مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

نور روح الله: الدنيا دار بلاء لا دار جزاء



اعلم أنّ هذا العالم الدنيوي لما فيه من النقص والقصور والضعف لا يكون دار كرامة ولا محلاًّ لثواب الحقّ سبحانه ولا محلاًّ لعذابه وعقابه، لأنّ دار كرامة الحقّ عزّ وجلّ عالم تكون نعمه خالصة وغير مشوبة بالنقم، وراحته غير مخلوطة بالشقاء والتعب. ومثل هذه النعم غير متوفرة في هذا العالم، لأنّه دار التزاحم والصراع.

وإنّ كل نعمة من نِعَمِ هذا العالم محفوفة بأنواع من العذاب والآلام والمحن. بل قال الحكماء إنّ لذّات هذا العالم هي دفع للآلام . ونستطيع أن نقول إنّ لذّاته تبعث على الآلام لأنّ في إثر كل لذّة شقاء ونصب وألم، بل إنّ مادة هذا العالم تتمرّد على قبول الرحمة الخالصة والنعمة المحضة غير المشوبة بالمكاره. وهكذا العذاب والشقاء والألم والتعب في هذا العالم لا يكون خالصاً، بل يكون كل ألم وتعب محفوفَين بنعمة أو نِعم. وكل واحد من الآلام والأسقام والشقاء والمحن في هذا العالم لا يكون محضاً وغير مشوب بنعمة ورحمة، فإنّ مادّة هذا العالم تتمرّد على قبول العذاب الخالص المطلق. إنّ دار عذاب الحق سبحانه ودار عقابه، دار فيها العذاب المحض والعقاب الخالص، وإنّ آلامها وأسقامها لا تضاهى بآلام وأسقام هذا العالم، كأن يمسّ العذاب عضواً دون عضو، أو يكون عضو سالماً في راحة والآخر في تعب وشقاء.

وقد أشير إلى بعض ما ذكرنا في الحديث الشريف الذي شرحناه عندما يقول: ﴿وَذَلِكَ السبب في ابتلاء المؤمن بالبليّات أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلِ الدُّنْيَا ثواباً لِمُؤْمِنٍ وَلاَ عُقُوبَةً لِكَافِرٍ إنّ هنا عالم الدنيا دار تكليف، ومزرعة الآخرة، وعالم الكسب. وهناك عالم الآخرة دار جزاء ومكافأة وثواب وعقاب. إنّ الذين يتوقعون من الحقّ سبحانه أن ينتقم في هذا العالم من كل مرتكب معصية أو فاحشة أو جور أو اعتداء، بأن يضع عزّ وجلّ حدّاً له، فيقطع يده، ويقلع العاصي من الوجود، إنهم غافلون عن أن مثل هذا العقاب خلاف النظم والسُّنَّة الإلهية التي أقرّها الله سبحانه.

إنّ هذه الدار، دار امتحان وتفريق بين الشقي والسعيد والمطيع والعاصي، وعالم ظهور الفعليات وليس بدار تبيّن نتائج الأعمال والملكات. وإذا انتقم الحقّ المتعالي من ظالم نادراً، لأمكننا القول إنّ عناية الحق عزّ وجلّ قد شملته. وإذا ترك أهل الموبقات والظلم في ضلالهم وغيّهم، كان ذلك استدراجاً، كما يقول الله سبحانه: ﴿... سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (القلم: 44 -45). ويقول: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (آل عمران: 178). وفي مجمع البيان عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "إذَا أَحْدَثَ الْعَبْدُ ذَنْباً جُدِّدَ لَهُ نِعْمَةٌ فَيَدَعُ الإِستِغْفَارَ فَهُوَ الإسْتِدْرَاجُ" .

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع