مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

شباب: مساحيق تلويث..لا تجميل!

ديما جمعة فواز


تمعّنت لبنى بملامح صورتها المنعكسة في المرآة. أنيقة هي كالعادة ولكنها اليوم لم تكن مقتنعة تماماً بمظهرها.. ربطت خصلات شعرها وخبّأتها تحت المنديل الأخضر. تراجعت بخطوات بطيئة ثم اقتربت تتفحّص وجهها بغضب بينما تذكّرت عبارات ابنة خالتها رندا:
"حجابك لا يتنافى مع التجمّل.. لا بأس ببعض الكحل في العين، والأحمر على الشفتين كي لا تَبْدُوا ذابلتين، أضيفي القليل من البودرة لإخفاء التعب عن الوجه، ومن الجيد أن تزيدي بعضاً من اللون الأحمر على الخدّين..".


 أمسكت بأصابع مرتعشة علبة مساحيق التجميل التي قدّمتها لها رندا ونصحتها باستخدامها. بدت الألوان زاهية ولامعة. وتراءى لها وجه رندا المرسوم بعناية الريشة. لم يكن يوماً حجاب رندا مانعاً دون تزيّنها وكلّ يوم تبدو أجمل ممّا سبقه... وسرعان ما تذكّرت قلق ابنة خالتها صباح اليوم، فقد ظهرت بثرة غريبة الشكل على أنفها، حاولت أن تُخفيها بمختلف المساحيق دون جدوى.. ولم تُفلح محاولات لبنى في إقناعها أن تتناساها، بل على العكس، سخرت منها رندا وأهدتها علبة الماكياج الخاصّة بها وتحدّتها أنْ تضع المساحيق قبل خروجهما الليلة لزيارة الجدة، وستجد حتماً الفرق وتدرك أهمية التجمّل حسب قولها..

"لست مضطرّة أن أتنازل عن قناعاتي لإرضاء أحد!"، همست لبنى بإصرار وسرعان ما حشرت علبة الماكياج في حقيبتها.. هي منذ نعومة أظفارها ملتزمة بالحجاب الشرعيّ، ولن توافق الليلة على عمل يغضب الله.. وتوجّهت لزيارة الجدة..

هناك، كانت العائلة مجتمعة، بحثت عن رندا فوجدَتها جالسة في زاوية الغرفة، مطأطئة رأسها أرضاً.. اقتربت منها لبنى متسائلة: "ما بك؟ كنت صباح اليوم سعيدة ما الذي حصل؟". رفعت ابنة خالتها وجهها بخجل، بدا شاحباً وخالياً لأول مرّة من كل المجمّلات التي تستخدمها، وظهرت عشرات البثور الغريبة على جبهتها الواسعة وخدّيها التي حاولت أن تخفي بعضها بكمّها الطويل وهمست بخوف: "هل استخدمت مساحيق التجميل التي أعطيتك إياها؟ ردّي بسرعة؟!" هزت لبنى رأسها بالنفي، فأكملت رندا حديثها الذي اختنق ببحّة ألم وحزن: "ذهبت إلى طبيب الجلد اليوم وأكّد لي أنّ هذه الحبة هي نتيجة جرثومة سريعة العدوى، وينبغي أن أمتنع تماماً عن وضع مساحيق التجميل، لأنها ستتكاثر كما ترين.. سأبقى بهذا المظهر حتى تختفي تلك البثور المقزّزة! كمْ قلقت أن تكون الريشة التي استخدمتُها لامست بشرتك.. لكنتِ أصبتِ بالعدوى! ولما كنت سامحت نفسي يا عزيزتي".

هدّأت لبنى من روعها وأخرجت العلبة التي قدّمتها لها رندا صبيحة اليوم من حقيبتها وأعادتها لها هامسة:
"لا، لم أستخدمها وأتمنّى عليكِ أن ترميها.. أتعرفين لماذا؟ لأنّك ستمتنعين لأسابيع عن وضع مساحيق التجميل بناءً على توصية الطبيب، بينما ينبغي أن تمتنعي عن استخدامها بناء على أمر الله.. تلك المجمّلات لا تؤذي فقط الوجه إنّما تلوّث القلب.. دعكِ منها يا عزيزتي، فأنتِ الآن رغم هذه الحبوب تبدين أجمل!".
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع