إعداد: فاطمة الجوهري غندورة
"اخسر 2 كيلو من وزنك خلال أسبوع واحد"
" قاهر السمنة.. حارق الدهون"!!
"جربه إنه المنحف السحري العجيب"!
هي غيض من فيض.. أسماء وإعلانات، تحتل واجهة المحال والصيدليات وشاشات التلفزة وتتصدر لوائح الإعلانات.
أصبحت الرشاقة هاجساً مرضياً للكثير من الناس الذين ما انفكوا يجربون هذا الدواء أو تلك الخلطة دونما تفكير بمضاعفات ما يتناولونه ويتجرعونه من أدوية.
منهم من ادّعى النجاح في تخفيف وزنه, وهم قلّة، وكثير ظهر عليهم الندم لاستعمال هذه المستحضرات التي كلفتهم أثماناً باهظة سواء مادّية أم نفسيّة أم صحيّة.
* عوارض جانبية لا تنتهي
بين النجاح والفشل، الفوائد والأضرار لتلك المنحّفات والأسماء التجارية، كان لنا لقاء مع عدد ممن خاضوا هذه التجارب.
تقول السيدة أم علي (100 كلغ): "لقد جربت العديد من أدوية التنحيف من الأعشاب، واللصقات، والحبوب، والخلطات الأجنبية والمحلية، ولكني لم أجنِ منها أي فائدة، بل على العكس، أصابتني عوارض مرضيّة سببت لي اختلالاً في الهرمونات وأوجاعاً مؤلمة في المعدة".
السيدة أمل (80 كلغ) تقول: "لقد استخدمت أدوية تنحيف كثيرة ولم أجد فائدةً إلا من دواء واحد، وعلى الرغم من خسارتي لبضع كليوغرامات من وزني إلا أنه تسبب لي بأوجاع في المعدة وبإحساس بالكآبة والإعياء مما دفعني إلى التّوقف عن استخدامه لكثرة العوارض الجانبية التي ترافقه".
أما تجربة السيدة أم محمد (90 كلغ) فليست بأكثر نجاحاً من سابقتيها إذ تقول: "لقد جربت من خلال وصفة طبية دواء تنحيف مشهوراً، إلى جانب قيامي ببعض الحركات الرياضية، وبالفعل استطعت إنقاص وزني إلى (80 كلغ). ولا أخفي أني عانيت من عوارض جانبية مؤلمة لكنني تحملت من أجل الوصول لتحقيق هدفي في تخفيف وزني".
السيد كمال (80 كلغ) له رأي مغاير في أدوية التنحيف ويقول: "نعم توجد أدوية تنحيف نافعة لكن نسبياً حسب الأشخاص والأجسام؛ بمعنى آخر لا يوجد دواء تخفيف واحد ينفع كل الأشخاص لأن لكل شخص مواصفات جسدية مختلفة عن الآخر لذا فإن تجربتي مع الدواء (أ) قد تكون مغايرة كلياً لتجربة صديقي معه، لهذا أنا لا أنصح بأدوية التنحيف وأؤكد على اتباع ريجيم طبيعي؛ لأنه الأسلم والخالي من أي احتمالات مرضية مؤذية. كما أنصح بالمداومة على مجموعة من الحركات الرياضية من أجل تخفيف الوزن".
* "ظاهرة المنحّفات"
بعد أن عرضنا لعدد من التجارب, كان لا بدّ لنا من أخذ رأي أهل الخبرة في هذا المجال فكان لنا لقاء مع الدكتور محسن ضيا أخصائي غدد وسكري الذي استهل كلامه بالحديث عن الانتشار القوي لظاهرة المنحفات في الصيدليات واعتبر مردَّ ذلك يعود إلى ارتفاع عدد المصابين بآفة زيادة الوزن مما شكّل سوقاً مهماً للطلب على هذه الأدوية. أما انتشار الطلب عليه في الطب البديل فيعود إلى انسداد الأفق أمام عدد كبير من المرضى، وخاصة الذين خاضوا تجارب فاشلة دون تحقيق أي تقدم في تخفيف وزنهم وبالتالي فهم مستعدون للجوء لهذا النوع من العلاج الذي يمارس أصلاً من الاستغلاليين بهدف الكسب المادي.
وعن الانتشار الإعلامي الكاسح لظاهرة تخفيف الوزن، فقد وصفه الدكتور ضيا بالمادة الدسمة التي جذبت الجمهور والمشاهد. وأبدى الدكتور أسفه من تناول موضوع الوزن الزائد من زاوية جمالية وليس كحالة مرضية تعرّض صاحبها لمشاكل صحيّة كالسكّري وأمراض القلب والشرايين.
ويرى الدكتور ضيا أن النساء هنّ الأكثر إقبالاً على استخدام الأدوية المنحّفة. ولم ينسَ في هذا الإطار الإشارة إلى الدور الذي تمارسهُ وسائل الإعلام في ذلك من خلال طرحها وترويجها لمقاييس ومواصفات حديثة للجمال عبر ممثلات ومذيعات أصبحن رمزاً للكثير من النساء اللواتي يرغبن بالاقتداء بهن.
* الشعور الكاذب
وعن خطورة أدوية التنحيف ميّز الدكتور محسن بين نوعين من الأدوية:
الأول: أدوية تخضع لدراسات وتجارب وتنتج من قبل شركات عالمية معروفة في الوسط الطبي ولا يمكن الحصول عليها إلا بوصفة طبية, وهي مراقبة بشدة حتى بعد تسويقها لذلك يمكن سحبها من التداول. وقد تم بالفعل سحب العديد من الأدوية نتيجة تأثيرها على القلب والشرايين.
هذه الأدوية المعتمدة طبياً لها فوائد مؤكَّدة في تخفيف الوزن من دون أن ننكر عوارضها الجانبية كأي دواء آخر.
الثاني: أدوية غير خاضعة لأي دراسة، تُباع من دون وصفة طبية لا يُمارس عليها أي نوع من الرقابة, وهي مجهولة المصدر وغير معرّضة للسحب من السوق في حال وجود تأثيرات صحية.
وهي تعتمد على قطع الشهية وزيادة كمية الماء الخارجة من الجسم بفعل التبول المتكرر الذي يولد لدى المريض شعوراً كاذباً بالتنحيف، فتعرّض صاحبها لخطر الإصابة بالعديد من الأمراض كالضغط والقلب.
* دور الجهات الرقابية
وقد شدد الدكتور ضيا على الدور الذي يمكن أن تلعبه الجهات الرقابية في الحد من انتشار ظاهرة استخدام المنحّفات مشيراً إلى دور وزارة الصحة في عدم الترخيص للأدوية غير المعتمدة من الجهات العلمية والطبية .
أما مصلحة حماية المستهلك فلا بد أن تراقب المنتجات المعتمدة في السوق ومدى خطورتها والتدخل لدى الإعلام لمنع الإعلانات الكاذبة، فالدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام يكمن في التوعية الصحيّة من خلال اعتماد برامج نوعية تركز فيها على كيفية الغذاء السليم وممارسة الرياضة ويديرها إعلاميون متخصصون لإيصال الفكرة لأكبر عدد من الناس.
* دون عوارض جانبية
وبكلمات موجزة وصريحة وجّه الدكتور ضيا مجموعة من النصائح من أجل تخفيف الوزن دون عوارض جانبية:
1ـ اعتماد الغذاء السليم دون إفراط في الكمية.
2ـ الممارسة الدائمة للرياضة كلٌّ حسب حاجته وطاقته.
3ـ ضرورة الاهتمام بالوزن قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة.
4ـ المحافظة على صحة أطفالنا وعدم جعلهم يبدنون.