أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

قراءة في كتاب‏: صدى الانتصار

محمود دبوق‏

 



الكاتب: الشيخ حسن فؤاد حمادة
الناشر: دار الهادي‏
إنَّ هذا الكتاب ليس كتاب توثيق أو تاريخ، وإن كان يوثّق ويؤرّخ لبعض الأحداث والتفاصيل، إنّما هو كتاب يرصدُ ويحللُ أحداثاً تتالت خلال سنوات ثلاثة بعد النصر، والتي يمكن تصنيفها في خانة تداعياته وآثاره، ويعكس الأجواء التي رافقت حدث التحرير في لبنان عربياً وعالمياً، وذلك بغية حفظ هذه الحقائق الثابتة والرائعة، وإيصالها بأمانة لأجيال الحاضر والمستقبل، ولكي لا يتعرّض هذا النصرُ الإلهي العظيم لظلم التاريخ المرير.


* لبنان في رحاب التحرير:
ممّا يساعد القارئ في الإطلالة على الكتاب التمهيد الذي بدأ فيه الكاتب كل فصل من فصوله السبعة، وبذلك أيضاً يمكن تحديد الأفكار وتركيزها، إضافة لفهم كل عنوان منها ووضعه في موضعه الصحيح، فيخلص القارئ عندها إلى النتائج المرجوة التي أرادها الكاتب في سياق منطقي وسردٍ واقعي، وقد بدأ في الفصل الأول معالجة سلسلة من العناوين، فتحدث عن تحرير الأرض والإنسان، واستعادة المدن والقرى المحتلة عدا بعضها كالأجزاء اللبنانية من بلدتي العباسية والغجر والقرى السبع وهي: هونين، وقدس، والمالكية، وابل القمح، والنبي يوشع، وصلحا، وطربيخا، والتي يمتلك لبنان الإثباتات القانونية التي تؤكد لبنانيتها، بل وعشرات غيرها في سهل الحولة، فضلاً عن مزارع شبعا الاستراتيجية، وفي هذا الموضوع تفاصيل مهمّة يجدر مطالعتها.

* إسرائيل في طريق الزوال:
يؤكد الكاتب في تمهيد الفصل الثاني أنَّ الانسحاب الإسرائيلي في عام 2000 كان فراراً للجيش "الذي لا يقهر" واضعاً بذلك ذيله بين قدميه، وبقرار سياسي يتحكّم بأصحابه الوهن ويضغط باتجاهه مجتمع صهيوني لم يعد بإمكانه تحمل ضريبة دفع الدماء والأرواح، ويضيف: "نحن أمام هزيمة عسكرية وسياسية بل واجتماعية ستؤسّس حتماً لهزائم متتالية تقود في النهاية لزوال هذا الكيان الغاصب من الوجود". وفي التفاصيل يأخذنا الكاتب بالحديث عن الهزيمة إلى شرحه لسيناريوهات ستة لخروج إسرائيل ولو بشي‏ء يحفظ لها ماء الوجه، لكن ذلك كله ذهب هباءً، واندحر الاحتلال مهزوماً مذموماً تحت ضربات المجاهدين، ويسرد وقائع الهزيمة التي بدأت عملياً من 21 أيار 2000 ثم تواصلت وبشكل مثير ومتسارع حتى الجلاء المعروف عن معظم الأراضي اللبنانية في 24 أيار 2000، ويدخل بنا الكاتب إلى يوميات الاندحار في الإعلام الإسرائيلي وإلى الزلزال في اعترافات المسؤولين الصهاينة، وكيف شهدت الصحافة في مقالاتها وتحليلاتها المحلية والعربية والإسرائيلية والعالمية هذه الهزيمة.

* المقاومة استمرار وتجذّر:
"لا بدَّ أن تبقى المقاومة سيفاً مسلّطاً على العدو لكي يأمن لبنان وشعبه غدر هذا العدو الماكر"، بهذه الكلمات مهَّد الشيخ حمادة للفصل الثالث من كتابه، حيث يجول القارئ بين الصفحات وهو يحلّل مفاهيم المقاومة وواقعها، فيتحدّث عن الجدل حول المقاومة، والأصوات الناشزة التي ارتفعت بعد هذا الفتح المبين لتطالب بإنهاء عملها وكان الخبر اليقين حول هذا العمل البطولي ليستمر أداؤها من خلال قصف المواقع الإسرائيلية في مزارع شبعا، وحينها قال الأمين العام السيد حسن نصر اللَّه "إنَّ من حقنا أن نفعل أي شي‏ء لاستعادة وتحرير المعتقلين" وكان وعد المقاومة للأسرى فكانت العملية البطولية للمقاومة الإسلامية في مزارع شبعا والتي أدت إلى أسر ثلاثة جنود صهاينة. ثم يتحدث الكاتب عن سلسلة عناوين منها عودة الرعب إلى الجنود الصهاينة بعد الضربة القاسية في المزارع ظهر يوم 16 تشرين الثاني لعام 2000 عبر تفجير عبوة ناسفة بآلية مدرّعة إسرائيلية، وإلى تواصل العمليات ثم خروقات العدو والتصدّي لها إلى حراسة الثغور، وكيف كانت وستبقى المقاومة خيارنا الاستراتيجي.

* المقاومة والانتفاضة
يجمع الكاتب بين المقاومة في لبنان والمقاومة والانتفاضة في فلسطين في الفصل الرابع، ويتحدّث عن ذلك التفاعل والذي كانت حادثة جامعة بيرزيت أحد مظاهره حين لم يطق الشباب الفلسطيني كلام رئيس حكومة فرنسا ليونيل جوسبان وهو يوجّه الإهانة إلى حزب اللَّه ومقاومته ويتّهمها بالإرهاب، فما كان منهم إلا أن رشقوه بالحجارة، ويتحدّث عن الانتصار في عيون الفلسطينيين وإلى اشتعال الانتفاضة والتي شكّلت "الزيارة" الاستفزازية لشارون إلى الحرم القدسي فتيلها وصاعق انفجارها ليس أكثر، ثم ينتقل إلى رسم صورة التشابه بين المقاومتين اللبنانية والفلسطينية وكيف يرى فيها الإسرائيلي تكراراً لمواجهات جنوب لبنان، ويتطرق إلى الصمود الفلسطيني الأسطوري ولا ينسى الكاتب أن يقدّم شرحاً لموقف حزب اللَّه الجهادي في دعمه للفلسطينيين حين تقضي الضرورة ذلك، على أن تبقى المقاومة (كما ذُكر آنفاً) سيفاً مسلّطاً على العدو الصهيوني إلى أن تحين الظروف المناسبة للمواجهات والملاحم البطولية، ويعرّج الكاتب على موضوع "متاهة الطريق الأميركية" والتي تقف بجانب إسرائيل دائماً برغم كل جرائمها، وتحت عنوان "بالصبر فلسطين أكثر قرباً" يقول الكاتب كلمات تستحق الاهتمام: "فأن تثق أنت بالغلبة على عدوّك شي‏ء مهم ومساعد في طريق الانتصار، ولكن تتضاعف الأهمية عندما يثق عدوّك أيضاً بانتصارك أنت وهزيمته هو".

* شعاع في ليل الأمّة:
يقول الشيخ حمادة في الفصل الخامس: "هذا الفصل مخصّص لتسليط الضوء على أثر الانتصار اللبناني في الأمّة وتفاعل الأمة الكبير مع هذا الحدث الذي دغدغ أحلامها وأعادها من جديد إلى عيش الأمل بغدٍ مشرقٍ ومشرّف". ويذهب الكاتب في تفصيل العناوين السبعة التي احتواها الفصل المذكور، فمن الضعف والشعور باليأس من إلحاق الهزيمة بإسرائيل إلى الشعور بالقوة التي انعسكت في انتصار حزب اللَّه اللبناني في الأمة، وكون المقاومة انطلقت من لبنان الصغير والضعيف، ولو فرضنا أنَّ هذه المقاومة كانت في مصر مثلاً لكان الأمر يبدو طبيعياً أو أقل أهميّة بكثير كما يقول الكاتب ثم يتحدث عن عيد الانتصار عشية الخامس والعشرين من أيار 2000 وكيف بات أبناء أمتنا العربية والإسلامية حاضرين لفهم حقيقة ما يحدث من انتصار حقيقي وناجز للبنان، وهزيمة محققّة للعدو الإسرائيلي ومشروعه الاستعماري، إلى شهادات وكتابات المثقفين والصحفيين والسياسيين العرب والمسلمين والتي شكل لها هذا الانتصار حافزاً للكتابة والتعبير عن عمق الحقيقة ومستوى التفاؤل. وفي عنوان آخر يظهر كيف أخذت الأمّة تنتصر لحزب اللَّه وفي جميع المحافل خصوصاً على شبكات الانترنت، ولا ينسى الكاتب الدور الريادي لتلفزيون المنار كما الوسائل الإعلامية الأخرى التي كانت تقف بجانب المقاومة، وهنا يصل ليتحدث عن سماحة الأمين العام كونه القيادة والمثال والذي يتحلّى بدرجة عالية من التواضع، والذي جهد أن لا يضع نفسه في موضع قيادة الأمّة العربية مريداً بذلك أن يبقى في موقع الأخ الناصح والمرشد، غير أن مواقفه المبدئية والحاسمة والأفعال التي ترجمها كانت تزيد أبناء الأمّة تعلقاً وحبّاً لتلك الشخصية الفذّة والنادرة.

* أميركا خط الدفاع الأخير:
أجمل ما يتناوله الكتاب هو في الفصلين الأخيرين السادس والسابع، حيث يحكي الكاتب في السادس منه عن دور أميركا في المنطقة، والتي لجأت إلى آخر خياراتها والتي تعتبر مؤشرات ضعفٍ عديدة بغية حماية الكيان الصهيوني المصطنع والذي اشتدَّ عليه الخطر وعلى نفس وجوده بعد الانتصار الكبير للمقاومة في لبنان وما تبعه من ضغط الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية في عمق هذا الكيان الغاصب. وتحت عنوان الإرهاب الذاتي يطلُّ الكاتب على الموضوع الأمريكي، ويتحدث عن نشأته في حضن الإرهاب، حيث إن الأوروبيين الأوائل الذين اكتشفوا أميركا واحتلوها ونكّلوا بأهلها الأصليين ما كانوا سوى مجموعات من المجرمين والقتلة الذين أبعدوا نتيجة لإجرامهم وفسادهم، ويصف الشيخ حمادة صاحب الكتاب، الحلف بين أميركا وإسرائيل بالحلف الجهنمي، ثمَّ يتحدث عن معنى "محور الشر" الذي تسعى أميركا لترسيخه، مستهدفة به دولاً ومنظمات ومقاومة شريفة استطاعت إلحاق هزيمة تاريخية بإسرائيل، وهذا هو محور الخير، لكن أميركا لطالما دأبت على تعمية الحقيقة وذرّ الرماد في العيون باتباع أسلوب الكذب وبإتقان كبير، ويصل الكاتب لباقي عناونين الفصل السادس ومنها "عقدة حزب اللَّه" "والانتفاضة أحرجتهم فأخرجتهم" ثم إلى "11 أيلول مدخل إلى العدوان" وهكذا إلى "العراق البوابة الشرقية" وأخيراً "الانتفاضة هي الهدف".

* مستقبل المقاومة
أما الفصل السابع والأخير وتحت عنوانٍ رئيسي، فقد حمل في طيّاته عناوين فرعية فيها من التفاصيل ما يضع الأمور في نصابها للمستقبل القادم، انطلاقاً من الحديث بسؤال: هل انتهى التاريخ؟ ثم الحديث عن الانتقام الإلهي ومستقبل المقاومة في كل من لبنان وفلسطين والمقاومة العراقية، إلى مستقبل النهضة في الأمّة، وعن حتمية زوال إسرائيل قريباً، إلى السقوط المريع لأميركا، وينتهي الكتاب بعنوان "مستقبل العدل المنتظر" حيث يشرح الكاتب في الفرضيات العقائدية التي تنطلق منها كلٌّ من الإدارتين الأميركية والإسرائيلية في الاعتداء على البشرية ومحاربتهما للإسلام، على أن اللَّه قد وعدنا في قرآننا وعلى لسان نبيه الأعظم صلى الله عليه وآله بخروج الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه ليشيع العدل في الأرض بعد أن ملئت من أمثال هؤلاء المعتدين ظلماً وجوراً. وفي أيام الانتصار التي نعيشها، يحدونا الأمل كمسلمين جميعاً لنصر أكبر في تحرير بيت المقدس إنشاء اللَّه، وخروج مولانا صاحب الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً. يقع الكتاب فيما يقرب من 400 صفحة، وهو شاملٌ للعنوان الذي حمله "صدى الانتصار" وممنهجٌ ومرتبٌ بما يساعد القارئ على فهم الكثير من القضايا التي قد لا تزال غير واضحة للبعض.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع