الأمّة الإسلامية: تجديدٌ في الروح.. تصعيدٌ في المعنويات.. ارتفاعٌ في القدرة
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
السّلام على أبناء أمتنا الإسلامية رجالاً ونساءً في جميع أرجاء العالم، والسّلام على المجاهدين المقاومين الصامدين في لبنان وفلسطين.الأمّة الإسلامية تستشعر تجديداً في الرّوح وتصعيداً في المعنويات وارتفاعاً في القدرة على مواجهة التحديات. أسأل اللَّه سبحانه وتعالى أن يغدق بخيراته وبركاته عليكم جميعاً يا أهلنا من أبناء الأمّة الإسلامية في كلّ مكان. أيّها الإخوة والأخوات! إنّ الأمّة الإسلامية تعيش الآن في برهة حسّاسة ومتميّزة. برهة تتوافر فيها إمكانات تحقيق تطورات وانتصارات كبرى، وكذلك إمكان أخطار وحوادث جسيمة. بعد الانتصار الهائل العظيم لحزب اللَّه في لبنان وما جرّه على استراتيجية السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط من زلزال مدمّر هرع شياطين الاستكبار لمعالجة هزيمتهم وترميم اندحارهم. وقبل ذلك كان انتصار حكومة حماس في فلسطين ضربة موجعة للعدوّ الصهيوني وللسّياسة الأمريكية، وكان انتصاراً كبيراً للشّعوب المسلمة في المنطقة. وقبل هذا وذاك شهدت الساحة العراقية أيضاً تدوين الدستور وانعقاد المجلس وغيرها من الظواهر المتوالية الّتي أدّت إلى قيام حكومة مستقلة موحّدة في العراق. وكانت كلّ منها دليلاً على فشل المخطط الأمريكي في قضية العراق وتبدد ما بذلته من نفقات مالية وإنسانية باهظة. نّ الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط وتسليط إسرائيل عليها والقضاء على كلّ حركة ويقظة إسلامية مستقلّة تحرريّة هي الأهداف الّتي حملها الشيطان الأكبر بغزوه العراق وبما مارسه بعد الغزو. وهذه الأهداف لم تواجه فشلاً وإحباطاً فحسب؛ بل إنّ حوادث فلسطين والمعاجز الّتي سجلها الفتية المؤمنون اللبنانيون قد زلزلت الكيان الصهيوني وهي أيضاً ضاعفت المعنويات العامة للأمّة الإسلامية وثقتها بنفسها وبرسالتها. المهزومون في هذه الحوادث يسعون ليل نهار لاحتواء أبعاد هزيمتهم. من هنا يتوجّب على المسلمين أن يكونوا على غاية من اليقظة، خاصة على الساحة العراقية والفلسطينية واللبنانية وعامة على ساحة العالم الإسلامي.
* أولاً: على الساحة العراقيه ثمة جهود لزلزلة الأمن ودفع البلد تدريجياً إلى فتنة طائفية، وإظهار الحكومة المنتخبة من جماهير الشعب بمظهر عدم القدرة على إدارة الأمور. وهذا هو محور السياسة الأمريكية في العراق. إنّهم يريدون بذلك أن يبرّروا تواجدهم العسكري وأن يوفرّوا الأرضية لسيطرة حكومة عميلة. تجزئة العراق أيضاً من الأخطار الّتي يمكن أن تفرضها السياسة الأمريكية على شعبه. كلّ العناصر الفاعلة والملتزمة في العراق ينبغي أن تكون واثقةً من عودة الأمن ومكافحة التخريب والفقر والبطالة في هذا البلد الكبير. لا يمكن أن تتحقّق إلا في ظلّ حكومة قويّة منبثقة من إرادة الشعب. وهذا بدوره لا يتحقق في ظل الاحتلال الأمريكي وتدخله غير المحدود في جميع شؤون البلد وفي مهام الحكومة والمجلس. لا بدّ للجميع أن يكونوا يداً واحدة في الدفاع عن الحكومة الشعبيه المؤمنة المنبثقة من إرادة الشعب، وفي المطالبة الجادّة بخروج الأمريكيين وقطع تدخلّهم. لا بدّ أن يتعاضد كلّ العراقيين في هذه المطالبة شيعة وسنّة وعرباً وأكراداً وتركماناً وغيرهم.
* ثانياً، على الساحة الفلسطينية: بعد أن فشلت محاولات الحصار الاقتصادي وأنواع الضغوط أن تسقط حكومة حماس الشعبية فإنّ العدوّ عمد الآن إلى إثارة الخلافات الداخلية لتحقيق هدفه. الفلسطينيون خلال الأعوام الماضية استطاعوا رغم اختلافاتهم الداخلية أن يجدوا الساحات المشتركة بينهم، وأن يجتازوا بذلك مراحل في غاية الصعوبة. غير أنّ أجهزة الاستخبارات الأمريكية والصهيونية تسعى اليوم إلى أن تحوّل اختلافات وجهات النظر الفلسطينية إلى مسألة عصية على الحلّ. أليس من العجيب أن يتحول الاعتراف بإسرائيل إلى شرط لتعاون الفلسطينيين؟ إنّه شرط لا ينسجم دون شكّ مع الإرادة القلبية لكلّ الفصائل الفلسطينية. إنّ على الإخوة الفلسطينيين أن يكونوا على حذر من العدو في هذه الظروف حساسة جدّا. المهزومون في لبنان يسعون بحقد عميق إلى حلّ عُقَدهم. أنتم اليوم بحاجة إلى وحدة حول محور الدولة المنتخبة من الجماهير، لا تدعوا اختلافاتكم تشكّل عاملاً على تشجيع العدو.
* ثالثاً؛ على الصعيد اللبناني: حرب الثلاثة والثلاثين يوماً كان المنتصر فيها حزب اللَّه والمقاومة والشعب اللبناني وكل الأمة الإسلامية. والمنهزم فيها إسرائيل وأمريكا والمغلوبون على أمرهم في المنطقة. إنّ المهزومين كما يبذلون اليوم الجهود للحفاظ على بقاء الجسد المتداعي للنظام الصهيوني، يبذلون جهوداً مضاعفة لإنزال ضربة بحزب اللَّه والمقاومة الإسلامية في لبنان. ليعلم الجميع أن المقاومة اللبنانية ببركة جهادها وشجاعتها ودماء أبنائها المسفوكة ظلماً وعدواناً تعيش في قلوب الأمة الإسلامية. والشعب اللبناني وأكثر الساسة اللبنانييّن يفخرون بحزباللَّه. ومن المؤكد أنّ كل محاولة لمواجهة هذه الفئة المؤمنة المضحيّة سواءً من الصهاينة أو من المأجورين الأذلاء للشيطان الأكبر، سوف تواجه بردّ فعل العالم الإسلامي والعربي؛ خاصةً الشباب الغيارى من المقاومة.
* رابعاً على صعيد العالم الإسلامي: التفرقة الطائفية إحدى المؤامرات الّتي ينفذها المهزومون في المنطقة. على الإخوة المسلمين أن يحذروا كل الحذر من أيّ قول أو فعل يساعد على تنفيذ هذه المؤامرة. إنّ أمريكا في منطقة الشّرق الأوسط لا تبقى وفيّة حتّى تجاه الحكومات الّتي كانت حليفةً لها لسنوات مديدة. لأنها لا تفكر إلاّ بمصالحها ومصالح ربيبتها إسرائيل. لذلك لا يعقدنّ أحد أملاً على ركونه إلى أمريكا؛ لا السنّيّ ولا الشّيعيّ ولا أية قومية في المنطقة. إن إخافة السّنيّ بالهلال الشيعيّ وإرعاب الشيعيّ بالتطرف التكفيري وتخويف حكومات من الطاقة النووية للجمهورية الإسلامية وإبعاد الجمهورية الإسلامية عن جيرانها، كل ذلك من استراتيجيات السياسة الأمريكية والبريطانية. علينا جميعاً أن نكون على درجة عالية من الوعي وأن لا ننزلق في شراكهم. إنّ يوم القدس يوم تضامن الأمة الإسلامية تحت راية إنقاذ القدس الشريف. فلنحيي هذا اليوم ولنوصل صوتنا في الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم إلى أسماع العالم ولنستلهم من عطاء شهر رمضان ما يثبت القلوب والأرواح، ويزيدنا إيماناً بالوعد الإلهي. ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾.