مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

شهيد الوعد الصادق: علاء علي ياسين (السيّد مهتدي)

نسرين إدريس قازان


اسم الأم: رفيعة ياسين
محل وتاريخ الولادة:حولا 4-5-1982
الوضع العائلي: متأهل وله ولدان
مكان وتاريخ الاستشهاد: محيبيب 2-8-2006

بقلبٍ مطمئنٍ ونفسٍ هادئة، كان علاء يردد لقائد مجموعته إبان حرب تموز 2006 في قرية محيبيب: " أنا معك.. حتى الموت ".. هي جملةُ مشتاقٍ لطالما انتظر العبور إلى الآخرة.. منتظرٍ أتعبته الأيام، وحيرته السبل وهو يشقُّ طريقه بين الأودية والجبال حاملاً سلاحه، وجعبةً من دعاء خالصٍ لله ويتمنى أن يصل إليه. بعد عودة أهله من دولة الكويت وهو في سنّ الثالثة، فرح كثيراً لأنه سيعود إلى بلدته، ولكنّ الاحتلال الإسرائيلي فطر قلبه الصغير، وأيقظ فيه الغضبَ والرفض لمشاهد المعابر الإسرائيلية واللحدية المكتظة بالناس المتوجهين إلى قراهم المحتلة، ورفض عقله قبول أخذ الإذن من المحتل في أرض الوطن. وما ضمّد جرح قلبه، هو أن ذلك الواقع حَوّله رجال المقاومة إلى وهم، فكان ينتظرُ موعد نشرة الأخبار ليستمع ويعي ما يدور في الجنوب بين المقاومة والاحتلال، في حين أنَّ مَنْ في مثل سنّه يشاهدون الرسوم المتحركة.

* مفتي المدرسة
راح علاء يبحثُ عن طريقةٍ تجعل منه مقاوماً ولو صغيراً، فوجد في الكشافة ملاذاً له، عندها بدأ بمسيرة التربية الروحية والإيمانية التي تدعم في النفس حب الجهاد واللقاء بالله عز وجل، فالتحق بالكشافة ليتعلم السيرة المحمدية الأصيلة، والأخلاق الحسنة. ولشدة تديّنه وسعة اطّلاعه لُقِّب في مدرسته بـ"مفتي المدرسة"، وتدرج في صفوف الكشافة حتى صار قائداً متميزاً، ومنها انطلق شاباً في السادسة عشرة من عمره إلى ساحات الجهاد التي طالما حلمَ بالوصول إليها، ولتتحوَّل السواتر الترابية الصغيرة التي كان يبنيها في صغره إلى دشم عسكرية حقيقية، ولينطقَ سلاحه بالرصاص بعد أن كان يقلدُ صوت أزيزه بفمه وهو يركضُ حاملاً سلاحه الخشبي. عمل علاء في صفوف المقاومة بسرّية تامة إلا عن بعض المقربين، ذلك أنه أجاد ستر كل شيء في قلبه، ما خلا شيئاً واحداً كان يتحدثُ عنه بشوق الولهان: "الشهادة"، ذلك الحلم الذي استقر على أشفار عينيه، وبحث عنه في كل الأماكن، حتى أنه انتظره فتىً في حرب نيسان 1996 حينما قررت العائلة عدم مغادرة المنزل، فمكث وأخته تحت الدثار وهما يدعوان الله بفنون الدعوات أن يرزقهما الشهادة، وقبيل أن يغفوا قرآ شهادة الموت، ولكن عندما استيقظا صباحاً حزن علاء كثيراً، فضحكت أمهما على فكرتهما الغريبة، ولكنها قالت له: "لا تقلق، كل شيء بأوانه".

* الدعاء رفيقه
وأشرقَ التحرير في أيار من العام 2000 على جبهته المخضلة بعرق الجهاد. لم تسع الفرحة قلبه وهو يمشي في طريق القرية التي سرعان ما عادت العائلة لتستقر بين ربوعها، وصار مسجدها القديم بيته الثاني، حيث يقضي أغلب أوقات فراغه هناك، فيقرأ للناس الأدعية بصوته الحنون، وهم بين يدي الله عز وجل. وفي وادي الحجير كان علاء يختلي بنفسه. كان يقصد الوادي ويجلس متفكراً بين سطور الأدعية، متذكراً الشهداء من رفاقه، مقلباً وجهه في السماء، مردداً: "ربي لا تذرني فرداً في محضر الشهداء، واجعلني بينهم على مائدة الشرف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله". كان علاء شاباً رصيناً متواضعاً، قليلَ الكلام، اجتماعيّاً اهتمّ كثيراً بصلة الرحم، فتراه ما إن يعود من عمله حتى يتنقلَ بين بيوت الأقارب مطمئناً إلى أحوالهم. في عمله كان مجاهداً لا يعرف التعب فإن عاد إلى البيت ليرتاح، يعد الساعات وهو ينتظر موعد عودته إلى المحاور، هناك حيثُ يحلم بأن يلتحق بمن سبقوه من أحبائه.  تزوج علاء ورُزق بفتاةٍ، أما ابنه " علاء" فقد ولد بعد استشهاده.

* وصار اللقاء قريباً
ما إن شنّت إسرائيل حربها على لبنان في تموز 2006، حتى التحق علاء بمركز عمله، وأوكل إليه الذهاب إلى قرية محيبيب، حيث تعرّف هناك إلى قائد المجموعات الذي لفتته كثيراً شجاعة علاء وحماسته، واستعداده لفعل أي شيء يُطلب منه، فما النزال بالنسبة إليه سوى قنطرة للعبور. كلما سنحت الفرصة لعلاء للتواصل مع أهله وعائلته، اتصل بهم واطمئن عليهم. وكان يطلب إليهم أن يسألوا الله له الشهادة. ومن رأى علاء أو سمع حديثه في الآونة الأخيرة أدرك أن الشوق بلغَ أشدّه في قلبه.. وفي ليلة طُلب إلى علاء رصد محيط بلدة محيبيب، وما إن لمح الجنود الإسرائيليين يقتربون حتى كان ورفاقه لهم بالمرصاد، فكان صوته المترافق مع أزيز الرصاص يصدح: "يا نور المستوحشين في الظلم". وفي اليوم التالي رفض قائد المجموعات أن يشارك علاء في المواجهات لحاجته إليه، ولكن علاء أصر عليه وراح يرجوه كطفلٍ صغير أن يسمح له بالقتال. كان علاء يتحدث فيما قلبه يتوسل بالإمام الحسين عليه السلام لكي يوفّقه للقاء قريب، فما كان من قائد المجموعة إلا أن رضخ لطلب علاء الذي سرعان ما كان في مقدمة المواجهات فأوقع العديد من القتلى في صفوف الأعداء، وبينما هو يطلق رصاصه أصيب في قدمه وخُلِع حذاؤه العسكري منها، فلم يعبأ بذلك واستمر بالقتال والتنقل من مكانٍ إلى آخر، ولكن النزف الشديد دفع بالمجاهدين إلى الإصرار عليه للمكوث في أحد البيوت وبالقرب من جريح آخر. وبدأ الألم يستشري في جسده، وأثناء ذلك تناهى إلى سمعه صوت جنود، فقام من مكانه ليستطلع الأمر، فرأى مجموعة منهم تقترب، فأدار ظهره للعودة ولكنه أُغشي عليه من شدة الوجع، وبُعيد ذلك انفجرت قنبلة في المكان، فغاب الجريح الآخر عن الوعي وما إن أفاق حتى سمع أنين علاء وهو يطلب الماء، وبين كفي الألم والعطش الشديد تقلّب علاء الذي سرعان ما سقاهُ جده رسول الله صلى الله عليه وآله شربة لن يظمأ بعدها أبداً.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع