كانت أنغام المعازف والمغنين تلعب بالرؤوس التي لعبت الخمرة بها لعبتها.
وفي الأثناء فتح باب الدار، وأطلت جارية من البيت لترمي بالقاذورات في الطريق
فصادفت رجلا مارّاً من هناك وقد بدت على سيمائه آثار العبادة والورع فسألها: صاحب
هذا البيت حر أم عبد؟
- حر.
- صدقت فلو كان عبداً لخاف من مولاه.
ولمّا دخلت البيت، كانت قد أبطأت بسبب حديثها مع الرجل، فسألها مولاها: ما أبطأك؟
فقالت: رجل كان مارّاً في الطريق تبدو عليه آثار الصلاح والتقوى، فسألني بكذا
وأجبته بكذا.
فلمّا أنهت حديثها فكّر مليّاً في ما نقلته إليه ولا سيما في هذه الجملة: لو كان
عبداً لخاف من مولاه. حيث وقعت على قلبه موقع السهم. فخرج حافياً يريد الرجل فلما
وصل إليه وجده الإمام موسى بن عفر عليه السلام فتاب على يده معتذراً ولم
ينتعل من يومه ذاك حتى مات.
كان قبل ذلك اليوم يعرف بأبي نصر بشر بن الحارث بن عبد الرحمن المروزي وبعده صار
يعرف ب-(بشر الحافي).
كان الحارث قبل ذلك من أصحاب المعازف والملاهي ولكن قول الإمام عليه السلام
أثّر في نفسه وكان سبباً إلى توبته فأصبح عارفاً عابداً زاهداً.