في حوار مع المنسقة العامّة الحاجة رباب الجوهري
لأنَّ أسرنا هي الخلايا الأولى لمجتمعنا، ولأنَّ أسرنا هي
المتجدِّدة حباً ونماءاً ومقاومة، كان لنا لقاء مع منسِّقة حملة أسرتي – سعادتي
الحاجة رباب الجوهري التي أجابتنا عن تساؤلات عديدة حول برامج هذه الجمعية التي
يعتبر من أهمِّ أهدافها الحفاظ على إشعاع القِيَم الأسريَّة في حياتنا وعلى تماسكها
في مهبِّ رياح العولمة. تحدَّثت الحاجة رباب عن الأسرة المسلمة منذ نشأتها الأولى
حتَّى مراحل تطورها واستقامتها على جادة الشريعة السمحاء بناءاً متماسكاً، وتحدثت
عنها في مهبِّ عواصف الخلافات والمنازعات دائماً وأبداً في ظلال الإيمان بالله
والتسلح بما يرضي الله في التواصل بين أقرب عباد الله إلى الله. لذلك اخترنا، من
ذلك الحوار الطويل، هذه الباقة من الأسئلة التي تعنينا جميعاً وإليكم بعضها:
- متى ولدت أسرتي - سعادتي؟ وهل تاريخها من تاريخ
المقاومة؟ أم من لحظة افتتاح السيد هاشم صفي الدين لها؟
هي قديمة بقِدَم القِيَم الإسلامية، موجودة في النفوس، وما عقمت أرحام الأمهات ولا
أصلاب الرجال عن إنجاب أناس يحملون هذه القِيَم.
*قيم الأسرة السعيدة
- حسناً ما هي أهم قيم ومنطلقات هذه الأسرة السعيدة؟ أعني قيم حملة أسرتي - سعادتي؟
لأن "الأسرة منطلق جميع السعادات"، كما يقول السيد القائد، حفظه الله، انطلقت قيمها
وأهدافها من:
1- القيام بالأعمال الخيريَّة والثقافيَّة والإنسانيَّة والاجتماعيَّة بمختلف
الوسائل المتاحة.
2- العمل على تهذيب أبناء المجتمع و"الناشئة" تحديداً، بنشر ثقافة المثل الأخلاقية
العليا.
3- التعاون مع الجهات المختصَّة لمحاربة الفساد في المجتمع.
4- المساهمة في ترشيد وتوجيه وسائل الإعلان والإعلام بما يحفظ كرامة الفرد في
مجتمعه، وكرامة هذا المجتمع في سلوكيَّات هذا الفرد بالتواصل بين مختلف شرائح
المجتمع اللبناني على القيم الأخلاقية والثقافية كنقطة التقاء جامعة.
5- إعداد الكوادر المتخصِّصة والمثقفة لتحقيق أهداف الجمعية.
- هل توجد هذه الأهداف برأيكم حلولاً جذرية للمشاكل
الأسرية في مجتمع المقاومة؟
إنّ تغييب الفكر القِيَمي الإلهي وسيطرة الفكر المادي أهم ما تعانيه أسرُنا، فالله
سبحانه وعدنا بنماء البشرية عندما نتجذَّر بعقيدته السمحاء، فنصل إلى الأمل الذي
ينمو في نفوس مجتمعنا الملتزم بهذا الخيار، خاصة في ظلِّ اختلاط المفاهيم على قلةٍ
من هذه النفوس لورود الغثّ والثمين عليها من الغرب، ولكن بعد الغربلة، تعود القِيَم
الأساسية التي تحيي الأمة، رغم نفاذ رياح العولمة إلى مجتمعنا لذاك أزعم أنَّ
الأهداف التي وضعتها جمعيتنا تضعنا أمام مسؤوليتنا في مراجعة أنفسنا تجاه الأزمة
الحادَّة التي نعانيها من اهتزاز القِيَم وتزعزع في الهوية والانتماء الأمر الذي
تسعى جمعيتنا إلى صقله وإيضاحه عبر عقيدة الإسلام الذي يعتزّ بالبناء الأسري الشرعي
الوحيد لأرقى أنواع التواصل الإنساني.
*بناء الطفل عبر إعداد الأهل
- هل ستسعى جمعيتكم إلى فرض أهدافها، عبر وزارة التربية، على المنهاج التربوي
المدرسي، في حصص أسبوعية، تؤهل أجيالنا لمستقبلها الآتي عما قريب بإذن الله؟
هذا طموحٌ موجودٌ في خططنا، لكن تنفيذه وكيفية تلقّف المجتمع له، أمرٌ لا يمكن
استباقه. ربما نبدأ بالمدارس أولاً ثمَّ المعاهد النسائية، لأننا فعلاً نتوجَّه إلى
الطفل الذي اهتم به الإسلام، قبل انعقاد نطفته وبعد ولادته، عبر التوجيهات التربوية
النبويَّة، والتأديب القرآني على مكارم الأخلاق الأسريَّة، وعبر إعداد أهل متدينين
وكوادر تعليمية تعمل على نشر المبادئ الإسلاميَّة، لينشأ أطفال اليوم كافةً صالحين
يؤسِّسون أسرهم سعيدةً، هانئةً في ظل تعاليم الشريعة السمحاء.
- هل يمكن لبرامج أسرتي- سعادتي في حملة "قِيَم" أن تفرض
قانوناً يلزم بإجراء دوراتٍ تثقيفية للزوجين في التواصل الأسري الإسلامي يتوقف على
نتائج امتحانها النهائي عقد القران بموازاة الفحوصات الطبية للزواج؟
ذكرني هذا السؤال بأنَّ الإسلام لم يدخل إلى الصين بالفرض والسيف، بل بإعجاب
الصينيين بأخلاق التجّار المسلمين الذين دخلوها، فأسلموا، والقانون الذي تطرحين جيد،
ولكنني أراهن على الناس لأنها عندما تتثقف ثقافة إسلامية لا تحتاج إلى قانون إلا من
باب إيجاد حراكٍ ثقافي. والوازع الديني أكثر قوَّة في النفس من أيِّ قانون يمكن أن
يحتال عليه الزوجان حيلاً شرعية.
*العودة إلى الأحكام الشرعية
- إذاً، أيُّ دورٍ قانوني يمكن أن تلقيه أسرتي-سعادتي لحل مشاكل الأسرة التي قد
تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه؟
تسعى جمعيتنا واقعاً إلى ضرورة إيجاد قوانين تفرض على المحاكم الإسراع، وليس
التسرّع، في سُبل التقاضي وسرعة الفصل في المنازعات اليوم، بدل أن يستمرَّ الزوجان
مدّة سنتين أو أكثر في منازعاتهما التي توسِّع دائرة الخلاف بدل أن تضيّقها. يجب أن
نجد حلاً لهذه الأمور، بضمان تنفيذ الأحكام الشرعية ليس على أساس الأحكام
الاستنسابية أو قانون الأقوى، بل على أساس عدالة الشريعة السمحاء.
- هل يمكن أن تشكِّل جمعيتكم مرجعية وحيدة لحلِّ الخلافات
الأسرية وحمايتها من التفكّك ليس بين الزوجين فقط بل الأبناء والأقارب وسائر الفروع؟
دورنا الحالي يقتصر على الإضاءة على مواضيع الخطوات الأولى للبناء الأسريّ، وعلى
وسائل التواصل الإنساني الراقي بين الزوجين، وكيفية بناء الإنسان المسلم وتأهيله
للحياة الأسرية، ومساعدته في الحفاظ على إنجازه بتقوية إيمانه وتعريفه حقوقه
وواجباته في مملكته الجميلة التي يفترض أن تشاركه فيها ريحانة حياته أي المرأة كما
وصفها نبينا صلى الله عليه وآله وسلم. ولكن طموحنا أن تنبثق من هذه الجمعية مؤسسات
تتابع ما بدأناه وترعاه، وتدعم تخصص هذه المؤسسات. وقد أطلقت حملة "قيم" جمعية "مودة"
التي تعمل على تأصيل القيم الإسلامية في مجتمعنا.
- كيف نحفظ كل هذه الجهود الخيّرة لأجيالنا الآتية؟ وهل
قام الإعلام المرئي، الإسلامي تحديداً، بواجبه في مؤازرة حملتكم؟
هذا الجهد لله سبحانه وتعالى، والله حافظه وهو خير الحافظين وطبعاً كما أشرتِ في
سؤالكِ، إنّ من شأن الإعلام أن يوثِّق هذا الجهد بالصوت والصورة والحبرِ أيضاً كما
تفعلين الآن. فالإعلام يتابع والمنار تحديداً، تتابع من خلال حلقة أسبوعية بعنوان "أسرتي-
سعادتي" نشاطات حملتنا، أيضاً الكشافة، والمساجد والمصليات. والمنار بشكل خاص
يوازينا، جنباً إلى جنب عندما يمتنع عن نشر برامج الفساد والإفساد ويحث على ترشيد
الحياة الأسرية ويدعم إنجاح الزواج بإنتاج البرامج الهادفة (حوارية، روائية،
إعلانات.. الخ).
اكتفيت بهذا المقدار من حوارنا وأحيلكم قراءنا الأعزاء إلى عدد تموز من مجلتنا
حيث أغنت كلمة افتتاح هذه الجمعية للسيد هاشم صفي الدين هذا الموضوع، بما لا يحتمل
إضافات أخرى. مع دعائي لكم وللحاجة رباب التي أجريت معها هذا الحوار ومع دعائنا لكم
ولهم بالسعادة والتوفيق والسلام عليكم وعلى أسركم سعيدة هانئة.