمرات عالمية ومحلية آخرها المؤتمر الأوروبي العالمي للجهاز الهضمي في برمنغهام.
* تعريف القرحة
1- بداية هل يمكن أن نعرف القارئ إلى مرض تقرح المعدة وماذا تعني القرحة؟
- هو غياب النسيج المخاطي المبطن للمعدة وهو عبارة عن غياب جزئي وليس كلي. والقرحة عبارة عن جرح بسيط (يصل قطره حتى 30 مليمتراً) شبيه بالحمو الذي يظهر في الفم مع الفارق أن هذا الحمو يكون على جدار المعدة.
* الأسباب
2- ما هي العوامل والأسباب والمؤثرات المؤدية لحدوث القرحات؟
- هناك عدة عوامل وأسباب تؤدي لحدوث القرحة وهي:
أ- العامل الوراثي: العائلة التي يكون أحد أفرادها مصاباً بالقرحة، يكون أفرادها أكثر من غيرهم عرضة للاصابة بالقرحة.
ب- العامل النفسي: أي الضغط النفسي الشديد Stress in general.
ج- بسبب الأدوية: كالأدوية التي تستعمل لأوجاع الظهر والمفاصل وأدوية العصبي Anticlometorie، أيضاً تناول الاسبرين بكثرة يؤدي إلى جروح وتقرحات وخصوصاً عند الذين يعانون من تحسس في المعدة، أيضاً بعض مشتقات الأدوية التي يدخل في تركيبتها مضادات الالتهابات Nistroid anticenflamating إضافة إلى تأثير أدوية Cortizon على بعض الأشخاص.
د- البقاء دون طعام لفترات طويلة.
ز- أيضاً من العوامل المسببة للقرحات وجود جرثومة Hilikobacterpylori في المعدة وفي الاثني عشري.
3- هل التدخين يسبب القرحة؟
- التدخين عامل مساعد في عدم الشفاء من القرحة وليس من الأسباب المؤدية للقرحة، فالمريض المصاب بالقرحة ويدخن لا يشفى من القرحة، كما أن التوابل والبهارات والحر والقهوة والأسيد والحوامض كلها عوامل مساعدة لهيجان القرحة وعوارضها وليست من الأسباب.
* العوارض
4- كيف يعلم المريض أنه مصاب بقرحة المعدة وما هي العوارض؟
- يعلم المريض أنه مصاب بالقرحة من الأعراض، وأهم أعراض القرحة هي:
- حرقة في المريء والصدر.
- ألم حارق وقاضم على فم المعدة وينتشر في القسم الأعلى من البطن.
- يجوع المريض بسرعة مع عدم قدرة على تحمل الجوع والصيام والبقاء بدون أكل لأكثر من ست ساعات.
- تصبح بعض المأكولات مؤذية مثل الحامض والحر والبهارات والقهوة والدهنيات والأسيد.
هذه هي الأعراض الأولية للقرحة أما أعراض مضاعفات القرحة فهي:
- النزيف الهضمي: في هذه الحالة يتقيأ المريض دماً يشبه تفل القهوة ويلاحظ أن لون وشكل برازه تغير فيصبح سائلاً ومائلاً إلى السواد.
- الانثقاب القرصي أو ما يعبر عنه بانفجار القرحة بحيث يتم اجراء عمل جراحي في هذه الحالة لاستئصال القرحة وتنظيف البريزوان.
- تضيق فؤاد المعدة أو البواب (المنطقة الواصلة بين المعدة والاثني عشري) وتكون شكاية المريض في هذه الحالة على شكل قيء للطعام المتناول قبل عدة ساعات.
5- غالبية الناس تشكو من حرقة المريء فكيف تضعونها في خانة عوارض القرحة؟
- عندما تكون حرقة المريء مستمرة حتى لو تناول المريض الطعام أو Anti – Acide molex ومتكررة صباحاً ومساءً وخلال النهار فهي من أعراض القرحة ومن الضروري هنا مراجعة الطبيب الاختصاصي ليشخص ما إذا كانت المشكلة قرحة أم زيادة افراز في الحامض المعدي.
* المخاطر
6- ما هي مخاطر القرحة وهي هي مميتة؟
- في ظل التطور الكبير في عالم الطب لم تعد القرحة مرضاً خطيراً يؤدي إلى الموت أو يصعب علاجه لكن في حالات النزف الشديد وخصوصاً عند الطاعنين في السن حيث لا يستطيع الطب ايقاف هذا النزيف فيسبب انخفاضاً في الضغط وخطورة في العمل الجراحي فيظل المريض ينزف حتى الموت، إنما وفي بعض الحالات يتوهم المريض أنه مصاباً بالقرحة وذلك من خلال الأعراض والمضاعفات، إنما في الحقيقة يكون مصاباً بمرض خبيث في المعدة وذلك لأن السرطان يشترك من حيث الأعراض والمضاعفات مع القرحة في المعدة عند كبار السن، ولهذا السبب يجب أن يكون التشخيص واضحاً عن طريق اجراء تنظير للمعدة وأخذ عينات من جدار القرحة وفحصها مخبرياً.
7- متى يجب أن يخضع مريض القرحة لعملية جراحية وكم تبلغ نسبة نجاح هذه العمليات؟
- هناك ثلاث حالات يجب فيها أن يخضع مريض القرحة لعملية جراحية وهي:
- النزف الشديد: وذلك عندما لا نستطيع ايقاف النزيف بالأدوية أو بالكوي من خلال التنظير أو عن طريق حقن الدواء تحت الشريان الذي ينزف.
- انسداد بواب المعدة: في هذه الحالة تقوم بالعمل الجزئي لأن العلاج الطبيعي لا يفيد المريض.
- انثقاب المعدة: في هذه الحالة هناك ضرورة للجراحة لأن القرحة تصبح عميقة في جدار المعدة وتثقبه.
وتكون نسبة نجاح عمليات القرحة عالية جداً فهي تزيد عن 80% وبالعموم ليس لعمليات القرحة آثار سلبية وسيئة إلا إذا تم استئصال أكثر من نصف المعدة، أما إذا حوّل مجرى الأكل أو قطع العصب فلا وجود للأثر السيّئ على المعدة وخصوصاً إذا توقى المريض الممنوعات واتبع نصيحة الطبيب فسيعيش حياة طبيعية بعد العملية.
* وسائل التشخيص
8- إلى أي مدى وصل الطب الحديث في تشخيص القرحة وما هي أفضل الوسائل التي تشخص الاصابة بشكل دقيق؟
- أستطيع أن أقول إن نسبة التشخيص الدقيق التي وصل إليها الطب الحديث هي 99% وذلك من خلال عمليات التنظير، أما في السابق فكانت هذه النسبة أقل بكثير لأن التشخيص كان يعتمد على الأعراض وعلى تصوير المريض بالصورة الظليلة بالباريوم وهذه الصور لا تكشف إلا القرحات الكبيرة بينما القرحات الصغيرة والجروح والالتهابات لا تكشفها.
ويوجد اليوم نوعان من آلات التنظير:
- آلات ذات كاميرا وموصولة إلى شاشة.
- آلات تعتمد على عدسة في رأس المنظار.
ونحن نقوم بإدخال المنظار من فم المريض وصولاً إلى المعدة والاثنى عشري، أيضاً تعتمد دقة التشخيص على الطبيب الذي يقوم بعملية التنظير، ولكن هناك نسبة في دقة الفحص متفق عليها كحد أدنى وهي 95%، ثم تبدأ هذه النسبة ترتفع وصولاً إلى 100% عند الأطباء ذوي الخبرة الطويلة.
* العلاج
9- ما هي أهم العلاجات وما هي أهم الممنوعات؟
- هناك مجموعة كبيرة من الأدوية التي تعالج القرحة وتقسم إلى ثلاث عوائل:
أ- عائلة الأدوية التي تمنع الافراز المركزي لحامض المعدة وتسمى orotonpemp Inibital وهذه الأدوية تمنع افراز الحامض من الخلية المصابة.
ب- عائلة الأدوية التي تمنع افراز الأسيد في المعدة Hipchlorjde Acide.
ج- عائلة الأدوية المضادة للحموضة أي التي تعادل الحامض الموجود في المعدة.
ويضاف إلى هذه الأدوية أدوية الالتهابات.
أما الممنوعات من الأطعمة والأشربة والمفروض أن يمتنع عن تناولها المريض فهي:
- أولاً يجب الامتناع عن التدخين لأن مريض القرحة المدخن لا يشفى أبداً وهذا ما تؤكده وتشير إليه الأبحاث العلمية بأن التدخين يعيق شفاء القرحة ويزيد أعراضها.
- الامتناع عن تناول القهوة لأنها تؤدي إلى زيادة الحرقة والألم إنما لا تعيق شفاء القرحة.
- المأكولات التي تدخل في تركيبتها التوابل والبهارات والحر والحوامض والدهنيات والزبدة والسمن البلدي والكبيس.
- الأسيد والمشروبات الغازية بأنواعها.
- بعض أنواع الشوكولا.
وبالعموم لا توجد مأكولات تسبب القرحة وإنما جميع هذه الأطعمة مهيجة للقرحة الموجودة.
10- هل من الممكن أن تسبب القرحة مرض السرطان؟
القرحة لا تسبب مرضاً خبيثاً أبداً وأما الحاصل أن المريض يعتقد بأنه مصاب بالقرحة في البداية وممكن أن يكون تشخيص الطبيب المعالج خاطئاً لعدم استعماله الوسائل الصحيحة في التشخيص، فيشخص أن مريضه مصاب بالقرحة، أما في الحقيقة فيكون المريض مصاب بمرض خبيث وهذا يعود لاشتراك أعراض القرحة مع أعراض السرطان، لهذا نقول يجب خضوع كل مريض قرحة إلى عملية تنظير وأخذ عينات من جدار القرحة وزرعها مخبرياً للتأكد من نوعية الخلايا الموجودة في القرحة. وأنا لا أقبل أن يعطى مريض القرحة علاجاً بدون تنظير وأخذ عينات لأنه من الممكن أن تكون الأعراض أعراض مرض خبيث.
* انتشار المشكلة
11- ما مدى انتشار مرض القرحة في مجتمعنا وما هي الأعمار الأكثر إصابة به؟
- لا توجد دراسات دقيقة في مجتمعنا عن هذا الموضوع ولكن من عدة سنوات خبرة أستطيع أن أقول إن هناك نسبة عالية من الشباب اللبناني عانى ويعاني من مشاكل كثيرة في المعدة من عسر هضم وعصبي وقرحة، فهناك أكثر من 70% من الشعب اللبناني يشكو من أعراض في المعدة وهذا ناتج عن الضغط النفسي من أيام الحرب والخوف والتوتر والوضع الاقتصادي السيّئ الآن. فيكاد لا يخلو بيت أحد أفراده غير مصاب بالقرحة، أما في المجتمعات الغربية فالدراسات تشير إلى أن أكثر من 50% من الشباب مصاب بقرحة المعدة والاثنى عشري.
أما الأعمار الأكثر إصابة بها فكبار السن هم الأكثر إصابة، وبالعموم الرجال أكثر عرضة للإصابة بالقرحة من النساء ونسبتها عند الرجال أكثر مما هي عند النساء.