ها هي نبؤة الملائكة تسفر من جديد عن سفك للدماء وفساد في الأرض، فيُقتل الأطهار برصاص الخيانة وعار الآخرة لجلب رضا الأسياد الفجرة والطواغيت الكفرة...
ها هي أيدي الخبث والجريمة تكشف القناع الأسود عن وجوهٍ هي أحط من أسفل المخلوقات. وبكل يد حاقدة ودم بارد يُصرع الصادقون في ساحات الحرية، ويُردَى الأبرار على مذبح الوفاء..
ما أقبحهم! اشتروا هذه الدنيا التي ستلعنهم بكل غصّة وألم بقتل المؤمنين.
فكم سيطول موقفهم، وما أعظم عقابهم...
من شعبي، كثير قد عرف، وكثير يُعرضُ مكراً وحقداً. يشمت بالقتلى، لا حباً بالرؤساء والزعماء لأنه يعرف مكرهم، وحِيَلهم، وفسادهم، ولكنه هرباً من الطهر يختار العار...
أيتها القلة، لو عرفت ما خبّأ الله لك لقرت عينك بما جرى. فسبحانه كيف اتسعت رحمته لأوليائه في شدة قهره.
إنها أيام قليلة ستعقبها راحة طويلة، إنها أيام الجهاد والفداء. ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما عجبت لشيء مثل عجبي للمؤمن، وإنه ليقرّض المقاريض فيكون خيراً له...".
فلا تركنوا إلى الذين ظلموا، وإلى كثرة ضوضائهم. فإنهم غثاء كغثاء السيل. فعما قريب يحمد القومُ السرى. وترون كيف زالوا عن آخرهم. وقد كانوا فراعنة عصرهم.
ها هو سيدهم وزعيمهم يرغي كالثور نافخاً عطفيه، قد أعماه منظره اللئيم فصده عن رؤية قبح شروره وظن أنه خالد على عرشه.
ما أغباهم وأقبح وجوههم، لا يرجون لله وقاراً، ولا يعرفون ولي نعمتهم. يتخبّطون تخبط من فقد عقله وعمي بصره..
ستبقى الدماء الطاهرة شعرة مستعرة تضيء للأحرار دروب الخلاص. وسيبقى مشهد الزينبيات وهن يتساقطن مضرّجات شاهداً على حقد الجناة. إلهي من يؤرخ لهذه الثورة، وحولنا من يدّعي الحرية وهو يخفي الحقيقة.
من الذي ينقل للأجيال وقفة امرأة لبنانية مؤمنة بوجه ذلك العسكري الحاقد وهي تصرخ فيه: نحن مسلمون فيشتعل غضباً ويرميها برصاص الصليبية والكفر.
ما أشد وقاحة الذين رأوا الجريمة بأم العين وكذبوا على الناس في إعلامهم وأوهموهم. فلكلٍ ضعفٌ من العذاب يوم القيامة.
فاختزنوا الحقد في صدوركم ليكون بركاناً جبّاراً، وسيلاً جارفاً ونيراناً محرقة لا تبقي ولا تذر...
لا تخافوا أحداً إلا الله، ولا تخشوا الكثرة الموهومة وغوغاءها المعتم. فقد قال الله تعالى وقوله حق وصدق: ﴿... الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً﴾.
فجعل كثرة اجتماع الأعداء علينا سبباً لتخليصنا من علائق الدنيا وتسريعاً لعبور أوديتها المظلمة. كل ذلك يلقي في قلوب المؤمنين عرفاناً أصيلاً وتوحيداً عميقاً لا نرى بعده إلا قدرة واحدة للرب القدير. ﴿ولله جنود السموات والأرض﴾.
والسلام