مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

في رحاب بقية الله: القائم بالحق

الشيخ نعيم قاسم

 



الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام هو الإمام القائم المهدي عجل الله فرجه، "وإنما سمي القائم مهدياً لأنَّه يهدي إلى أمرٍ قد ضلوا عنه، وسُميَّ بالقائم لقيامه بالحق"(1). وقد وردت روايات كثيرة تصفه بالقائم، وهذه الصفة تعبير عن القيام والعزم على الشيء والفعل، أي أن السِّمة البارزة في الإمام المهدي عجل الله فرجه هي قيامه وسعيه وحركته التي لا تهدأ. القيام والحركة مطلوبان من كل الأمة كما من قائدها، ولا يمكن التعبير عن الإيمان إلاَّ بالعمل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أراد التزاماً حقيقياً بشريعة الله المقدسة، عليه أن يسعى ويجاهد ليقيم الدين في حياته وفي الأمة. فالدين لا يقتصر على العبادات وأخلاقيات التعامل مع الآخرين، بل يمتد إلى تحكيم الشريعة في حياة الناس، وهذا ما يتطلب قياماً لا قعوداً، وحركة لا سكوناً، وجهاداً لا خنوعاً، وموقفاً لا صمتاً، وبتعبير مختصر: إنَّه القيام الذي يحمل كل الأبعاد، وهذا ما عبَّر عنه القرآن الكريم: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ (الشورى: 13).

 وقال تعالى واصفاً الأمة القائمة بالتي تتعبد بالصلاة وتلاوة القرآن من منطلق الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر، وفي الوقت نفسه تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتسارع إلى الخيرات: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (آل عمران: 113 114). علينا أن نقتدي بالقائم المهدي عجل الله فرجه في حركته وأهدافه في زمن الغيبة بانتظار الظهور، لنكون في غيبته الكبرى عاملين مجاهدين، كما نكون إن شاء الله في حضوره بين يديه لرفع كلمة الحق. ومن المهم أن نلتفت إلى المعاني التي رسختها روايات الظهور عندما وصَّفت إنجازات الإمام كمرادف للقيام، نذكر بعضاً منها:

1- يُحي الأرض ويُظهر الدين: عن الإمام الحسين عليه السلام: "منا اثنا عشر مهدياً, أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحق، يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون، له غيبة يرتد فيها أقوام ويثبت فيها على الدين آخرون، فيؤذون, ويقال لهم: ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (يونس: 48). أما إنَّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب, بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله"(2). لاحظ الرواية، فالإمام قائم بالحق، ومن نتائج قيامه إحياء الأرض بالطاعة بعد موتها بالمعصية، ونزول الخيرات من السماء، وإظهار الدين بسيادته وانتصاره على الدين كله، وهذا ما يتم بالجهاد والتضحية، وبنصرة أنصاره الذين تحملوا الأذى في غيبته، لكنهم ثابروا على منهجية القيام والجهاد.

2- يفتح الله الأرض على يديه: عن رسول الله صلى الله عليه وآله مخاطباً علياً عليه السلام: "الأئمة بعدي اثنا عشر, أولهم أنت يا علي, وآخرهم القائم, الذي يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها"(3). وبهذا الفتح، تتحطم الحواجز الدولية الظالمة والكافرة، ويتحرر المؤمنون من الحصار والخوف والقتل، ويستمع العالم لنداء الحق، ويأمن المؤمنون على دينهم وأعراضهم وأرزاقهم.

3- يبسط العدل: العدل حلم البشرية، وهو لا يتحقق مع النزعة المادية الموجودة عند المستكبرين والمتسلطين على العالم، وكم عانى الناس خلال الحقبات الزمنية المختلفة؟! لكن، يبقى الأمل المنتظر من القائم بالحق، الذي يقيم العدل على الأرض، كما وعدنا الله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين (القصص: 5). وفي الرواية عن الإمام الحسين عليه السلام، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: "التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المُظْهِر للدين، والباسِطُ للعدل. قال الحسين عليه السلام: فقلت له: يا أمير المؤمنين وإن ذلك لكائن؟ فقال عليه السلام: إي والذي بعث محمداً صلى الله عليه وآله بالنبوة, واصطفاه على جميع البرية, ولكن بعد غيبة وحيرة, فلا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون, المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله عز وجل ميثاقهم بولايتنا, وكتب في قلوبهم الايمان, وأيدهم بروح منه"(4). لا يتم إظهار الدين، وإحياء الأرض، وبسط العدل، وأداء دور الخلافة الإنسانية الأصيلة على الأرض كما أمر الله تعالى، إلاَّ بالقيام والحركة، فإلى أولئك الذين ينتظرون بإحباط ولا يتحركون: إنَّكم تخسرون إن أقمتم على سكوتكم، فتحركوا وقوموا بكل جهد وجهاد وتضحية لإقامة الدين في حياتكم، لتكونوا مع القائم المهدي عجل الله فرجه.


(1) الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص: 383.
(2) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص: 317.
(3) المصدر نفسه، ص: 282.
(4) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص: 304.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع