في بلدة الدوير من بلدات
جبل عامل ولد الشهيد المجاهد الشيخ حسين قانصو (أحمد) سنة 1974م حيث ترعرع فيها،
وقد ظهرت صفات الشجاعة والقوة والإباء عليه منذ صغر سنه، ففي سنة 2982 تاريخ اتياح
العدو الاسرائيلي، خطط هو وصديق له استشهد لاحقاً أن يجمعا الدواليب ويضعاها في
الطريق وعندما تصل الدورية المعادية تضرم النار في الدواليب لمنعها من مواصلة
الطريق وهكذا كان، بعدها عمد الصهاينة إلى مداهمة بيت الشهيد حسين قانصو، لكن كانت
المفاجأة كبيرة عندما وجدوا أنهم أمام فتى في التاسعة من عمره.
وعند بلوغه سن السادسة
عشرة يمم وجهه شطر الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة طلباً للعلوم الدينية، لكنه
لم ينسَ أولويات المقاومة ومساعدة المجاهدين والمشاركة معهم في ثغور الجهاد، لم ينسَ
الشهداء والجرحى والأسرى ولا الأيتام فعاد إلى لبنان وألتحق بصفوف المقاومة
الإسلامية بعد أن أدرك أن الغاية من طلب العلم وهي تهذيب النفس تحصل بالالتحاق
بالمقاومة الإسلامية.
فقد قال الإمام الخميني قدس سره "إن هؤلاء هم أهل العرفان الحقيقي".
أما إذا سمعت الشيخ حسين قانصو يتحدث عن الشهداء تحكم مباشرة أنه شهيد آتٍ من عالم
آخر.
كان الشهيد قليل الكلام، يصلي صلاة الليل ويواظب على الزيارة الجامعة وزيارة
عاشوراء وينظم وقته للمطالعة والدعاء والصلاة، كان أيضاً يبدأ نهاره بالصدقة ويختم
بها. حتى أنه كان يقول إذا رزقني اللّه الشهادة لا تعلقوا لي الصور، تصدقوا بهذا
المال على الفقراء.
إذا سئل لماذا أنت قليل الكلام، كان يقول: أني أخاف أن أتلفظ بشيء يؤذي الآخرين.
* من وصايا الشهيد:
أخواني في الحوزة العلمية انظروا إلى أبناء المقاومة الإسلامية الذين ترعرعوا بين
يدي أبي عبد اللّه صلى الله عليه وآله وسلم فخافوا اللّه حق مخافته، فرحلوا وتركوا
بلاد الفسق والفجور إلى أرض الجهاد لنصرة راية الإسلام التي رفعها ونادى لنصرتها
حسين هذا العصر الإمام الخميني (قدس سره) وأكمل المسيرة آية اللّه العظمى السيد علي
الخامنئي حفظه اللّه.
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ
لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾.
﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ
وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾
﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
* أمي الحبيبة:
أعرف ما سيصيبك بعدي لأني أعرف مشاعرك باتجاه ولدك ولكن إيمانك وصبرك وقدرتك سيزيدك
صبراً وعزماً وفخراً ويقيناً، إلخ...
أماه، ترحمي علي كثيراً ولا تقولي إنما ذهبت لون أعود، لا فأنا معك وفي قلبك وفي
الخلد بانتظارك وسأرفع رأسك عند الزهراء صلى الله عليه وآله وسلم بإيثارك في مصيبة
ولدها الحسين صلى الله عليه وآله وسلم.
أماه، لك علي حق ولله أيضاً حق علي. فحق اللّه أعظم وأرفع لأنه هو وهبك إياي وأنا
عندك وديعة وها أتى اليوم الذي ردت فيه هذه الوديعة.
فبشراك أيتها الحاجة لأنك ربيتني على الإيمان وعلى العفة والطهارة والحق، فاعتزي
بولدك بين النساء.
وداعاً يا أماه والعبرات سائحات بفرح الشهادة وبحزن الفراق... سامحيني.
* أبي الحبيب:
سامحني وأخبرك أني سلكت الطريق الذي يرضي اللّه وأكون من خلاله مطمئناً بمنزلة
آخرتي لأن هذه الدنيا حقيرة والذين يتقاتلون عليها كأنهم كلاب يتقاتلون على جيفة.
أخوتي وأخواتي، أوصيكم بتقوى اللّه ومخافته وليكن نهاركم وليلكم في طاعة اللّه لأن
الطريق طويل وشاق، ترحموا علَّي وتذكروا الشهداء واسلكوا طريق الولاية المشرقة التي
هي مسلك لولاية أهل البيت صلى الله عليه وآله وسلم المتمثلة بآية اللّه المشرقة
السيد علي الخامنئي حفظه اللّه.
لا تغرنكم هذه الحياة بل حاولوا أن تكتسبوا لآخرتكم ليوم لا ينفع مال ولا بنون إلا
العمل الصالح والقلب السليم.
حافظوا على إيمانكم وعلى صلواتكم، تعمّقوا بمعرفة اللّه تذكروا الجنة. اعرضوا أعمالكم في كل يوم وساعة لله أم لا، للجنة أم للنار، تعلقوا بالصدقات والأعمال الصالحة لتتمسكوا بولاية أهل البيت صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأبرار وكتاب اللّه العزيز الجبار، واظبوا على قراءة القرآن والأدعية والنوافل وخصوصاً صلاة الليل وإن كنت مقصراً ولم أواظب عليها فأنا امرؤ حقير غرته هذه الدنيا وغدرته بغدرها ومكرها، وأنتم ما زلتم أحياء حاولوا أن تصلحوا أموركم على أساس رضا اللّه ورسوله.
واظبوا على الزيارة
الجامعة الكبيرة وزيارة عاشوراء وعلى استماع مجالس العزاء وواسوا الأئمة الأطهار
بأحزانهم وأفراحهم وتواصوا بالحق والصبر.
لا تنسوني من الدعاء والصدقات والخيرات فإني بحاجة لهذه الأعمال وأسألكم المسامحة
لي مما عملت لكم من أخطاء ومشاكل. احفظوا خط المقاومة الإسلامية التي هي فخرنا
وعزتنا.
والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
أخوكم العبد الذليل لله سبحانه وتعالى.
(أحمد) ح.ق.