مهداة إلى روح بطل عملية أرنون الشهيد المجاهد محمد فياض "ولاء"
من بين الجبال الممتشقة بعنفوان الإباء... كانت طلعته الغرَّاء تشمخ بارتقاء... فتنحني لرقة جفنيه نجوم السماء...
وتتوارى خلف السحاب حياءٌ لطلة الفارس القادم وتطل تلال "أنصار" على نداء ألوان الشفق البهية لتلوّن جبهة الفتى العاملي سمرةً عفّرها السجود على تراب أبي ذر...
وتتبادل الطيور أنغام التهاني بالولادة المباركة... تتردد أصداؤها في الجنان على شفاء الملائكة...
إنها ولادة طفل خبأ الدهر له في طياته أغلى الأمنيات...
ويكبر الطفل.. وينمو حب الله في قلبه.. فيعزم على الوصول إليه في طريق السير المحفوف بأذى الأشواك...
وعند الوصول تأنس الروح مع باريها... لتتحقق الأمنية الغالية.. إنها الشهادة... أمنية الشهيد "محمد فياض".
أمنية العاشق درب الحسين... فإذا به يخضّب أرض أرنون بأريج الدم القاني ويحفر في أعماق القلوب سبيلاً لحب الحسين...
حفر السبيل وصعد إلى الملكوت ليلقى الحبيب القائد...
وعند اللقاء... يهيم محمد نحو الإمام ليشد على راحتيه... يقبلهما... يتبارك بالخاتم الشرف يمرغ الرأس على الصدر الأمين... يلتحف البردة المباركة لتستريح عيناه على كتف الإمام...
يحكي أشواق الحنين... ويغفو على رحيق العنبر... وآه... ما أجمل الغفوة في جنة حضور الإمام...
محمد... بالله عليك اذكرنا عند الإمام فأرواحنا تهفو إلى دعاء من شفتيك...
يا حبيب الخميني مضيت دون التفات إلى الوراء فعلوت وعلوت... حتى ما عدنا نراك... وكيف من في الحضيض يرى من في العلاء...
محمد... هذي محاور الجهاد ولهى... تسأل عنك مئذنة المسجد في "أنصار"...
فتغص المئذنة بالبكاء... ليحكي الأثير حرارة اللوعة...
وتتقطع للرحيل أوردة الفؤاد... لتفيض الدماء... بأنَّات من جرح الزمان...
وتتعدى جراحك أوجاع الحياة... لينتفض الدهر مردداً نداك... ناثراً إياه في الفضاء... مؤذناً بحلول عصر الحرية... عصر المقاومة الإسلامية...
فيلامس نداك قلوب التائهين لنسج تدلّى كالسحر من أنوار سيد شهداء المقاومة... ويفيض السحر ليُطمئن الحيارى بعدك...
إن طيفك خالد في بال الزمن... في حنايا الأفئدة... في همسات الأرواح الطاهرة... وفي الدمع الأبيّ الملتهب في محاجر المعذبين.