مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

شباب: الحب في القلب


ديما جمعة فواز


وضعت روان المنديل الأسود على رأسها دون اكتراث لخصلات الشعر التي ظهرت فوق جبينها، أضافت بعضاً من أحمر الشفاه الباهت، بينما كانت ترمقها ابنة أختها ياسمين، ذات السنوات الستّ بإعجاب، همست الصغيرة: "لماذا تضعين الوشاح على رأسك الليلة؟ هل تحجبتِ؟" أخفتْ ضحكتها ثمّ جلست قرب الطفلة هامسة: "كلّا يا حبيبتي، ولكنّني في أيّام محرّم أرتدي الحجاب لأقصد مجالس العزاء الحسينيّة، فكما تعرفين نحن نحبّ الإمام الحسين عليه السلام". هزّت الطفلة رأسها متأثّرة: "أعرف ذلك، فقد تحجّبت أختي لُبنى في عاشوراء الماضي، قالت لأنّها تحبّ الإمام الحسين عليه السلام كثيراً". قاطعتها روان هامسةً: "القلب هو الأهمّ يا صغيرتي، ليست الأفعال ولا الأقوال.. الحبّ الحقيقيّ هو في القلب!".

وسرعان ما أطلّت لُبنى ذات الأعوام العشرة رأسها، مقاطعةً خالتها: "لكنّ الحبّ الحقيقيّ إذا سكن القلب، سيكون انعكاسه واضحاً في الأفعال أيضاً". ابتسمت خالتها متفهّمة كلامها الذي ظنّت أنّها حفظته من والدتها، ليس إلّا. وأكّدت على ياسمين الصغيرة: "القلب عزيزتي هو الأهمّ". وهمّت بالخروج مذكرةً الطفلة ياسمين: "لا تعبثي بأغراضي الشخصية ولا تدخلي غرفتي، سأذهب إلى المجلس وأعود سريعاً".

وصلت روان إلى مجلس العزاء. وكانت بين الحين والآخر ترفع منديلها وتسرق النظر إلى مرآتها لتتأكّد من حُسن مظهرها. لقد استمعت كثيراً طوال الأعوام الماضية إلى فتيات يحاولن إقناعها بأهميّة الحجاب وعدم التزيّن وغيره من "الاهتمام بالقشور" كما تعتبرها، وكانت دوماً تجيبهنّ أنّ الإيمان في القلب وليس بالضرورة أن تلتزم بالحجاب والستر.. فهي لا تقبل أن يزايد عليها أحد في ولائها لأهل البيت عليهم السلام!

وبعد انتهاء العزاء، كانت روان شديدة التأثُّر، مسحت دموعها، وأضافت بعضاً من البودرة الخفيفة على وجهها، وصلت إلى المنزل وتوجّهت نحو غرفتها، ويا لهول ما رأته! كانت كلّ أوراقها الجامعية منثورةً على الطاولة وقد رُسم عليها دوائر باللون الأحمر. وياسمين تجلس في زاوية الغرفة وقد أخرجت ألبوم صورها لتبعثرها بينما تقف لُبنى تراقبها دون أن تمنعها!

صاحت بصوتٍ عالٍ: "ماذا تفعلان؟ ستنالان عقاباً قاسياً على فعلتكما!". قفزت ياسمين مرتعبة واختبأت بثوب والدتها التي أطلّت مع بقيّة أفراد الأسرة حين سمعوا صياح روان.. نظر الجميع إلى لُبنى بغضب شديد وهم ينتظرون أن تبرِّر ما حصل. التقطت ياسمين أنفاسها المتقطّعة وصاحت: "ولماذا ستعاقبينني؟ أنا أحبُّك!". صرخت روان من قلبها: "ماذا تقولين! أي حبّ هو ذاك حين لا تسمعين إرشاداتي! أي حبّ فارغ وتافه هذا؟". اقتربت منها لُبنى وأخيراً نطقت: "لم تفعل ياسمين شيئاً، سوى أنّها عبّرت عن حُبّها لك بالطريقة التي لقّنتِها إياها. أليس الحبّ في القلب فقط؟!".
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع