مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مقابلة عام الجهاد الاقتصادي


عام الجهاد الاقتصادي.. الأهداف والدلالات/ لقاء مع سفير الجمهورية الإسلامية في إيران الدكتور غضنفر ركن آبادي
حوار: إيفا علوية ناصر الدين


يطلق الإمام الخامنئي"دام ظله" في مطلع كل عام هجري شمسي تسمية معينة على العام الجديد من أجل العمل في إطاره لتحقيق أهداف محددة. وكان سماحته قد سمّى العام الحالي بـ "عام الجهاد الاقتصادي". ما هي الأهداف التي قصدها الإمام الخامنئي دام ظله من هذه التسمية؟ ما هي مظاهر الجهاد المقصود هنا ودلالاته؟ من هم المعنيون به؟ وكيف يمكن تحقيق الأهداف المرجوة منه؟ هذه الأسئلة شكلّت محور اللقاء مع سعادة سفير الجمهورية الإسلامية في لبنان الدكتور غضنفر ركن آبادي.

* معنى الجهاد الاقتصادي
تعتبر كلمة "الجهاد" مفردة مقدسة في القاموس الإسلامي. وهي تستعمل عند مواجهة العدو. ما هو الهدف الذي قصده الإمام الخامنئي "دام ظله" من تسمية العام الحالي بعام الجهاد الاقتصادي؟ ما هي دلالات كلمة الجهاد في عبارة "الجهاد الاقتصادي"؟ وما هو الرابط بين الجهاد والاقتصاد؟ كما تعلمون فإنّ كلمة "الجهاد" تطلق عادةً على نوع من العمل المقدس. ومن هنا فإنّ الإمام الخامنئي"دام ظله" ينظر إلى العمل المتّصل بقضايا الاقتصاد والتقدّم والتنمية والإعمار من منظار مقدس باعتباره جهاداً. وكان الإمام الخميني"قده" قد استخدم هذه الكلمة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عندما أصدر أمراً بإنشاء مؤسسة ذات طابع شعبي حملت اسم "جهاد البناء".  على أي حال فإن مفردة "الجهاد" تطلق عادة على الجهود المضنية التي تبذل في مواجهة العدو. وهناك قاعدة أساس في النظام الفكري والسياسي الإسلامي تُعرف بـ قاعدة "نفي السبيل" وهي تقوم على أساس أنه لا ينبغي أن تسمح للأجنبي بفرض سيطرته على المجتمع الإسلامي حتى ولو من خلال المتطلبات والحاجات الاقتصادية. ولذلك فإنه يمكن القول إن الغرض من اختيار اسم "الجهاد الاقتصادي" لهذا العام هو محاولة جامعة وجادّة ومقدّسة لدفع مسيرة الإسلام نحو قمم التطور والتّنمية الشاملة.

* وجوه الجهاد
كيف حضرت مظاهر ووجوه الجهاد الاقتصادي في حياة الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليه السلام؟ إن تعاليم الإسلام الدينية تزخر بالآيات والروايات التي تؤكّد أن تحقيق الاستقلال الاقتصادي للبلد والمقترن بالدوافع الربانية، بمنأى عن الأجنبي، هو جهاد في سبيل الله. وحسب فتاوى العلماء فإنه "إذا كانت العلاقات التجارية مع الأجنبي تحمل مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بالسوق الإسلامية اقتصادياً عندها يتوجب وقف مثل هذه العلاقات وإن هذا النوع من التجارة حرام". إن مثل هذه الأحكام الشرعية والقطعية إنّما تأتي على أساس القاعدة الفقهية الشهيرة، أي قاعدة "نفي السبيل" التي تتخذ أساساً لكافة الأحكام الشرعية سواء فيما يتعلق بالمعاملات أو العبادات والسياسات. ففي الآية 61 من سورة هود يشير القرآن الكريم إلى النّعم التي وضعت في الأرض ويقول: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا. فالله سبحانه تعالى لا يقول إنه استعمر الأرض ووضعها تحت تصرفكم بل يقول إنه استعمركم فيها أي إنه وضع القوة والوسائل تحت تصرفكم لتقوموا أنتم باستعمار الأرض عبر العمل والجهد.  إن جهاد النبي صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام منذ أن منعوا من ارتياد شُعب أبي طالب وصولاً إلى عملهم الدؤوب في مجال نشر مختلف العلوم والبناء في مختلف المجالات مثل حفر الآبار وزراعة الأشجار والنخيل وكذلك إشاعة ثقافة العمل ومساعدة الفقراء ومنع الإسراف والتبذير والتشجيع على القناعة وغير ذلك هي نماذج بارزة من أوجه الجهاد في ثقافة القرآن وأهل البيت عليهم السلام.

* رسالة إلى كل الشعوب
هل يختص عام الجهاد الاقتصادي بالشعب الإيراني أم يمكن اعتبار جميع الشعوب الإسلامية معنية بها، وكيف؟ تحمل هذه التسمية بالطبع رسالة إلى جميع الشعوب من أجل الاستقلال والاكتفاء الاقتصادي. لأنّ شعباً فقيراً وجائعاً وفي حاجة إلى الأجنبي لن يذوق بتاتاً طعم الاستقلال والعنفوان والكرامة. ومبدئياً فإن الجهاد الاقتصادي هو جزء من الجهاد ضد العدو. وفيما يتعلق بالجمهورية الإسلامية الإيرانية فإن أعداءنا لجأوا إلى عنصر العقوبات والضغوط الاقتصادية بعد أن فشلوا في مواجهة إيران أمنياً وسياسياً وثقافياً. ولحسن الحظ فإن هذه الضغوط لم تدفع إيران إلا إلى المزيد من الاعتماد على إمكانياتها الداخلية، والتقدم نحو الاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات وتحقيق مزيد من الإنجازات العلمية والتقنية والصناعية والعسكرية وما إلى ذلك.

* واجبات المعنيين
من هم الفئات المخاطبة بهذا الجهاد الذي أعلنه القائد "دام ظله" وما هي واجباتهم؟ إن المخاطبين بهذا الجهاد هم المسؤولون وكذلك شرائح المجتمع. فالجهاد يتمثل أساساً في حركة عامة يتضافر فيها الجهد الجماهيري والحكومي معاً ولا يقتصر على القرارات الحكومية أو الطاقات المتوفرة لدى الحكومة. وهنا لا بد من استخدام كل الطاقات البشرية والإدارية والعلمية والثقافية في البلاد استخداماً صحيحاً.

* اعتبارات الجهاد الاقتصادي
- ما هي مصاديق ومفردات الجهاد الاقتصادي؟

نحن بحاجة إلى جهاد شامل يستوعب كافة المجالات الاقتصادية مما يستدعي في البداية العمل على تحديد العقبات والعراقيل ووضع خطة عشرينية للاقتصاد في العالم علماً أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد بدأت بهذا الجهد منذ عدة سنوات حيث وضعت خطة اقتصادية للبلاد تمتد حتى العام 2025.  ومن ناحية ثانية لا بد من الاهتمام بثقافة الأسرة الاقتصادية وكذلك الأجهزة الحكومية اقتصادياً. والواقع أن التسمية التي أطلقها سماحة القائد على العام الماضي والذي أسماه "عام ترشيد الاستهلاك" إنّما جاءت تمهّد بحكمة لهذا الأمر.  ولا بد من الإشارة هنا إلى مشروع ترشيد الدعم الحكومي الذي بدأ تنفيذه العام الماضي ويهدف إلى زيادة حجم الدخل العام وقد حقّق نتائج إيجابية جداً على المستوى القومي ولمصلحة أبناء الشعب ولا سيما ذوي الدخل المحدود. والحمد لله أن اكتشاف الخصائص النسبية وتوفير فرص العمل وزيادة الإنتاج والاهتمام الكبير بالعلوم والتكنولوجيا وغير ذلك يدخل في اعتبارات الجهاد الاقتصادي. كما أن مشروع خصخصة الشركات الحكومية المعروف في إيران باسم المادة 44 قد حظي هو الآخر بالاهتمام الكبير لدى سماحة قائد الثورة الإسلامية وتمّ تنفيذه بتوجيهات من سماحته "دام ظله".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع