مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

المسلمون في "كوسوفو" (2)

 


يسلط هذا التقرير الضوء على الأوضاع الكارثية التي يعيشها المسلمون في "كوسوفو" والاضطهاد الفظيع الذي يتعرضون له من قبل الصرب. وقد ناشدنا كاتب التقرير نشره لعله يساعد في تخفيف الكارثة خاصة وأنهم يتعرضون لتعتيم اعلامي مطبق. في العدد الماضي تحدثنا عن تاريخ انتشار الإسلام في كوسوفو وحالة النشاط الإسلامي في هذا الاقليم. في هذا العدد الحلقة الثانية والأخيرة من التقرير.

هـ ـ اضطهاد المسلمين:
يطال اضطهاد المسلمين جوانب الحياة السياسية كافة، الاقتصادية، الاجتماعية، التعليمية، والعسكرية.
1 ـ الجانب العسكري: إن برلمان كوسوفو الشرعي ممنوع من العمل من قبل الاحتلال الصربي المستمر. نتيجة لذلك فإن كوسوفو بأسرها مسيطر عليها من قبل صربيا. إن الحكم الذاتي لمسلمي كوسوفو منكر عليهم ليس فقط من قبل صربيا ومونتغرو بل أيضاً من المجتمع العالمي الذي ينظر بعين عمياء إلى الأحداث في كوسوفو وذلك على الرغم من التقارير العالمية ومنظمات حقوق الإنسان التي توثق اضطهاد ليس المسلمين الألبان فقط بل كل المقيمين غير الصرب في كوسوفو.
في الانتخابات لبرلمان صربيا، انتخب خمسة ألبان لتمثيل كوسوفو. حصل هؤلاء على نسبة من الأصوات تعادل وعلى التوابي 0,09%، 0,62%، 0,52%، 3,219%, و0,01%، من مجموع عدد الناخبين.

2 ـ الجانب الاقتصادي: لم يسمح شعار يوغوسلافيا الاشتراكي سوى بدرجة محدودة من المبادرة الفردية مع وجود شركات وصناعات رئيسية تحت سيطرت الحكومة. بعد سقوط الشيوعية بقيت تلك الشركات تحت سيطرة الحكومة. قامت السياسة الصربية بتحويل إدارة الشركات والصناعات الحكومية في كوسوفو من أيدي المسلمين إلى الإدارة الصربية وذلك عن طريق دمج 296 شركة كوسوفية بمثيلاتها الصربية. من تلك الشركات والصناعات الكهرباء، السكك الحديدية، المواصلات، الطيران الجوي، المناجم، الصناعات الثقيلة، الزراعة والسياحة، الخ... تصدر أرباح هذه الشركة كافة مباشرة إلى صربيا. أصبح العديد من تلك الشركات قريباً جداً من حد الإفلاس وذلك نتيجة لطرد الموظفين المسلمين الكفوئين واستيراد يد صربية عاملة غير كفوءة من صربيا. منجم تريبيا مثلاً يخسر 57,200,000 دولاراً أميركياً سنوياً.
أما بالنسبة للمهن والأعمال الصغيرة فإن الإجراءات الجديدة جعلت من المستحيل لأحدها الاستمرار خصوصاً من ناحية الضرائب الباهظة التي فرضت بحيث لا يمكن أن يتوافر أي ربح فائض على الضرائب المأخوذة. كذلك فقد اتخذت إجراءات وشروط للحصول على رخصة عمل تجعل من المستحيل افتتاح أي مهنة جديدة. ولعله من غير الضروري هنا الإشارة إلى "الأساليب الخاصة" التي تعمد السلطات الصربية إلى اتخاذها في عملية تطبيق الإجراءات الآنفة الذكر.

أما الأراضي الزراعية المملوكة من قبل المسلمين فقد صادرتها السلطات الصربية واستبدلتها بمستوطنات صربية وخصوصاً في المناطق ذات الكثافة السكانية الإسلامية. أما أموال العمال المسلمين المغتربين القادمة إلى كوسوفو فهي تصادر على نقاط التفتيش الحدودية. كذلك فإن البضائع التي يحملها الألبان المسلمون العائدون إلى كوسوفو لأهداف تجارية، فهي تصادر منهم. هناك الكثيرون ممن يجبرون على العمل بالتجارة نتيجة لطردهم المجحف من أعمالهم.

حتى البيئة نفسها لم تنج من القمع الصربي. فالغابات في كوسوفو تقطع وينقل الخشب إلى صربيا. تتجاوز كمية الخشب المستخرجة من كوسوفو 500,000م3. حتى قبل سقوط الشيوعية فإن نسبة البطالة بين المسلمين كانت مرتفعة جداً. فمنذ العام 1989 طرد حوالي 150,000 مسلم من أعمالهم مما يجعل نسبة البطالة بين المسلمين تتجاوز التسعين بالمئة (90%) وهذه النسبة ترتفع يومياً. جميع الأطباء والممرضين الألبان المسلمين طردوا من المستشفيات والمسلمون الألبان محرومون من دخول المستشفيات للعلاج. أدى ذلك إلى إقفال بعض أقسام المستشفيات. إضافة إلى طرد جميع المصلين المسلمين الألبان من أعمالهم، فإن 169 قاضياً ألبانياً مسلماً قد طردوا من أعمالهم أيضاً.

3 ـ الجانب الاجتماعي: نتيجة للحضور الكلي للجنود الصرب والميليشيا الصربية بحجة حالة الطوارئ المعلنة منذ عام 1981 فإن الحياة الاجتماعية ممزقة تماماً. فأنت غير آمن سواء أكنت في منزلك أو في الشارع وذلك خوفاً من الاعتداء عليك في الشارع أو تعرض منزلك للتفتيش الاعتباطي غير المبرر الذي يرافقه دائماً الوحشية والسرقة.

أما النساء فهن معرضات وبشكل خاص للاعتداء عليهن من قبل الجنود الصرب. ففي آخر حادث، حصل أن تعرضت امرأة مسلمة للاغتصاب من قبل صربي علناً وفي أحد الشوارع الرئيسية في العاصمة برشتينا. لم يتحرك الجنود الصرب إلا بعد انتهاء الحادث وفي هذه الحالة حكم على الجاني بالسجن لمدة 30 يوماً ولكن في حالات أخرى كان يطلق سراح المغتصبين الصرب.
لا يوجد عائلة مسلمة واحدة لم يسجن أو يحاكم أحد أفرادها. فالتعذيب أصبح عملاً روتينياً أي عادياً جداً لم يعد أبداً شيئاً غير مألوف.

أقفلت جميع الإذاعات والمحطات التلفزيونية التي تبث بالألبانية وحتى الجريدة الوحيدة التي تنشر بالألبانية (ويلندجا) قد حظرت ومنعت من الصدور. وهي اليوم تصدر في تيرانا.
لم تتوقف الدعاية الصربية عن تعبئة الرأي العام الصربي وذلك عن طريق الحديث عن الاضطهادات الموهومة التي ستنتج من جراء قيام القومية الألبانية أو الانفصالية الألبانية وقد كان لهذه الحملة الدعائية نجاح واسع في عملية تحذير تأييد الصرب لسياسة الحكومة لكن يوغوسلافيا الهادئة لا يمكن لها أن تستمر في ظل الاصرار على الاستمرار في انتهاك حقوق الإنسان وبشكل واسع وبمثل هذه القسوة (يمكن أن نقارن الوضع هنا بالدعاية العنصرية لكل من "سوارت جيفار" و"رودي جيفار").

نظراً لوضع يد الصرب على المستشفيات يجد المسلمون صعوبة في الحصول على العلاج الطبي. لم يعد رفض السماح للمسلمات دخول المستشفيات أمراً غير مألوف وحتى لو كن في وضع الولادة. لقد أجبرن على اللجوء إلى قابلات ليس بمقدورهن عمل أي شيء في الحالات الصعبة. نتيجة لسوء المعالجة وخوفاً من القتل على يد الأطباء الصرب، تولد لدى المسلمين الألبان شعور بكراهية حتى الحصول على علاج في هذه المستشفيات.
يتميز المجتمع المسلم بالفقر حيث تجاوزت نسبة البطالة 90% وأصبح 500,000 مسلم مهددون بالموت جوعاً. فالبقاء على قيد الحياة مرهون بالمساعدة المالية التي تصل من الأقارب العاملين خارج كوسوفو أو من الهبات المعطاة من قبل المسلمين الأكثر حظاً. تشكلت في كل قرية لجنة لمراقبة توزيع الهبات على أولئك الذين لا يجدون أحداً للجوء إليه.
نظراً للوضع السياسي العسكري والاقتصادي فإن ما يزيد على 350,000 مسلم قد لجأوا إلى البلدان الغربية حيث يقيم العديد منهم في كنائس هناك.

4 ـ الجانب التعليمي والثقافي: لقد سبق وتحدثنا عن مظاهرات 1968 التي طالب المسلمون فيها بجامعة في كوسوفو. وقد تحقق هذا المطلب فيما بعد. لكن وبعد الغاء استقلال كوسوفو الذاتي، قامت الإدارة الصربية بتحويل كل قطاع التعليم في كوسوفو إلى الصربية. وعلى الرغم من أن 90% من السكان يتكلمون الألبانية، إلا أن اللغة الألبانية قد حظر استعمالها في المعاهد التعليمية والمكاتب الحكومية وفرضت اللغة الصربية بدلاً منها. كذلك فقد قام الصرب بفرض المنهاج التعليمي الصربي الذي يتجاهل المسلمون الألبان تماماً ويمجد بالثقافة والتاريخ الصربي. إضافة إلى أن هذا العمل يشكل عنصرية في التعليم فهو يعتبر محاولة جدية لتدمير الإسلام وهوية الألبان الإسلامية نفسياً.
لكن التعليم استمر فالمعلمون والمحاضرون المطرودون يقومون باعطاء دروس خصوصية في المنازل وعلى كل المستويات التعليمية حتى أن رسائل الدكتوراه استمرت ودوفع عنها. يتلقى المعلمون والمحاضرون أجوراً من الهبات.

ولعله من الواضح جداً أن نوعاً من الكارثة التعليمية هي هذه، فالشهادات مختومة وموقعة من "جامعة برشينا ـ جمهورية كوسوفو" ولكنه غير معترف بها من أي بلد سوى ألبانيا. وأما أصحاب هذه الشهادات فهم معرضون دائماً للاضطهاد. لقد غادر الكثير من الطلاب إلى بلدان أخرى لمتابعة تعليمهم. وحديثاً فقد تم اعادة افتتاح قليل من المدارس في المناطق النائية على الرغم من اقفال السلطات الصربية لها.

5 ـ الجانب العسكري: تقع كوسوفو تحت الاحتلال العسكري. ولتعزيز السيطرة العسكرية عليها فقد تم ارسال ما يزيد على 85,000 جندي صربي إلى المنطقة. يقوم الصرب بتجنيد المسلمين الزامياً في الجيش الصربي ويرسلونهم إلى البوسنة والهرسك لقتل إخوتهم المسلمين. لذلك فإن كثيراً من الشباب المسلم قد هرب من كوسوفو، ولسوء الحظ فإنهم غالباً ما يجدون اللجوء في البلدان الغربية وتحت رعاية المنظمات التبشيرية. لقد كان عدد المسلمين الألبان الذين ماتوا وهم يخدمون في الجيش اليوغوسلافي (الصربي) في أوضاع غير حربية مرتفعاً جداً وغير مقبول أبداً. فقد كانت الأجساد تعود في توابيت مختومة دون وجود أي تقرير عن تشريح الجثة والذي يحدد سبب الوفاة ومن غير المسموح بتاتاً فتح هذه التوابيت. هذا بالطبع قبل عام 1993. فالآن لا يوجد في الجيش اليوغسلافي (أو الصربي) ما عدا أولئك المأخوذين بالقوة.
أما المسلمون في الشرطة فقد طردوا جميعاً من أعمالهم وأصبحت قوة البوليس صربية تماماً. ويقوم الصرب بالتلاعب بالتقارير الرسمية ليكون السيناريو الذي يصل إلى العالم الخارجي ملائماً تماماً لرغباتهم.

و ـ الوضع الحالي والتوقعات في المستقبل:
يعتبر الوضع الحالي قاتماً وكئيباً. فالمسلمون هم ضحايا الإبادة الجماعية الاقتصادية والجسدية. فإن لم يستطع التعذيب الصربي اجتثاثهم من الجذور فإن السياسة الاقتصادية الصربية ستقوم بهذا الدور. وكما سبق فإن بقاء المسلمين متعلق بالهبات لكن العالم الإسلامي ما زال غير مبال بمحنة المسلمين في كوسوفو.

ماذا بوسعنا أن نتقبل في المستقبل؟
منذ عام 1981 أعلنت حالة الطوارئ في كوسوفو. يبلغ عدد الجنود الصرب في كوسوفو ما يزيد على 85000. ويجرى دائماً تفتيش دقيق من منزل لمنزل من قبل هؤلاء الجنود بهدف مصادرة أي سلاح (لا يوجد أسلحة تماماً) من أيدي المسلمين مع العلم بأن المنازل الصربية مليئة بالأسلحة الأكثر تطوراً. ولقد تم تأكيد ذلك مرة من رئيس مجموعة النواب الأوروبيين التي زارت كوسوفو في نهاية عام 1993.
كل هذه الأوضاع في كوسوفو ليست سوى مقدار قليل مما هو متوقع. فكوسوفو لم تكن قادرة على جذب انتباه الاعلام العالمي وحتى يتم ذلك فستكون يد صربيا حرة في تفعيل خططها لإبادة المسلمين في كوسوفو وإقامة صربيا الكبرى.
أعلن نائب رئيس الحزب الراديكالي، إليما شوفيك، "نحن نرغب في تغيير التوازن الاقتصادي والعرقي في كوسوفو... إن السياسة الراديكالية تجد نفسها عن طريق تشجيع الصرب الذين غادروا المنطقة في العقود الأخيرة للعودة إليها وطرد مجموعات كبيرة من الألبان"!

ز ـ تقرير عن بعض انتهاكات حقوق الإنسان في كوسوفو منذ 1989:
ـ يتعرض الصحافيون الأجانب وأعضاء جمعيات حقوق الإنسان العالمية للمضايقة والايقاف وغالباً الحجز في مراكز البوليس.
23 آذار 1918: في ظل الاحتلال العسكري أجبر برلمان كوسوفو على الغاء الاستقلال الذاتي وعرف الدستور المبدل بـ"دستور الدبابات".
ـ عام 1990: قتل 34 شخصاً خلال المظاهرات وجرح 284 كما وجرح 214 شخصاً خلال ما تبقى من ذلك العام.
ـ قتل خمسة في السجن عن طريق رميهم من الشباك أو إجبارهم على الانتحار بعد استجوابهم من البوليس.
ـ اعتقال من دون محاكمة أو شكوى قانونية.
ـ كانون الثاني، شباط وآذار 1990: قتل البوليس 33 شخصاً عن طريق اطلاق الرصاص عليهم في الظهر كما وجرح 204 آخرين.
ـ 5 تموز 1990: تم وضع نهاية لمجلس نواب كوسوفو، الحكومة المنبثقة عنه وجميع الإدارات الحكومية كما وأجبر التلفزيون والراديو اللذين يبثان باللغة الألبانية على التوقف.
ـ 7 آب 1990: تم وقف نشر الجريدة الوحيدة المكتوبة بالألبانية "ريلندجا".
ـ 17 و18 تشرين الثاني 1990: حكم على المسلمين الألبان الذين وجد معهم أشرطة مسجلة لموسيقى ألبانية بالسجن لمدة 740 يوماً كما وحكم على آخرون بالسجن لمدة 700 يوماً لأنهم كانوا يقرأون "ديللي (الشمس) وهي مجلة قانونية الصدور.
ـ تشرين الثاني وكانون الأول 1990: تعرض 7000 طفل مسلم للتسمم من قبل السلطات الصربية وذلك بذريعة تلوث مياه خزانات المدرسة وما زالت أعداد كبيرة منهم تعاني حتى اليوم. ولقد تبين أن مصدر السم هو "إسرائيل". كذلك فقد أغلقت أبواب المستشفيات بوجه المرضى وتعرض كل من كان معهم للضرب.
ـ 3 كانون الثاني 1991: أوقف علاء الدين حاسكوكي وضرب وذلك لطباعته رزنامة باللغة الألبانية.
ـ 8 كانون الثاني 1991: تسبب اطلاق وابل من الألعاب النارية عقب احتفال للمسيحيين الأورثوذكس بأضرار في بعض ممتلكات المسلمين.
ـ 14 كانون الثاني 1991: قامت السلطات الصربية بتفريق اجتماع الاتحاد الديمقراطي في مدرسة في أورلان وذلك بضرب كل من لم يسعَ للهرب.
ـ 1992/1993: تم إغلاق المكتبة الرئيسية في الجامعة وكل مكاتب المدارس حتى أن بعض الكتب النادرة التي كانت ما تزال تحتوي على حقائق تاريخية لا تعجب الحكومة الصربية قد نقلت بالجرارات العسكرية إلى مصانع الورق للاستفادة منها هناك؟
ـ 1993: إغلاق أكاديمية العلوم والفنون ومن ثم المعهد التاريخي.
ـ 1994: إغلاق أكاديمية العلوم المنطقية الألبانية وهي آخر معهد ألباني في كوسوفو.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع