عفاف سعد الدين
تعتبر مشكلة التدخين إحدى مشكلات العصر الحالي وليست مشكلة التدخين مشكلة مجتمع بعينه أو قطاعٍ أو فئة في المجتمع، ولا يمكن القول بأنها مشكلة صحية فقط بل هناك جوانب اقتصادية واجتماعية ونفسية وشرعية... ورد في تقرير منظمة الصحة العالمية (WHO)، أن التدخين يعد أخطر من أمراض السل والجذام والطاعون مجتمعة وأن صحة الإنسان سوف يظل يتهددها الخطر طالما لن يتحقق الوصول إلى عالم خال من التدخين. والذين يموتون بسبب التدخين كل عام يفوق عدد الذين قتلوا طيلة السنوات الست للحرب العالمية العظمى الأخيرة!
والتدخين أسوأ من إدمان المخدرات فعدد الوفيات من جراء التدخين يصل إلى ثلاثة ملايين إنسان في العام طبقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية وهذا الرقم يزيد ضعف ضحايا المخدرات. لماذا يهتم العالم كثيراً بضحايا الحروب المختلفة والحوادث والكوارث الطبيعية ولكنه يتقبل بغير اكتراث أضعاف هذه الأرقام من وفيات التدخين؟؟ لقد ثبت علمياً التأكيد على الصفة المرضية للتدخين، فهي صفة مرضية تعرف (بالاعتماد على التبغ) وكذلك (الانسحاب من تعاطي نيكوتين التبغ).
1- عدم القدرة على التخلي عن التدخين تماماً أو التقليل منه بطريقة ملحوظة رغم المحاولات المتكررة لذلك.
2- إذا توقف الفرد عن التدخين في هذه الحالة قد تظهر عليه بعض الأعراض النفسية والبدنية.
3- قد يستمر المدخنون في عادة التدخين رغم علمهم بأنه قد يؤثر على زيادة معاناتهم من بعض الأمراض العضوية الخطيرة التي أصيبوا بها بالفعل مثل أمراض القلب والرئة.
أما أعراض الانسحاب من التدخين فإنها تبدأ مباشرة عبر التوقف المفاجئ عن التدخين أو عند التقليل بدرجة ملحوظة من كمية السجائر التي اعتاد المدخن على استخدامها في الفترة السابقة، وفي هذه الحالة تبدأ المعاناة من أعراض نفسية وبدنية مختلفة ويوجد أربعة من هذه الأعراض على الأقل في كل حالة وهي:
1- الميل الشديد إلى التدخين والرغبة في العودة إلى السيجارة.
2- العصبية الزائدة.
3- الشعور بالقلق والتوتر.
4- ضعف القدرة على التركيز في الأنشطة العقلية كالمذاكرة والعمل.
5- الإحساس بعدم الارتياح.
6- آلام الرأس (الصرع).
7- الدوخة والغثيان.
8- اضطرابات المعدة.
وتبدأ هذه الأعراض عادة في خلال ساعات من التوقف عن التدخين وقبل مضي 24 ساعة في الغالب من بداية الاقلاع وقد تستمر لمدة تتراوح بين أسبوع وثلاثة أسابيع في المتوسط في حالة الاعتماد التي كانت تعرف سابقاً بالادمان وكذلك في حالة الانسحاب فهي مشكلة طبية ونفسية حقيقية حتى وإن لم تكن مصحوبة بالأضرار والأمراض المعروفة التي تنشأ عنها مثل أمراض القلب والرئة والسرطان. فمرض القلب والشرايين ينتج عنه سرعة في ضربات القلب وهذا ناتج عن تأثير مادة النيكوتين المباشر على عضلة القلب، كما يتسبب في زيادة ضغط الدم ويتسبب غاز أول أوكسيد الكربون في تغيير خواص الدم وتقليل كفاءته لنقل الأوكسجين إلى أنسجة الجسم، حيث يتحد مع مادة الهيموكلوبين التي تؤدي هذه الوظيفة لتكون مركب (كاربوكسي هيموكلوبيني) الذي لا يساعد على نقل الأوكسجين وقابلية الدم للارتباط مع هذا الغاز السام تفوق قابليته للارتباط مع الأوكسجين بمقدار 250 مرة حيث احتمالات الذبحة والجلطة نتيجة انسداد الشريان التاجي الذي يغذي عضلة القلب.
* آثار صحية أخرى للسيجارة:
تؤثر المواد الكيمياوية الضارة في السجائر على وظائف الغدد الصماء بالجسم فتحدث بها خللاً وظيفياً ينتج عنه زيادة في افراز الهرمونات الأنثوية مثل الاستراديول ويسبب ذلك في الرجال الضعف الجنسي المبكر كما يؤثر على جهاز المناعة بالجسم ضد غزو الميكروبات، حيث يؤثر على الخلايا الطبيعية القاتلة للمكيروبات، وكذلك تتأثر العين بالتدخين بتأثر وظيفة الرؤية وصعوبة تمييز الألوان خصوصاً اللون الأخضر والأحمر.
صدق أو لا تصدق: 599 مادة داخل السيجارة
جاء في مقال نشرته إحدى المجلات العلمية الأميركية عن إضافة بعض المواد إلى التبغ بواسطة شركات إنتاج السجائر الأميركية الكبرى حيث تم توجيه اتهام إلى صناعة التبغ بالتلاعب بمستويات النيكوتين في السجائر لزيادة حالة الإدمان عند المدخنين وإضافة قائمة طويلة لمواد يتم إضافتها للتبغ محتفظة بسريتها على مدى سنوات وعددها 599 مادة ويقول الخبراء أنها مواد ضارة رغم ادعاء شركات السجائر أن 98% من هذه المواد تمت الموافقة عليها من هيئة الغذاء والدواء FDA.
* التدخين عند السيدات أثناء الحمل:
تؤكد الدكتورة مريم سليم أستاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية على وجود آثار نفسية على الجنين بسبب تدخين الأم الحامل "فعند ولادة الطفل المتعرض للنيكوتين من قبل الأم أثناء الحمل يكون الطفل متوتراً عصبياً لديه مشاكل بالتنفس ويكون زائد الحركة Hupper-Active، وتؤدي هذه الحالات لدى الأطفال المعرضين للنيكوتين وهم أجنة إلى عدم القدرة على التركيز والانتباه وكثرة الحركة وكذلك الحال في التدخين السلبي حينما تتعرض الأم الحامل إلى استنشاق النيكوتين أثناء كونها في غرفة مغلقة فيها مدخنون لتأثرها بنسبة 65% فيجب مراعاة ذلك".
التدخين السلبي الإجباري:
هو استنشاق لدخان تبغ الآخرين وهؤلاء يعانون من آثار تشبه تماماً تلك التي تظهر على المدخنين ولكن دون ذنب، والإحصائيات أكدت وجود أعداد متزايدة من الوفيات نتيجة لأمراض ناجمة عن التدخين في غير المدخنين ما يشير إلى الخطر الذي يعانيه المخالطون للمدخنين كالأطفال وغيرهم.
* الرأي الإسلامي في التدخين
قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ لقد حسم أهل الاختصاص الطبي الأمر إلا أن هذا الأمر لم يحسم قطعياً لدى أهل الشرع فإن حكم شرب الدخان بصفة عامة يدور عند الفقهاء بين الحرمة والكراهة. هذا في المجال الصحي أما اقتصادياً فيقول الإمام الخميني قدس سره: "شارب الدخان مسرف".
* أما الحل في الإقلاع عنه لمن يريد ذلك فنقول:
إنها الإرادة والرغبة الصادقة وتحديد موعد زمني كبداية للإقلاع ولا تشك في أن بوسعك الاستغناء عن السيجارة والإقلاع ليس مسألة شاقة ولا مستحيلة ولا تشكل أي تهديد للصحة ولا تؤدي إلى معاناة نفسية... ضع برنامجاً بحيث تقلل عدد السجائر المعتاد شربها يومياً بمعدل سيجارتين من خمس سجائر أي باعد بالمسافة الزمنية بين كل سيجارة وأخرى... وفي الوقت نفسه وجه اهتماماتك لأشياء أخرى مفيدة يمكن القيام بها... مثلاً ممارسة الرياضة، السباحة أو المشي في الهواء الطلق... اسأل نفسك مع كل سيجارة هل أنا محتاج إليها وجرب أن لا تدخنها وتنفس بعمق بدلاً من إشغال السيجارة.
بعد ثلاثة أيام حاول أن ترفع من علبة السجائر وتقلل منها حوالي 6 سجائر وفي اليوم الذي يليه 14 سيجارة وفي اليوم السادس ارم بالعلبة والكبريت في مكان بعيد لا يمكن الوصول إليه، وكافئ نفسك بتناول شيء محبب ... لديك... اليوم السابع لا تدخن لمدة 24 ساعة اجمع نقودك وضعها في حساب حتى يمكن أن تكافئ نفسك بهدية كبديل للسجائر وعليك عدم التفكير بالتدخين أو الرجوع إليه ثم أعلن نجاحك بالإقلاع عن التدخين واحتفل بذلك مع الآخرين.