خذ بيدي
ها أنذا أعود إليك ...
أعود ليرسو مركب قلبي المتهالك على شط أمانك، بعدما عصفت به زوابع الذنوب، وتلاطمته
أمواج المعاصي، وكادت بحور الخطايا أن تغرقه في دياجي أعماقها الغائرة.
أعود إليك بعينين تتفجر براكين دموعهما حمماً تحرق ستائر الغفلة التي كادت أن تعمي
بظلمتها المدلهمة نور البصر الثاقب، وتحجب نور البصيرة الوضّاء.
أعود لكي ألقي بنفسي في أحضان عتباتك، وأسرح في سجدة خشوع غامرة تتوهج بحرارة الشوق،
وتسمو بروحي إلى منازل القرب والوصال.
أعود لكي أحلّق في سماء مناجاتك، وأرفرف بجناحيّ في تضرع خالص بطلب العفو والإنابة،
وأطلق تمتمات فؤادي في توسُّل التوبة والغفران.
أعود لكي أغفو في مهد رحمتك، وأطبق جفوني في هدأة رأفتك، وأستريح في أنس محبتك التي
تغمر وجودي بروعة الأمل والرجاء.
أعود لكي أنهل من معين كرمك، وأرتوي من فيض آلائك، وأقطف من ثمار بركاتك، وأجني من
كثير فضلك، فتصير غلة زادي وافرة بالخير والنعماء.
أعود لكي أتفيأ ظلال لطفك، وأشقّ طريقي في سبيل طاعتك، وأسير في دروب رضاك، وأسلك
إلى رحاب جنانك.
إلهي... ها أنذا أعود إليك، فخذ بيدي ولا تتركني شريداً.