مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

المؤتمر الفكري "قراءات في النتاج العلمي للسيد هاشم معروف الحسني"


إعداد: محمد ناصر الدين‏


الاحتفاء بشخصية علمية فكرية في لبنان هو احتفاءٌ بشخصية تمسُّ الواقع الفكري والعلمي في إيران بشكل مباشر بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لرحيل السيد هاشم معروف الحسني (طاب ثراه) أقامت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت وبالتعاون مع مركز الإمام الصادق للبحوث في تراث علماء جبل عامل مؤتمراً فكرياً بعنوان "قراءات في النتاج العلمي للسيد هاشم معروف الحسني" في قاعة نزار الزين في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية بحضور ممثلين عن الرؤساء الثلاثة، ونواب وشخصيات وعلماء وأساتذة جامعيين. وتحدّث فيه مجموعة من العلماء والمفكرين على مدى أربع جلسات. تنشر مجلة بقية اللَّه ملخص أعمال هذا المؤتمر بعد أن تلتقي المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت السيد محمد حسين هاشمي لتسلِّط الضوء على بعض القضايا المتعلّقة بهذا المؤتمر.

* ما هو الهدف من إقامة مؤتمرات فكرية للعلماء في لبنان، وما هي خصوصية العلامة السيد هاشم معروف الحسني رضي الله عنه لإقامة مؤتمر فكري تكريمي له؟
إقامة المؤتمر حول العلاّمة الراحل السيد هاشم معروف الحسني يأتي في سياق الأهمية التي توليها المستشارية الثقافية لإحياء تراث العلماء والمفكرين لهذا البلد الطيّب لا سيما من جبل عامل. العلماء الكبار الذين خرجوا من هذه المنطقة والذين قدّموا للإنسانية وللعالم وللعالم الإسلامي بشكل خاص ثروة هي من أعظم الثروات وهي الثروة الفكرية العلمية التي جاءت عبر كتب ومؤلفات ومصنفات كثيرة تحفل بها المكتبة العربية والإسلامية. الاحتفاء بهذا التراث العظيم والكبير لهؤلاء العلماء وطرحه في نفس الوقت هو لفت أنظار الجيل الجديد لتراثه ولفكره وتاريخه وهو مسألة هامة نفكّر فيها بشكل جدّي، ويأتي هذا المؤتمر في الواقع انطلاقاً من هذا التصوُّر ولأجل هذه الأهداف التي ذكرتها ليرفع عنوان أحد أقطاب وعلماء جبل عامل الذين أثروا المكتبة الإسلامية والعربية بالكثير على صعيد التاريخ الإسلامي أو المعتقدات والمؤلفات التي تناولت الكلام الإسلامي والمواضيع القضائية والحقوقية في الإسلام والتي تناولها الراحل، وللراحل الكبير أكثر من عشرين مؤلَّفاً وهي الآن موجودة وفي متناول العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي ولها دور كبير ولها ثقلها وقد خرجت من لبنان لتدخل كافة المكتبات العالمية في إيران وباقي الدول الإسلامية، والاحتفاء بالسيد هاشم معروف الحسني احتفاء بفكره وتقدير لدوره العلمي ولمنهج خاص تميّز به من خلال مؤلفاته وما قدّمه وكتبه ومما طُبع ومما لم يُطبع. وقد تميّز بلهجة صريحة وجادة وبأسلوب جديد للقضايا المعاصرة وجرأة أدبية لطرح كثير من القضايا التي لا يجرؤ على طرحها بعض العلماء أو الكُتّاب.

* هل أن هذا المؤتمر يأتي ضمن سلسلة مؤتمرات فكرية تكريمية لعلماء الإسلام في لبنان أم أنه نشاط عادي من نشاطات أخرى تقوم بها المستشارية الثقافية الإيرانية؟
تكريم العلماء والاحتفاء بهذه الصفوة المباركة من القادة الفكريين والمفكرين والعاملين هو دأبنا وإن المستشارية الثقافية انطلاقاً مما ذكرته أننا نريد بطرح أفكارهم أن نحتفي بهم أولاً وبقيمهم المتميّزة ولما بذلوه من جهود جبّارة في مجال العلم والفكر والثقافة الإسلامية ومن ثم نريد أن يكون هناك صدى لهذا الموضوع في الوسط الشعبي والجماهيري في العالم العربي والإسلامي، وهكذا نريد أن يكون شبابنا والجيل الجديد أيضاً متواصلاً مع الجيل السابق وفي موقع يؤهّله ليعرف تاريخه وتراثه ويتدبّر شأنه الحاضر ليبني للمستقبل، والاهتمام والاحتفاء بهذه الشخصيات يأتي في سياق برنامج متواصل من قِبل المستشارية وقد احتفت بشخصية فكرية سابقاً وهو الشهيد الثاني رضي الله عنه بمؤتمر علمي أُقيم قبل سنتين أو أقل وهناك مؤتمرات سنقيمها ومصمّمون على إقامة مؤتمر كل ستة أشهر نحتفي فيه بشخصية علمية فكرية تُسلَّط الأضواء فيه على نتاجات هؤلاء وما قدّموه. ومن خلال طرح هؤلاء النخبة العلمية والفكرية نحقّق هدفاً آخر أيضاً ويتعلّق بالتبادل الفكري بين إيران ولبنان لأن صرح جبل عامل هو صرح كبير وعظيم وتواصل مع إيران منذ قرون وليس جديداً، والعلماء في لبنان لعبوا دوراً كبيراً في إيران، فعندما نقيم تكريماً معيناً لعلماء ففي الواقع هو تكريم لعلماء لعبوا دوراً أيضاً في إيران ولهم صدى في إيران إمّا من خلال حضورهم في إيران أو أن كتبهم ترجمت إلى الفارسية وهي في متناول يد العلماء والحوزات العلمية والأوساط الفكرية الأخرى.

* ما هي النتائج التي حققها هذا المؤتمر؟
بشكل عام أستطيع القول أن المؤتمر كان ناجحاً وللَّه الحمد، فالنخب الثقافية والعلمية والفكرية التي اجتمعت لأجل هذا الموضوع من خلال المؤتمر وما طرحوه من مقالات ومداخلات تناولوا فيه فكر السيد هاشم الحسني ومؤلفاته كان هناك احتفاءٌ بالمؤلفات التي تخلّده واحتفاء رسمي بهذا المؤتمر والراحل تمثّل بحضور ممثلي الرؤساء الثلاثة وكانوا حريصين على حضور هذا المؤتمر وإنجاحه وحضور كثيف للمثقفين والمفكرين وطلاب الجامعة، وكان هناك انعكاس وصدى كبير في الأوساط الإعلامية داخل وخارج لبنان وعبر بعض الفضائيات وتركيز من قِبل الإذاعة والتلفزيون الإيراني لنقل الصورة إلى داخل إيران وهذا نوع من نجاح المؤتمر وأننا قد أصبنا أهدافنا من المؤتمر وطرح شخصية مفكرة وعالمة وفاضلة كالراحل وإيجاد الاهتمام اللازم بهذه الشخصية من خلال الإعلام ومن خلال ما طرحه الأكاديميون والذين شاركوا في المؤتمر.

* هل هناك مشروع لترجمة الآثار العلمية للعلامة الراحل إلى لغات أخرى غير العربية؟ ولنشر الآثار العلمية التي لم تُنشر حتى الآن؟
الأمر الأول الذي سنقوم به هو طباعة المقالات والمداخلات التي طُرحت في المؤتمر لتخرج هذه المجموعة في كتاب يختص بالمؤتمر وسيكون شاملاً لكل ما طُرح فيه. الأمر الثاني سنتعاون مع أنجال الراحل ومساعدة الأخوة لطباعة ما يمكن طباعته مما لم يُنشر من مؤلفاته رضي الله عنه. الأمر الثالث فيما يتعلق بموضوع الترجمة فأحد كتب الراحل قد تُرجم إلى اللغة الفارسية رغم أنه في إيران لا حاجة للترجمة في الوسط العلمي أو الحوزوي لأنهم يقرأون العربية أما الوسط الشعبي فينبغي ترجمة هذه المؤلفات ونحن نستطيع ذلك إذا ما أقدمت مؤسسة معينة لتتصدّى لهذا الشأن ونحن نرحب بذلك من خلال هذا اللقاء وندعم هذا العمل لترجمة آثار العلماء إلى لغات أخرى.

* يُلاحظ اهتمام الجمهورية الإسلامية الدائم بإقامة مؤتمرات فكرية وتكريمية من هذا النوع للعلماء في لبنان، فما هو مؤشِّر هذا الاهتمام؟ وما هي دلالاته؟
اهتمام الجمهورية الإسلامية بهذا الأمر جاء في الواقع بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية وبتوجيهات من سماحة الإمام الراحل الخميني قدس سره وهكذا توجيهات الإمام الخامنئي دام ظله وتوجيه خاص من القيادة الإسلامية في إيران للاحتفاء بالعلماء المفكرين وأصحاب الفكر وطرح هؤلاء بشكل مستمر داخل المجتمع لإيجاد نوع من الحركة الفكرية والتلازم بين المجتمع وبين المفكرين والمؤلفين ومن قدّموا ومن يقدّمون، هناك مسألة أخرى وهي أن توجيهات القيادة الإسلامية أخيراً وتوجيهات سماحة الإمام القائد للاحتفاء بالشخصيات الحيّة أيضاً ولا ينطبق فقط على الماضين، وفي إيران يحتفى بالعلماء في حياتهم وقبل موتهم وتكرَّس لذلك مؤتمرات ولقاءات فكرية وعلمية فيؤتى بالشخصية العلمائية وتكرَّم من قبل المؤتمرين والمسؤولين. والالتفاتة من الجمهورية الإسلامية للعلماء والمفكرين لا تنحصر في إطار الجمهورية الإسلامية وحدودها، فهذا الموضوع يشمل العالم الإسلامي بأجمعه. وإيران تفكّر بكافة المثقفين والمفكرين والعلماء ومن قدّموا للعالم العربي والإسلامي لأننا نشترك في حضارة وفكر وأسس واحدة لذلك لا ننطلق من منطلقات ضيِّقة، وهناك لبنان وباقي الدول الإسلامية وكلها تشترك معنا في قواسم فكرية وعلمية وثقافية وإسلامية مشتركة، لذلك الاحتفاء بشخصية علمية في لبنان هو احتفاء بشخصية تمسّ الواقع الفكري والعلمي، في إيران بشكل مباشر.

* إضاءة على المؤتمر الفكري "قراءات في النتاج العلمي للسيد هاشم معروف الحسني"
تحدث في الافتتاح المستشار الثقافي الإيراني السيد محمد حسين هاشمي فأشار إلى أن إقامة المؤتمر يأتي في إطار اهتمام المستشارية الثقافية بتراث هذا البلد الطيب وما قدمته النخب الثقافية والفكرية والعلمية من تراث قيّم هو ملك للإنسانية جمعاء. ثم تحدث رئيس مركز الإمام الصادق عليه السلام للبحوث في تراث علماء جبل عامل الشيخ حسن بغدادي فاعتبر أن المؤتمرات الفكرية التي تعقد لتكريم هؤلاء الأفذاذ غير وافية لأنها لا تبحث جميع الجوانب العلمية لنتاجات هؤلاء العلماء، وتكريمنا اليوم للعلامة السيد هاشم معروف الحسني هو جزء من التزامنا بهذا المنهج، وهو السبب الذي دعانا إلى تأسيس مركز، يهتم بتراث علماء جبل عامل وتحدث سماحة السيد إبراهيم أمين السيد رئيس المجلس السياسي في حزب اللَّه ممثلاً الأمين العام لحزب اللَّه سماحة السيد حسن نصر اللَّه مشيراً إلى أننا نكرم العلامة الكبير في هذا المؤتمر، هذه الشخصية المتميزة النادرة التي نحتاجها في كل زمن وهي شخصية العالم الفقيه والمجاهد أيضاً والعالم المجاهد الذي حمل قضايا الإسلام والأمة وحمل قضايا الناس في مقابل الطواغيت، ما تحتاجه الأمة وخصوصاً في هذه المرحلة المهمة هم العلماء المجاهدون أعظم ما نفتخر بعلمائنا هو حضورهم وجهادهم في هذه الساحة. ثم تحدث وزير الثقافة غسان سلامة ممثلاً رئيس الجمهورية العماد اميل لحود فقال: في إطار ما قرأته من سيرة العلامة السيد هاشم، منذ أن بارح جنّاتا الجنوبية للدراسة في النجف الأشرف وللمدارسة والمباحثة في المصنفات الفقهية الخارجة، آنذاك عن برامج الدراسة المقررة، ثم عودته إلى لبنان، وممارسته رسالته السامية كرجل دين في جبل عامل، ثم توليه القضاء الجعفري، والانكباب على تصنيف المؤلفات في منهج تنظيمي مشهود للوقت والجهد، قد حفظت فوق اهتمامي بسيرة الرجل الشخصية تقديري لذهنه الوقاد ولنظرته الموضوعية إلى أحداث التاريخ، ولدقة موازينه الفقهية. وتابع المؤتمر الفكري أعماله في اليوم الثاني، حيث عقدت أربع جلسات على مدى يوم كامل.

وتحدث في الجلسة الصباحية الأولى الدكتور حسن عواضة عن نظرية العقد في الفقه الجعفري، من خلال بحث مقارن مع القوانين المادية، وتلاه نائب أمين عام حزب اللَّه سماحة الشيخ نعيم قاسم الذي قدّم بحثاً بعنوان "أضواء على كتاب سيرة الأئمة الإثني عشر عليهم السلام للعلامة السيد هاشم معروف الحسني قدس سره" فاعتبر أن الكتاب يتميز بأنه جمع بين دفتي مجلده نبذة عن حياة الأئمة الإثني عشر والسيدة خديجة رضي الله عنها، والسيدة الزهراء عليها السلام وقد شملت كتاباته أبرز المحطات والأحداث من الولادة إلى الوفاة بما يسر للقارئ‏ فكرة إجمالية معقولة تعرِّفه على شخصية كل واحد من الأئمة الأطهار عليهم السلام، بإيجاز ينفع المطلعين. كما وحاضر الدكتور خضر محمد نبها عن الفكر الكلامي الإمامي للسيد هاشم معروف الحسني من خلال كتابه الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة. وتحدث الشيخ حسين درويش حول "السيرة الذاتية للسيد هاشم معروف الحسني" وجرت بعدها مناقشة الأبحاث. أما في الجلسة الثانية فتحدث فيها الدكتور عبد المجيد زراقط عن سيرة الأئمة الإثني عشر عليهم السلام البحث وخصائصه المنهجية. تحدث بعد ذلك الدكتور علي الشامي في دراسة توثيقية في الانتاج الفكري للسيد الحسني. من جهته سماحة السيد محمد الغروي تناول موضوع الأحاديث الشريفة لدى السنّة والشيعة في مؤلف السيد هاشم (دراسات في الحديث والمحدثين) تلاه الدكتور علي زيتون الذي قدم محاضرة بعنوان "هاشم معروف الحسني ومقاربة علم الكلام". وفي الجلسة الثالثة تحدث الدكتور عفيف شمس الدين الذي تناول موضوع البحث المقارن في العقود بين الفقه والقانون المدني من خلال كتاب السيد هاشم "نظرية العقد في الفقه الجعفري" تلاه الدكتور حسن عباس نصر اللَّه الذي سلط الضوء على موضوع "هاشم معروف الحسني في الانتفاضات الشيعية مشروعية ومستويات. ثم تحدث الدكتور يوسف طباجة عن سيرة المصطفى للسيد الحسني مقارنة بالسيرة النبوية لابن هشام والسيرة الحلبية (دراسة في النهج).

وكانت الكلمة الأخيرة في الجلسة الثالثة للشيخ علي خازم الذي تناول في بحثه "تاريخ الفقه الجعفري للسيد هاشم، قراءة في المراحل والأطوار المختلفة". وبعد مناقشة الأبحاث جرت الجلسة الأخيرة بمحاضرة لسماحة الشيخ جعفر المهاجر الذي تناول "السيد هاشم معروف الحسني مؤرخاً: كتابه (سيرة المصطفى) نموذجاً، فأشار إلى أن السيد هاشم يمتاز بتعدد الاهتمامات بين الفقه والحديث والفلسفة والتاريخ والسيرة. ثم تحدث الدكتور إبراهيم بيضون عن إشكالية الفقيه المؤرخ قراءة في الكتابات التاريخية للعلامة السيد هاشم معروف الحسني حيث أشار إلى أنه وبعيداً عن المشاعر، نجد صعوبة في محاولة فصل السيد المؤرخ عن شخصيته الذاتية. والكلمة الأخيرة في الجلسة كانت للنائب الحاج محمد رعد الذي قدم بحثاً بعنوان منهج كتابة التاريخ من خلال سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله نظرة جديدة للعلامة السيد الحسني، فاعتبر أن المدقق في سيرة المصطفى بنظرة جديدة لهذا الباحث الجليل يجد أنه منساق عفواً للإقرار بمعالم مميزة لمنهج رشيد في تقديم الأحداث الماضية وكأنها من الوقائع البينة والحارة التي تأسرك بترابطها وتسلسلها وأبعادها. بعد ذلك جرت جلسة مناقشات عامة لأعمال المؤتمر.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع