محمود كريّم
بساحِكَ يا أيُّها المُلهِمُ |
تضيعُ المعانِي فمَا أفهَمُ |
ويغدُو يراعِي كسِيراً كَمَا |
لِسَانُ المدِيحِ لكُمْ أبكَمُ |
وحارتْ حُرُوفِي بِكُمْ فَانْثَنَت |
وقَلبُ المحِبِّ جَوَىً يَضرمُ |
تعاليتُمُ عن مديحِ الزمانِ |
فهلْ بعض مدحي لكم يُكرِمُ |
وأنتُمْ عِظَامٌ ومحضُ الكمَالِ |
ومَا ناقِصٌ مُكمِلٌ مَن سَموا |
رأيتُ مديحِي لكُمْ بَلسَمَاً |
وعِزَّاً لصبٍّ بِكُم مُغرمُ |
فبلسَمتُ جُرحِي بهمسٍ ودمعٍ |
فذرَّاتُ شِعرِي بِكُمْ تَعظُمُ |
وجُلتُ بعينيَّ في ساحِكُم |
عَسَى من ظلامِ العَمَى تَسْلَمُ |
فَمُذْ لامَسَتْ تُرْبَ أقدَامِكُمْ |
تَكَحَّلَ جَفْنِي بِمَرآكُمُ |
وَدَمعِي بِهَا لَمْ يَزَلْ قَانِياً |
يَبُوحُ بعِشْقِي ولا يَكتُمُ |
فَفَاضَ النَجِيعُ على دَفتَري |
بِرسمٍ حَزينٍ فمَا يَرسِمُ |
رأيْتُ السمَاواتِ مُحْمَرَّةً |
وَمُغْبَرَّةً والسَنَا يُظلِمُ |
وَصَوتاً يُنادِي على الخَافِقَينِ |
بِنَغْمٍ غدا بِالشَجَى يُوسَمُ |
حُسينٌ حَبيبِي أيا ليْتَ نَحْرِي |
فداءٌ لنَحْرِكَ إذْ يُحسَمُ |
ويا ليْتَ ضِلعِي فِداءٌ لصَدرٍ |
خُيُولُ الضَلالِ لهُ تَهشِمُ |
ألَمْ تدرِ خَيْلٌ أرادَتكَ جِسراً |
بأنَّ أساسَ النُهَى يُهدمُ |
وأنَّ بِصَدْرِكَ كانَ الكِتَابُ |
وأنْتَ الكِتابُ كَمَا المُعجَمُ |
وأنَّ بِوَجهِكَ وجهَ الرَسُولِ |
وعينَ البَتُولِ كمَا المَبسَمُ |
ولهفِي لتِلكَ الشِفَاهِ التِي |
شفَاهِ النبيِّ لهَا مَلثَمُ |
وخَدٍّ تَريِبٍ، وشَيْبٍ خضيبٍ |
عَلى الرُمْحِ يَعلُو فَلا يُهزَمُ |
فَلَم أحتمِل أن أطِيلَ المُكُوثَ |
وحُكْمُ القَضَاءِ بِهِ يُبْرَمُ |
ولو أنَّ قَلبِي كصُلبِ الحَدِيدِ |
لذَابَ احتِراقاً لِمَا يَعلَمُ |
سلامِي إليهِ، وحُزنِي عَليهِ |
طَوِيلٌ وقَلبِي لهُ مَأتَمُ |
سلامٌ عَلى سيِّدٍ شامخٍ |
أبيٍّ شَهِيدٍ لَهُ أُسلِمُ |
سلامٌ عَلى سيِّدٍ لَمْ يَزَلْ |
سِجلُّ النُهَى مِنْهُ يَسْتَلهِمُ |