مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

سيرة: النبي صلى الله عليه وآله الشهيد المسموم‏


كمال زهر


﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ...(المائدةر82).

* عقائد يهودية:
لقد بدأ اليهود حربهم على الإسلام منذ أول يوم ظهوره، وكانوا وما زالوا يحقدون عليه، نتيجة لاعتقادهم بأنهم شعب اللَّه المختار، بل أنهم جزء من اللَّه. وقد ساعدت على ذلك كثير من الأمور التي جاءت في تلمودهم، كحرمة التحية على غير اليهودي إلا أن يخشوا ضررهم، وجواز سرقة غير اليهودي، وغشه. وجواز التعدي على عرض الأجنبي وعدم جواز الشفقة على غيرهم(1)، وغير ذلك من أمورٍ... كشدة تعلقهم بالحياة الدنيا وحبهم لها، وربما ساعد على ذلك ضعف إيمانهم بالبعث والقيامة بسبب عدم صراحة توراتهم بها، كما أن ذلك كله قد يكون هو السبب في كونهم شعباً جباناً، يخشى الموت، ويرهب الأخطار، لأنه يرى بالموت خسارته الحقيقية، ومن طبع الجبان أن يتعامل مع خصومه بأساليب المكر والخداع، والغدر والخيانة بالدرجة الأولى(2)...

* بعض الدوافع والأساليب:
حين جاء الإسلام قرر اليهود مواجهته بالرفض والعناد، فاعتبروا هذا الإسلام هو العدو اللدود لهم ولا بد من السعي لهدمه وتقويض بنيانه، وخاصة حينما وجدوا أن هذا النبي صلى الله عليه وآله يدعو الناس إلى نظام كامل وشامل للحياة، اجتماعي، واقتصادي، وسياسي وغير ذلك، مما لا ينسجم مع أطماعهم وأهدافهم ومصالحهم، بل هو أظهر كذبهم، وأبطل أساطيرهم، وبيَّن لهم أن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، ثم حسدهم للعرب بأن يكون النبي الذي تعد به توراتهم ليس إسرائيلياً، وأنه أفضل من النبي موسى عليه السلام ومن سائر الأنبياء، وغير ذلك من أمور جعلتهم يحاولون مواجهة المد الإسلامي الكاسح بكل ما لديهم من قوة وحول... فأخذوا يشبهون على العوام، ويشككون ضعاف النفوس بالإسلام، ويمالئون أعداء الإسلام، ويلجأون إلى أسلوب الضغط الاقتصادي على المسلمين، ويثبطون الناس عن الخروج إلى الحرب مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله(3).

وتطورت الأمور شيئاً، فشيئاً... إلى الحروب العلنية التي كانت بسبب خياناتهم المتكررة للمسلمين، فأَرغمت أنوفهم، وهَدَّمت بنيانهم، ومزقت شملهم، وكان أشهرها غزوة خيبر التي شكلَّت الضربة القاضية للتواجد اليهودي في المنطقة، ولم يبق لهم كيان يُذكر بل أصبحوا ضعفاء يعيشون في ظل الدولة الإسلامية ويدفعون الجزية عن يدً وهم صاغرون.

* محاولات لاغتيال النبي صلى الله عليه وآله
وكعادتهم، فإن اليهود أخذوا يحيكون المؤامرات ولكن بطريقة ثانية حينما رأوا أن المسلمين لا تثنيهم المصاعب والمشقات مهما عظمت، والإسلام يزداد قوة ونفوذاً يوماً بعد يوم، لم يعد يقر لهم قرار، أو يطيب لهم عيش، إذ كان لا بد بنظرهم من القضاء على هذا الدين، فحاولوا اغتيال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بالسم وغيره عدة مرات، ويمكن القول بأن فئات مختلفة (من المنافقين) قد تعاونت على ذلك بعد أن رأت أن مصالحها تلتقي على هذا الأمر، فبُذلت المحاولات كمحاولة اغتياله صلى الله عليه وآله في بني النضير، ومحاولة قتله في خيبر بالسم، وقبلها محاولة تنفير الناقة برسول اللَّه صلى الله عليه وآله بالعقبة، ونجد في بعض الروايات أنه بذلت محاولات في المدينة أيضاً لاغتياله صلى الله عليه وآله وربما فشلت محاولاتهم مرة أو أكثر ولكن تحققت أمنياتهم أخيراً، فمات صلى الله عليه وآله شهيداً بالسم...

* نصوص مأثورة:
نجد أن هناك الكثير من النصوص التي تؤكد على موت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله شهيداً بالسم، وعند كافة المسلمين. فقد روي عن ابن مسعود أنه قال: لأن أحلف تسعاً أن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قتل قتلاً أحب إليّ من أن أحلف واحدة، وذلك أن اللَّه سبحانه وتعالى اتخذه نبياً وجعله شهيداً(4).

وروي عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه: أن الحسن عليه السلام قال لأهل بيته: "إني أموت بالسم كما مات رسول اللَّه صلى الله عليه وآله..."(5). وعن الشعبي قال: لقد سُم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله... وقال الشيخ المفيد رحمه اللَّه: وقبض صلى الله عليه وآله بالمدينة مسموماً...

وقال الشيخ الطوسي مثله والشيخ الصدوق في اعتقاداته(6)... وأكثر الروايات التي تحدثت عن ذلك قالت أن يهودية دسَّت له السم، في ذراع شاة أو ما شابه... فقد جاء في التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام ما ملخصه: أنه لما رجع النبي صلى الله عليه وآله من خيبر، جاءته امرأة يهودية قد أظهرت الإيمان بذراع مسمومة. وعن أنس أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وآله بشاة مسمومة فأكل منها، فجي‏ء بها إلى رسول اللَّه فسألها عن ذلك فقالت أردت لأقتلك، وعن أبي هريرة أنه حين فتحت خيبر أهديت لرسول اللَّه شاة فيها سم(7).

وعن عائشة أنه صلى الله عليه وآله قال في مرضه الذي توفي فيه: إني أجد ألم الطعام الذي أكلته في خيبر، فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم. وفي نص: ما زالت أكلة خيبر تعاودني في كل عام(8)... وفي رواية عن الإمام علي عليه السلام: "أنه يقال للمرأة اليهودية عبدة، وأن اليهود هم الذين طلبوا منها ذلك"(9)...

وغير ذلك الكثير من النصوص التي تجعل أصابع الاتهام تتوجه إلى اليهود. وهكذا تبقى الشبهة القوية بل اليقين يحوم حول كل أولئك ولا سيما مع وجود نصوص صحيحة السند عند الشيعة والسنّة تؤكد على هذا الأمر، أضف إلى ذلك تاريخ اليهود المعروف بقتل الأنبياء، وطمس الحقائق وتزييفها، وعداوتهم للإسلام والمسلمين، بل لكل الرسالات السماوية والرسل والصالحين... وما نشهده اليوم من إجرام ومجازر يمارسها اليهود ما هو إلا الشي‏ء القليل عن صورتهم الحقيقية التي رسمها لنا القرآن الكريم، وعن مكرهم وحقدهم، لا سيما وهم يعيشون في قلب المجتمع الإسلامي، ويتربصون به الدوائر، ويترصدون به الفرص.


(1) الكنز المرصود ص‏48 106 ومقارنة الأديان لأحمد شلبي، ص‏272 274.
(2) مقارنة الأديان (اليهودية)، ص‏199 و200.
(3) رسائل الجاحظ (رسالة الرد على النصارى)، ص‏14 اليهود في القرآن، ص‏28.
(4) طبقات ابن سعد، ج‏2، ص‏201.
(5) مناقب آل أبي طالب، ج‏3، ص‏25.
(6) المقنعة، ص‏456، البحار، ج‏22، ص‏514.
(7) المغازي للذهبي، ص‏362، صحيح البخاري، ج‏5، ص‏179.
(8) المستدرك على الصحيحين، ج‏3، ص‏58.
(9) الأمالي للصدوق، ص‏135.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع