ملاحظات علمية وعقائدية حول مقالة: "الاستعاذة وسكب الرصاص"
سلطان أسعد
الأخ رئيس التحرير في مجلّة "بقية الله"
السلام عليكم،
وبعد،
ورد في العدد (70) (تموز 1997) من المجلّة مقالة عن "الاستعاذة وسكب الرصاص" في الصفحة 52 للكاتب عصام البستاني، وقد جرى الترويج لها على الغلاف الرئيسي.
وبعد مطالعتها وجدت أنّه من الضروري لفت نظركم إلى الأخطاء الواردة فيها – علمياً واعتقادياً – ولا سيّما أنّ مجلّتكم هي أحد المنابر الأساسية في لبنان المتصدية لنشر المعارف الإسلامية الصافية تحت عنوان صاحب الزمان.
كما إنّي ألفت النظر إلى ضرورة إيجاد آلية مأمونة لضمان سلامة المواد المنشورة، في ما يلي الملاحظات:
1- هل الكاتب في مقام الإفتاء أو نقل الفتوى عندما يقرّر: ".. فقد كانت التعاويذ وكتابة الأحجية عملاً لا بأس به لجهة الوقاية.." ".. لكن ما يزيد عن هذا الحدّ يصبح متنافياً مع العقل من اطلاع على الغيب وإحضار الغائب..".
2- هل إنّ مشاهدة الكاتب لعادة سكب الرصاص تكفي لإثبات شرعيتها وحلّيتها، فضلاً عن صيبة العين؟ بالرغم من إقراره ".. أن لا دليل دينياً على سكب الرصاص". بعد أسطر.
3- المسألة الأشد إثارة للاستنكار هي في التحليل العلمي "المُدّعى"، والذي يزيد من فداحته أنّنا في عصر انتشرت المعارف العلمية بأشكال مبسّطة وفي كلّ الميادين (المدرسة، الجامعة، الصحيفة، الإعلام..).
وقد كان الأولى للكاتب إذ يُقرّ أنّه ".. لست عالم كيمياء ولكن فضولي" أن يلتزم بأمر الله في القرآن (ولا تقفُ ما ليس لك به علم)، ويتوقف عن الخوض في ما لا علم له فيه، وفي ما يلي التفصيل:
أ- أمّا القول أنّ العين حين تنظر فهي ترسل أشعة إلى الشيء، فهذه نظرية ما قبل القرون الوسطى بل بعض القدماء وتسمّى "نظرية الإشعاع"، وقد تهاوت هذه النظرية مع ألفباء علوم البصريات بالبرهان والتجربة حيث ثبت للجميع أنّ العين لا تُريك شيئاً بل هي تتلقّى انعكاس الأنوار الصادرة من مصدر منير كالشمس أو القمر أو المصباح أو النار والواقعة على الأجسام، وهذا الانعكاس يدخل العين فتترجمه الأعصاب إلى إشارات يتعقلها الدماغ صوراً.
ب- ومن ثمّ إنّ أساس البناء مغلوط فلا صحّة "للإشعاعات القوية" الصادرة من بعض العيون.
ج- إنّ عبارة "يبقى من هذه الإشعاعات بعض الذرات" مغالطة علمية حيث الإشعاعات من صنف الطاقة بينما الذرات من صنف المادة وهما سنخيتان مختلفتان فيزيائياً، وإن كان بينهما نحو علاقة تحوّل.
د- ثمّ إنّ الاستنتاج "إنّ الرصاص يجذب ويمتصّ الإشعاع ثم يتبدّد في الماء"، والاستقراء من ذلك اكتشاف علمي ".. وهذا يبيّن أنّ مبدأ سكب الرصاص هو مبدأ علمي.. ويعني أنّ أجدادنا هم أصحاب نظريات علمية متقدّمة.."، هو استنتاج متهافت غير مبني على الأسس العلمية من تكرار التجربة وطرح الأطروحة ونقاش البدائل ثمّ إثبات أو نفي النتيجة النهائية كقانون علمي.
ه- ثمّ إنّ الانتقال إلى استنتاج اعتقادي ".. من هنا نرى أنّ العلم والدين هما وجهان لعملة واحدة"؛ بينما قرّر كاتبنا في مطلع المقالة ".. فلا دليل ديني على سكب الرصاص".
ختاماً، وبعد استعراض هذه الملاحظات، آمل أن تنشر بشكل يصحح الخلل السابق.
وإنّ علوم محمد وآل محمد عليهم السلام أعمق وأثبت وأصدق من أن نستدلّ عليها بالقول بغير علم، كما أنّ تصديق العلم للحقائق الدينية القرآنية ملأ حديث الخافقين.