مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

قضايا معاصرة: فيلم مجاهد بعصبة خفيّة

وئام أحمد (*)


عندما نتحدّث عن الجهاد، لا بدّ أن ترتسم أمام أعيننا صورة المقاتل الذي يضع عصبة على جبينه، وينطلق إلى ساحات القتال للتضحية بكلّ غالٍ ونفيسٍ في سبيل القضية. لكن هناك جهاد من نوع آخر، وفي ساحات أخرى، وهو التضحية بالذات من أجل الآخر وحمايته، هو جهاد في الخفاء...

* سينما الجبهة
إنجاز سينمائيّ جديد يسجَّل للمخرج المبدع "إبراهيم حاتمي كيا"، وهو الذي حمل همّ الدفاع المقدّس، وانطلق بعد نهاية الحرب المفروضة على إيران، من عالم الجهاد بالنفس إلى ساحة الجهاد بالصورة، من خلال أفلامه السينمائيّة التي تمحورت حول سينما الجبهة، والتي كان آخرها فيلم "باديكارد" (الحارس الشخصي).

يعتبر فيلم "الحارس الشخصي"، من أحدث وأجود أفلام "حاتمي كيا"، فقد طرق باباً جديداً من أبواب الدفاع المقدس، وهو التضحية بالنفس من أجل الآخر، حيث يسلط الضوء على دور جهاز الحرس المكلّف بحماية الشخصيّات السياسيّة والعلميّة.

لم يسبق لحاتمي كيا أن خرج عن إطار المألوف في أفلامه، فقد تعوّدنا عليه في فيلم "الراصد والمهاجر" مقاوماً عنيداً، وفي فيلم "رائحة قميص يوسف" و"وصال الصالحين" معطاءً، ولكنه عندما فكّر في تقديم ما هو جديد، وهو ما عوّدنا عليه دائماً، أراد من خلال ذلك أن يسلّط الضوء على حياة هؤلاء الذين يعملون دائماً في الخفاء، ومن وراء الكواليس.

* عقدة الفيلم
الحاج حيدر (يقوم بدوره الممثل الفذّ برويز برستوي)، هو نموذج لهؤلاء الذين آمنوا بالمقدس وفدوه بأرواحهم. مهمّته حماية نائب رئيس الجمهورية؛ إذ يحرص الحاج حيدر بكلّ ما أوتي من مهارات أمنيّة وقتاليّة على تنفيذها، ولكن عندما تدخل السلطة في تسيير هذه المهمة، على من تكون عاقبة ما سيحصل؟؟

يسلّط الفيلم الضوء على حياة أحد المعنيين بحماية الشخصيّات، فمن نائب رئيس الجمهورية الذي يتعرّض لمحاولة اغتيال، إلى عالم نوويّ يكون ابن أحد أصدقاء العمر، هنا المهمة أصعب، فالحاج حيدر يفرّق بين أن يكون حارساً، أو مرافقاً شخصياً، وهنا تكمن عقدة الفيلم.

* الفيلم مرآة المجتمع
لقد جمع "حاتمي كيا" مواضيع عدة في فيلمه الأخير؛ إذ يعتبر أنّ الفيلم يجب أن يكون مرآة للمجتمع. لهذا، فقد أدخل في "باديكارد" مشكلة ترويج المخدرات بين الطلاب وآفاتها، كما تحدّث بوفاء عن دور العالم النووي وأهميّته في المجتمع؛ كونه ثروة قومية في تحيّة منه للشهداء النوويّين الذين اغتالتهم يد الغدر في إيران مؤخّراً.

في مرور سريع على بعض جوانب الفيلم، نرى أن الفيلم فيه وحدة الشخصيّة وهي الحاج حيدر، كما إنّ فيه الكثير من الإثارة والتشويق اللذين نراهما في الأفلام العالمية، وبالأخص مشاهد قتال الشوارع.

لــم تـكن المشــاهد الكوميدية التي مرّت في الفيلم لتضيف إليه قيمة معنويّة، وإن كان المخرج ينوي من خلال ذلك الخروج قليلاً من عالم الجدية الذي يفرضه الواقع الأمنيّ. فظهر الفيلم يحاكي الأفلام الأجنبية من حيث التكتيكات التي تستعمل عادة في عالم حماية الشخصيات، التدريب، حركة السيارات، التي بدأ "حاتمي كيا" يتقنها كما رأينا في فيلمه (چ).

ما يميّز "حاتمي كيا" عن غيره من المخرجين، أنّه يكتب السيناريو ويخرجه كما يراه، وهذا من عوامل نجاح الفيلم؛ إذ إنه يحقق الغاية والهدف بدقّة متناهية.

في "باديكارد"، أخذنا حاتمي كيا إلى منازل أولئك المجاهدين، الذين ينذرون حياتهم في سبيل القضيّة والتكليف، فالمجاهد مقاتلاً كان في الجبهة أو رجل أمن في المجتمع، يحمل دمه على كفّه، كما تتحمّل عائلته تبعات ذلك كلّه؛ فهو الذي يلبي عند الحاجة، ولا يتقاعس عن أداء الواجب، مثل العالم النوويّ ورجل العلم، فذلك أيضاً أصبح مستهدفاً؛ لأن العدوّ لم يعد ينظر إلى المقاتل على أنه هدفه فقط، بل تحوّل كل رجل علم إلى هدف أيضاً. وكان هذا كافياً ليجعل "حاتمي كيا" يقول عبر فيلمه: نحن لنا شهداء نفتخر بهم، ومن واجبنا أن نسلط الضوء على جهادهم. فهو الذي كان قد تصدى للحديث عن تاريخ الدفاع المقدس بعد انتهاء الحرب، مثلما كان قد بدأه مع رفيق دربه الشهيد "مرتضى آويني" من خلال توثيق لحظات الجبهة.

* أبطالنا موجودون في الواقع
لا فرق بين أن يكون المرء حارساً أو مرافقاً، فما دام هناك قضية يحملها فلن تضيع البوصلة، ولا فرق إنْ كان مَن نحميه هو ابن صديق، أو شخصيّة سياسيّة مرموقة، فما دام هو رمزاً للوطن، علينا أن نحميه؛ لأنّ الراية يجب أن لا تسقط، والهدف سيبقى نصب أعيننا. وكما عبّر سماحة القائد أن "لدينا من الأبطال ما يكفي لنفتخر بهم على كل الأمم، وليس كما يفعل الغرب بأن يصنع أبطالاً زائفين ليسوا موجودين في الحياة الواقعية".

اسم الفيلم: باديكارد
سيناريو وإخراج:
إبراهيم حاتمي كيا
بطولة:
برويز برستوي، ماريلا مزارعي، أمير آقايى، بابك حميديان
موسيقى:
كارن همايونفر
نال الفيلم جائزة أفضل فيلم وأفضل مؤثرات بصرية في مهرجان الفجر السينمائي، ونال برستوي جائزة أفضل ممثل. كما لقي إقبالاً كبيراً من قبل الجمهور، وكانت نسبة مشاهدته عالية.


(*) باحث في مجال السينما.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع