السيد سامي خضرا
الخبز طعام مبارك يحتاجه كلُّ إنسان في العالم. ومهما تنوعت عاداتُ القوم، وتعددت أصناف الطعام عند الشعوب في بقاع الأرض، يبقى الخبز القاسمَ المشترك الذي لا يستغني عنه أحد، وبسببه تقع الكثير من الأزمات، وبوادر الحروب، ويختل ميزان الإقتصاد في البلدان. وهكذا تحرص الأممُ والدولُ الكبيرة في خطط توازن اقتصادها وعلاقاتِها وسياستها، بما يؤمن لها الخبز... ورد في بعض النصوص المباركة الشيءُ الكثير، في وجوب إكرامِ الخبزِ وعدم إهانته، وكأنه الرمزُ الكبير، والعنوانُ الأساس لطعام البشر. فمن جملة ما ورد، وبطريقة تُلفتُ النظرَ ولها دلائلها، ما يلي:
* البدء بالخبز
يستحب إذا حضر الخبزُ ونحن على مائدة الطعام، وتأخَّر الأكل، يُستحب البدء به ولا ننتظر غيرَه، فقد نُقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله قولُه: "أكرموا الخبز"، قيل: يا رسول الله، وما إكرامه؟ قال: "إذا وُضع لا يُنتظر غيرُه".
* قطع الخبز
وورد أيضاً، أنَّه لا ينبغي أن يُقطع الخبزُ بالسكين، ولكن يُقطعُ باليد، فعن الرضا عليه السلام: "لا تقطعوا الخبز بالسكين، ولكن اكسروه باليد". وعن رسول الله صلى الله عليه وآله قولُه: "لا تقطعوا الخبز بالسكين، ولكن اكسروه باليد، وليُكْسر لكم، خالِفوا العجم"(1).
* شم الخبز
وورد أيضاً كراهةُ شمِّ الخبز. فعن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله: "إياكم أن تشموا الخبز، كما يشمُّهُ السِّباع، فإن الخبز مباركٌ، أرسل الله له السماء مدراراً، وله أنبت الله المراعي، وبه صليتُم وبه صُمْتُم وحججتم بيتَ ربِّكم"(2)
* الخبز قبل اللحم
وورد أيضاً استحبابُ أكله قبل اللحم إذا حضر. فعنه صلى الله عليه وآله: "إذا أُوتيتم بالخبز واللحم، فابدأوا بالخبز فسُدُّوا خلال الجوع، ثم كُلوا اللحم"(3).
* تصغير الأرغفة
هذا وذُكر استحبابُ تصغير أرغفة الخبز، وربما كان ذلك لِسَبَبٍ معنوي فقط، وهو أن في كل رغيف بركة كما عُلل في الروايات، وربما كان ذلك لسبب مادي، وهو أن يُشبع إنساناً فلا تبقى منه كِسراتٌ أو تُهمَلُ أو تُرمى لأن هذا من الإسراف. وفي هذا المعنى ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: "صغّروا رغفانكم، فإنَّ مع كل رغيف بركة"(4). ومما تقدم، نعرف لماذا جرت العادة في مجتمعاتنا، عند آبائنا وأمهاتنا، في احترام الخبز وتكريمه وتقبيله وصيانته، وحفظه عن القاذورات، وشُكْرِ الله تعالى عليه، وتنزيله مَنْزِلَةَ النعمِ العظيمة... وهو كذلك بلا شك.
(1) وسائل الشيعة، ج16، ص617، ح5.
(2) وسائل الشيعة، ج16، ص518، ح5.
(3) المصدر نفسه، ح2.
(4) وسائل الشيعة، ج16، ص618، ح1.