أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

الآداب المضيّعة .. والأعراف الدخيلة



رئيس التحرير


بعد الافتتاحيات السابقة عن الشؤون والشجون الاجتماعية وبعد تقبّل الفكرة ممّن اتفق وإياهم على أنّ دار الدنيا ليست للتنظير الفكري دون ملامسة الواقع العملي والحياتي للناس، أحببت أن أطلق صرخة في آفاقنا وأوديتنا السحيقة تطالب بالحفاظ على مبادئ الإسلام، ذلك أنّ أفعالنا تشبه كلّ شيء إلاّ الآداب الإسلامية، بينما نتحدّث وننطق باسم التدين والإلتزام ونشفق على مَن لم يهتدِ الطريق ونحن نحمد الله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وما في أمر الهداية من ضير، إلاّ أنّ الصرخة التي أردت، إنّما ابتغيتُ منها ضرب فوضوية العلاقات الاجتماعية التي لا نسأل عند حدودها وعناوينها الشرعية، ولا نلتفت إلى كثير من القضايا التي تخدش فينا التدين وتبقينا في ظلمات الجهل، فنزور مثلاً أخاً لنا مدّة ثلاث إلى أربع ساعات مبرّرين ذلك أنّنا لم نأتِ لاستقراض جمرة، وكأنّ الوقت لدينا ليس له أيّ قيمة في حياتنا، وهذا فضلاً عن زيارة المرضى المستحبة في شريعتنا الإسلامية على أن لا تطيل مدّتها إلاّ أن يطلب المريض ذلك، وربّما لا يُسأل هل تضرّ رائحة السجائر مثلاً فيبدأ الزوار الذين لا يميزون بخفة دمهم، في حفلة تدخين مبرمجة تشبه نظام نوبات الحراسة الساهرة، أمّا عن أوقات الزيارات المعتادة في مجتمعاتنا فلا شيء يحجب الناس عن رؤية مَن يريدون إزعاجه في أيّ ساعة من بعد منتصف الليل أو قبيل شروق الشمس أو الفجر مثلاً، وطالما يردّد البعض أنّنا كبسنا فلاناً أي ذهبنا لزيارته في وقت مفاجئ، ودن أن نكلّف أنفسنا عناء السؤال عن برنامجه اليومي، وهل أن الزيارة تؤدّي إلى خلل في خطّة الصابر والمحتسب اليومية؟ ويا ويله من غضب الزائرين إذا ما تقاعس في الاستيقاظ أو توانى قليلاً، لأنّه وبعد أن يغادروا منزله سوف يبلّلونه بوابل أمطارهم الغاضبة وسيل عتبهم الساخر لأنّه لا يعرف اللياقات الاجتماعية حسبما يزعمون.

أمّا عن الفضولية المتجاسرة التي تجعل البعض يسألونك من أين أنت قادم؟ وإلى أين أنت ذاهب؟ وعليك أيها المسكين أن تقدّم تقريرك الشفوي في أيّ لحظة يراها أي متطفل مناسبة.

أمّا عن مقاطعة الحديث والدخول على خطّ المتكلّم ليحلّ محلّه حديث لا فائدة منه لإنسان يرى أنّ كلامه ربّما فاق الجواهر والدرر قيمةً فيضرب كلام المتكلم عرض الجدار قائلاً له: "بلا قطعٍ لحديثك" فينطق بكلام ممقوت لأنّه كلام عدواني أُريد له أن يجتاح الآخرين لتسود أنانية المتكلّم وليس مهماً بعد ذلك أيّ النتائج ممكن أن تحدث للمصدوم المتكلّم حسب الفرضية، أو المتكلّم السابق الذي أُريد إسكاته.

هذا عدا عن الذين يسردون عليك يومياً حكايات وحكايات بالية وقديمة عافها الدهر ونسيها حتّى أبطالها، وأنت أيّها المخاطَب ما عليك إلاّ الإصغاء والجَلَد حتّى نهاية المسلسل الطويل الطويل، أذكر هنا أنّ أحد الناس كان يطرح عليّ مشكلة واجهته وكنت أُصرّ عليه أن الموضوع ليس بيدي، إلاّ أنّه أصرّ بعد مداخلتي على أن لا ينسى تفصيلاً إلاّ ويذكره، وكنت في الأثناء مشغول البال عليه لأنّ كلامه كلّه يذهب أدراج الرياح، كلّ هذا يحصل، دون أن يسأل صاحبنا عن وقت غيره المهدور والضحيّة لثرثرة لا طائل منها، وكأنّه يطرح الخطط الاستراتيجية التي لا يُستغنى عنها مع أنّ كلماته تضجّ من صاحبها ولسان حالها ينطق: "ربّ كلمة تقول لصاحبها دعني".
فالجلاّد – قارئي الكريم – ليس من يحمل السوط والقضيب يجلد فيه سجناءه فحسب، وإنّما من يصلب بكلامه الناس ويجلدهم بالكلمات الطوال والعبارات الغلاظ، وممنوع عليهم أن يُبدوا بعضاً من عدم الارتياح حتّى لا يُساء فهم الجلاّد.

هذا غيض من فيض، وأمثلة بسيطة من واقعنا المعاش وهي أكثر من أن تُحصى، في ليتنا نلتزم ببعضها، وعلى أمل المعاودة إلى الموضوع نفسه إذا ما دعت الحاجة لذلك والضرورة، والسلام.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع