يقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُون﴾َ [آل عمران / 135].
لا أحسب أنّ مؤمناً عاقلاً يتدبّر في هذه الآية الكريمة ثمّ يقع في اليأس أو القنوط من رحمة الله تعالى. وكيف ييأس أو يقنط من كان محفوفاً بين أمرين كلاهما أرجى من الآخر؛ رحمة الله الواسعة ابتداء التي وسعت كلّ شيء حتّى استطاعت لها عنق إبليس اللعين، وغفرانه الماحق لكلّ الذنوب والخطايا حتّى ليحسب المرء أنّه لا ذنب له.
فسبحانك يا رب من إله ما أعظم عفوه وأوسع حلمه! سبحانك ما أسترك للعيوب وأغفرك للذنوب ...﴿وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ﴾َ...
عزيزي القارئ،
تعال، لنغرف من معين رحمة الله الواسعة، ولنطرد اليأس والقنوط من قلوبنا، فالحياة فسحة أمل، ولا ييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون، ولكن حذارِ حذارِ من الاجتراء على المعاصي والذنوب، لا لأنّها لا تغفر بل لأنّ مواقعتها تحجب عن الاستغفار.
يروى أنّه لما نزلت هذه الآية [آل عمران/ 135] صعد إبليس جبلاً بمكة يقال له ثور فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه. فقالوا يا سيدنا لما دعوتنا؟ قال: نزلت هذه الآية فمن لها؟ وبعد أخذ ورد قام أحدهم وهو الوسواس الخنّاس فقال: أنا لها. فقال له إبليس: بماذا؟ قال: أعدهم وأمنيهم حتّى يواقعوا الخطيئة فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار. فقال: أنت لها.
فوكله بها إلى يوم القيامة.
وإلى اللقاء